alomran alomran alomran
أخر الإضافات:
الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن حمود السميط رحمه الله أختام علماء ومشايخ وشخصيات نجدية مهرت بها بعض وثائق أسرة العمران تراجم قضاة نجد المعروفين منذ القرن العاشر حتى النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري معجم مصطلحات البناء النجدية صور قديمة لمباني في نجد من دراسة بعنوان: العمارة المدنية في نجد لجيفري كينغ (1982م) رسالة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله إلى أهل سدير الزخارف النجدية : مثال بيت العم عبدالرحمن بن إبراهيم العمران في عودة سدير شما بنت عبدالله بن عمران بن محمد بن عامر المجمعة في قاموس الأعلام رسالة من أبناء حمد بن عمران إلى أبناء عبدالله بن عمران موقف الملك عبدالعزيز من اعتذار أمراء سدير وجباة زكاتها عن دفع زكاة العروض ودفع ما تيسر حديث ولد سبأ العشرة: تخريجاً ودراسة حديثية محمد بن ناصر الصبيح (راعي زاهبة) أول أسطول بحري للإمام فيصل بن تركي آل سعود التاريخ في نجد حتى القرن العاشر كان غامضاً لماذا لا ينبغي الانطلاق من المصادر الثانوية في دراسة القضايا التاريخية؟ مدارس البنات في نجد سنوات الرخاء والقحط التي مر بها النجديون العمل الخيري المؤسسي علاقة نجد بالشام من 1157هـــ إلى 1225هــ أمراء العيينة من عام 850 - 1173هـ محطات في توحيد المملكة العربية السعودية شياع في النسب لا يعرف أصله من نوادر وثائق بلد الغاط عام 1224هـ/1809م‏ وقفية نجدية نادرة: تعود إلى القرن الحادي عشر الهجري منصور بن عبدالله بن محمد بن حماد في رحلة مع وثيقة عمرها 258 عامًا مسجد الدواسر بالدرعية عبداللطيف باشا المنديل قبيلة بني ياس ونسبة آل بو فلاح للدواسر حادثة قتل أهل عودة سدير لآل شقير سنة 1111هـ التحصينات الدفاعية السعودية حوامي عودة سدير مرقب عودة سدير قصيدة رثاء الأمير رميزان بن غشام في الأمير محمد بن عامر إمارة بني خالد في الأحساء
التحصينات الدفاعية السعودية
التحصينات الدفاعية السعودية

التحصينات الدفاعية السعودية

بقلم: أ. الزبير عبدالقادر مهداد

تمهيد:

موضوع العمارة الحربية يكتسي طرافة وأهمية، لأن هذه العمارة تعكس التاريخ والثقافة المجتمعية بفنونها وعاداتها، كما تُبرز الأهمية الإستراتيجية للبلد ووزنه الدولي، وشجاعة ووطنية السكان، والسعودية تحفل بكثير من أنماط العمارة الحربية، ما بين الأسوار والأبراج والقلاع والحصون وغيرها، التي امتازت بمتانتها، ومواقعها الإستراتيجية، وبأدائها لوظائفها خير أداء.

وقد ورثت البلاد عبر تاريخها العريق أنماطًا كثيرةً من هذه المنشآت، وما زال باقيًا يتحدى عوامل الزمن، إلا أن متفحص التاريخ السعودي لا يمكنه أن يتغافل عن أهمية ما أنجزته الدولة السعودية الحديثة من هذه المنشآت منذ نشأتها في الدرعية، مدفوعةً إلى ذلك برغبتها في استتباب الأمن، وترسيخ الدولة، ومواجهة المناوئين والقوى الخارجية، وضمان تحرير البلاد السعودية من النفوذ التركي.

والمقال التالي يستعرض أمثلة من هذه العمارة الحربية السعودية، مع تركيز خاص على ما أنشئ في عهد الدولة السعودية.

الأسوار:

ومن التحصينات الدفاعية المعروفة الأسوار والبوابات والأبراج، فقد كانت بعض المدن محاطة بأسوار دفاعية وأبراج للمراقبة والدفاع وبوابات منبعه، تمتد أسوارها لعدة كيلومترات، والمدن النجدية تشتهر بأسوارها الدفاعية المتميزة بهندستها وطريقة بنائها، بعض هذه التحصينات وجدت منذ عصور ما قبل الإسلام، واستمرت خلال العصور الإسلامية.

الدرعية:

كانت الدرعية ومحيطها المباشر محصنة بالأسوار والأبراج على امتداد المرتفعات، على جانبي وادي حنيفة، بدءًا من مكان قريب من العلب على بعد ثمانية كيلومترات جنوبًا، يحيط بسائر أحياء الدرعية وحتى ما بعد المليبد. فسور الدرعية الذي يمتد على مسافة تزيد على 13 كيلومترًا ليحيط بالمدينة، يعد من أهم الآثار الدفاعية الباقية، وما زالت الأبراج التي أقيمت عليه، تشهد بأهميته.

