أبيات قصيدة الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة
ولد الشاعر الكبير، الشيخ أحمد بن محمد بن خليفة بن حمد آل خليفة، في عام 1348 هـ (1929)، في قرية الجسرة، ينتمي إلى فرع من عائلة آل خليفة، التي تحكم البحرين، في سن الثلاث سنوات انتقلت عائلته إلى قرية الزلاق حيث نشأ وعاش طفولته وصباه حتى العام 1951م.
بدأ تعليمه في المنامة، حيث درس في المدارس الرسمية حتى إكماله المرحلة الثانوية، ومن ثم اتجه نحو تعلم اللغة العربية بشكل أعمق من خلال دروس أخذها من عدد من الأساتذة المتخصصين.
في شبابه، شغل الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة عدة وظائف حكومية، ثم اتجه نحو مجال الأعمال الحرة، ومع مرور الوقت قرر التفرّغ لشغفه بالشعر والأدب، حيث برع في هذا المجال وأسهم بإثراء الأدب العربي بإبداعاته.
تاريخ وفاته كان في 29 مارس 2004 م (8 صفر 1425 هـ)، وترك وراءه إرثًا ثقافيًا غنيًا من الشعر والأدب، وظلت قصائده تعبر عن الثقافة والتراث والواقع الاجتماعي للبحرين والمنطقة.
بعد أن انتقلت قبيلة الدواسر من البحرين إلى المملكة العربية السعودية، وبعد انتهاء الحرب الشرسة التي خاضوها ضد الإنجليز وأبلوا فيها بلاء حسناً، كتب الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة هذه القصيدة المؤثرة.
تبرز أبيات قصيدة الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة الجهود التي بذلها الدواسر والتضحيات التي قدموها خلال ذلك الصراع، وتعكس قصيدة الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة المكانة السامية التي تحظى بها قبيلة الدواسر في علاقتها مع آل خليفة وأهل البحرين.
إن رحيل الدواسر من البحرين يُعَدُّ خسارة كبيرة، وهذه القصيدة تُظهر مدى الاعتزاز بمساهماتهم وروحهم الوطنية.
أبيات قصيدة الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة
(بديع) أهـلا يـا عـريـن (الـدواسـر) | فهل قد تبقى بعـدهـم مـن مـأثـر؟ |
فيـا طـالـمـا طـوفـت فـي عـرصـاتـهـا | صغيرًا على تلك الضفاف النواضر |
رأيـت بـهـا مـذ نـصـف فقرن مـنـازلًا | بهـا غـرف مـثـل الـنـجـوم الـزواهـر |
مـنـازل لـلأضيـاف كـانـت تـؤمـهـا | ركـاب حـمـتـهـا مـن سـمـوم الـهـواجـر! |
لـك الله يـا أرض الـدواسـر أنـنـي | لـفـي حـيرة مـمّـا تـراه نـواظـري |
لقـد هـجـروهـا أهـلـهـا مـن حـوادث | وهـل تـقـبـل البـلـوى كـرام الـعـشـائـر؟ |
مكيدة (ديلي) ليس يجهلها فتى | ويـدري بهـا فـي الـقـوم كـل مـهـاجـر |
ولـكـن أراد (الانجليزي) بـغـدرهـم | لتجلو عن البحرين كـل (الدواسر) |
ولـما رأوا مـا يـكـرهـون مـن الأذى | جلـوا فـوق سـفـن فـي ظـلام الديـاجـر |
وخـلـوا دهاليز (البديع) بـعـدهـم | يفرخ فـيـهـا الـبـوم مـع كـل طـائـر |
خـلـت بـعـدهـم تـلـك المجـالـس لا تـرى | بهن جفانا أو شـذى مـن مـجـاسر |
وشـاهـدتـهـا بـعـد الـرحـيـل خـلـيـة | خرائـبـهـا تـجـري الـدمـوع المـحـاجـر |
وقـفـت بـهـا والـذكـريـات تـحـيـط بـي | ويسبح في فيض من الحزن خاطري |
أقـول تـرى أي القصور الـتـي بـهـا | رجـال تـحـدوا البـحـر رغـم المـخـاطر |
وأسـال عـن آثـارهـم كـل مـنـزل | فـهـل فـي الأوالـي عـبـرة لـلأواخـر |
وقـد صـمـتت عـنـي الـمـآثـر عـنـدمـا | تساءلـت عـن تـلـك الـرسـوم الـدواثر |
نـعـم إنـهـم كـانـوا هـنـا فـتـرحـلـوا | ومـا الـدهـر يـبـقـي أي رسـم لـزائـر |
لـقـد مـحـت الأنـواء آثـار عـصـرهـم | فلا خـبـر تـحـظـى بـه مـن مـعـاصـر |
سـوى ذكـريـات تـعـرف الأرض سرها | وتـحـفـظـهـا فـي دارسـات الـدفـاتـر |
وقد زرت مـن بـعـد المـطـاف قبـورهـم | وبيـن حـنـايـا الـصـدر شتى المشاعر |
رأيـت قـبـورًا تـذري الـريـح رمـلـهـا | بهـا أرج مـن طـيـب نـشـر الأزاهـر |
فقلت إذا مـا الـجـذر طـاب بـمـغـرس | أتـاك بـنـفـح فـي الـنـسـائـم عـاطـرا |
أصغت لـعـلّي مـنـهـم أسمـع الـصـدى | لصـوتـي فـكـان الـصـمـت رد المقابر |
يـلـفـك صـمـت فـي الـخـشـوع وأنـهـا | عضات ومـا أسـمـى عـضـات الـمـآثـر |
وكـم كـرام يـحـفـظ الـدهـر عـهـدهـم | ويبـقـى حـديـثًـا للـجـلـيـس الـمـسـامـر |
سـلام عـلـى أرض (الـبـديـع) إنـهـا | لمـلـفـي أجـاويـد وقـوم أكـابـر |
إذا جئتها غنّى لي الموج في الضحى | وتـأنـس مـن تـلـك الـربـوع سـرائـري |
وقـد كـنـت مـن بـعـد أشـيـر لأهـلـهـا | إذا طفت فـي ركـب مـع الصحب عابر |
لهـا ذكـريـات فـي الـفـؤاد خبيئة | ورؤيـا لمـاضيـهـا تـلـوح لـنـاظـري |
كمـا جـسرة الأجـداد بـسـكـن حـبـهـا | بقلبـي وتـحـيـا دائـمـًا فـي خـواطـري |
فكلـتـاهـمـا مـهـد الـكـرام ومـن رأى | رجـالـهـمـا فـي عـزهـم لـم يـكـابـر |