سور الدرعية بناه عبدالعزيز بن محمد بن سعود عام 1173هـ – 1758م من جدارين متوازيين، بينهما طين وأحجار صغيرة الحجم، ما جعله متينًا جدًا، قادرًا على تحمل ضربات المدافع. فأسوار الدرعية، وإن كانت لا تختلف في مظهرها عن سائر أسوار نجد، فإنها تتميز بمتانتها، وبتصميم أبراجها، ما بين الدائري والمربع والمخروطي.

ومن الأسوار المهمة أيضًا سور حي الطريف الذي يفصله عن الأحياء الأخرى في الدرعية، وكان يضم المباني الحكومية واسطبلات الخيل ومساكن الأمراء وغير ذلك من المرافق. سور الطريف، كان ضمن سور ثانٍ للدرعية، يمتد من السور الرئيس، ويلتف حول المرتفع الذي يطل على وادي حنيفة، وجعلت للأسوار ممرات دفاعية علوية محمية بجدار يرتفع عن السور الأصلي، ويسمى هذا الجدار الذروة، وفيه فتحات طولية تسمى «المزاغل» تستخدم للرماية والمراقبة.

التحصينات الدفاعية السعودية

عودة سدير: خصوبة المراعي المجاورة للقرية كانت تغرى الطامعين فيها باقتحامها، والهجمات المستمرة هي التي جعلت سكان البلد يحصنونها بالحوامي والأسوار العظيمة، التي لا تزال شامخةً توحي بصد المهاجمين ورد المعتدين.
أقيمت لسدير أربعة أسوار محيطة بالبلدة والمزارع، مرتبطة فيما بينها بطريقة هندسية مميزة. وأول هذه الأسوار وأهمها السور الداخلي المحيط بالبيوت يبلغ سمكه مترًا ونصف، وارتفاعه ستة أمتار، وطوله 893 مترًا، ويحمل آثار قذائف المدافع التي ما تزال بادية فيه.

أما الأسوار الثلاثة الأخرى فهي على البساتين والنخيل، مكونةً من جدران متلاصقة ملئ ما بينها بالتراب، لزيادة متانتها، وتركت في أسفلها فجوات تسمح بمرور المياه، دون أن يستطيع أحد التسلل منها إلى البلدة، ويوجد في السور مدخل واحد، وهو باب البر، يفتح بعد صلاة الصبح ويغلق بعد صلاة العشاء، يتولى فتحه وإغلاقه وحراسته بالتناوب مراقبون من الأهالي.

تتكون البوابة من باب بعرض مترين ونصف، وارتفاع ثلاثة أمتار، مسقوف من الأعلى بخشب الأثل وجريد النخيل، وبممر علوي يربط بين أبراج الباب، التي أنشأت على شكل نصف دائري، وتربطها بالسور الداخلي للبلدة.

التحصينات الدفاعية السعودية

التحصينات الدفاعية السعودية

الأبراج:

أبراج الدرعية: أسوار التحصين في الدرعية تنتهي ببرج من كل جهة عند أعلى نقطة، وأقرب ما يمكن إلى مجرى الرافد، يشكل درًعا منيعًا لحماية المدينة من مخاطر الهجومات أو الاختراقات، والأبراج في أغلب الأحيان تكون جزءًا من السور نفسه متصلةً به، وهي في الغالب إما دائرية أو مربعة، وتمتاز بسماكتها وارتفاعها حيث كان بعضها يستخدم أيضًا للمؤن والذخيرة.
وإضافةً إلى التحصينات الدفاعية، فإنه يوجد خارج أسوار الدرعية، وفي مواقع متفرقة أبراج عديدة للمراقبة، منفصلةً عن السور، تشكل نقطة مراقبة أمامية متقدمة.

التحصينات الدفاعية السعودية

برج السهبلية

التحصينات الدفاعية السعودية

برج سمحة

التحصينات الدفاعية السعودية

برج السميري

التحصينات الدفاعية السعودية

برج العلاجية

أبراج عودة سدير: يتميز سور عودة سدير بأبراجه الوهمية التي تتخلله الخداع للمهاجمين، فإذا نظرت إلى السور من خارجه فإنك ترى البرج بارزاً في السور… وإذا نظرت إليه من الداخل وجدته كتلة من الطين، أما الأبراج الحقيقية (المقاصير) فهي في وسط الحامي ومن الصعب ملاحظها، وهي مقامة في السور الداخلي، وملتصقة بالبيوت التي تتصل بالسور، وعددها سبعة.
الزغيري، الصليب، الحميدية، البطيحاء، السليليجات، مصلى العيد، الزيادي، وتتكون تلك الأبراج من خمسة طوابق، ويمكن من داخلها رصد حركة المار بكل دقة، بل واستهدافه بنيران البنادق إلى جانب البرجين اللذين يحيطان باب البر من جهتيه اليمنى واليسرى.

التحصينات الدفاعية السعودية

برج العمران

التحصينات الدفاعية السعودية

الحصون:

الحصون الأثرية في الباحة تشهد على تراث منطقة الباحة، وتعد من أهم المعالم التراثية فيها حيث يوجد بها أكثر من مئتي حصن لا تزال شامخة، يعود عمر بعضها إلى أكثر من ٦٠٠ سنة، ورغم ما اعترت تلك الحصون من ظروف جوية بسبب التقادم، إلا أنها ظلت شامخة، مؤكدة عظمة أولئك الرجال الذين قاموا بتشييدها وفق طراز هندسي معماري رائع.

من أهم الحصون:

حصن الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود: قلعة شامخة يصل ارتفاعها التقريبي إلى 18 مترًا، ومساحة قاعدتها إلى 20 مترًا، تعد إحدى أضخم القلاع التاريخية، بنيت بأضخم المداميك ومن أجود أنواع الصخور، تتألف من خمسة طوابق وطابق أرضي مطمور، تحيطه الثكنات العسكرية وأبراج المراقبة من جميع الجهات، وعدد من مرابط الخيول والمخازن والغرف، تجاور قصرًا أثريًا، وقلعة أقل منها ارتفاعًا ملاصقة لها بنحو متر ونصف.

ويطل الحصن على قرية الطرف من الجهة الشمالية، وقرية أشباء من الجهة الشرقية، وجبل فران العملاق من الجهة الجنوبية؛ ومن الجهة الشمالية الغربية عدد كبير من المزارع والمصاطب الزراعية، ومن الجهة الغربية للجبل طرق مبنية بعناية وقنوات تصريف للماء، هذا الحصن كان شاهدًا على المقاومة الشعبية الوطنية التي قادها بخروش بن علاس ضد الوجود التركي العثماني، والأبراج تحمل آثار ضرب الرصاص.

 

قلعة الرقيطاء: هي إحدى القلعتين اللتين أنشأتهما الدولة السعودية الأولى في بيشة، عام 1313 هـ، وتعرف أيضًا بقلعة ابن شكبان نسبةً إلى الشيخ سالم بن شكبان الذي كان أميرًا على بيشة من قبل الدولة السعودية، والقلعة حصن مربع الشكل يضم حوالي عشرين غرفة وبعضها مكون من دورين ويوجد بها سور داخلي وساحة داخلية مكشوفة، محاطة بأربعة أبراج للمراقبة تتوزع على أركانه الأربعة، وممران للحراسات الداخلية، وبداخلها بئر مبنية بالحجر الأحمر ومازالت صالحة للاستعمال، ويحيط بالقلعة سور دائري ارتفاعه لا يقل عن متر، إلى جانب خندق دائري لتقوية الحماية. وقد تعرضت هذه القلعة للتدمير والتخريب من قبل قوات محمد علي باشا عام 1230هـ، بعد حصار عنيف جدًا.

قلعة الرقيطاء تمثل في تاريخ السعودية الحديث قلعة الصمود الأولى لمواجهة الحملات العسكرية، وقد دمر الغزاة بمدافعهم معظم أجزاء تلك القلعة، بعد تضحيات جسام ذهب ضحيتها المئات من المقاتلين، بمن فيهم بعض الزعماء من آل شكبان أنفسهم.

التحصينات الدفاعية السعودية

قلاع المراقبة:

تنتشر في كل البلاد السعودية، فهناك قلاع لمراقبة الطرق والمواقع الإستراتيجية، والتصدي لمحاولات الاختراق الحدودي، وتتميز بتعدد أدوارها فتبلغ أحيانًا السبعة أدوار، وبعلوها الذي يتجاوز العشرة أمتار، وهناك قلاع تقام في المناطق الحدودية على قمم الجبال، بين القرى والقبائل، يراد بها استتباب الأمن الداخلي، وقلاع ذات وظيفة زراعية، صغيرة عمومًا وقليلة الارتفاع، تقام بين الحقول لمراقبتها وحمايتها من غزو الطيور، وتخزين بعض المحاصيل، وحفظ الأدوات الفلاحية.

وهذه القلاع عمومًا، تكتسي صفات خاصة وطابعًا محليًا يميزها في كل منطقة من مناطق السعودية، فالقلاع النجدية تختلف شكلًا ووظيفةً عن القلاع الحجازية أو العسيرية والتسمية أيضًا تختلف أحيانا، فيُطلق عليها لفظ «المرقب» في نجد، أما في الحجاز فتسمى «الأطام»، و«القصاب» أو «الحصون» في عسير.

قلاع عسير: منطقة الجبال الحجازية والعسيرية غرب الجزيرة تتميز بكثرة ما بني فيها على امتداد ساحل البحر الأحمر، وتتميز قرى عسير بوجود قلاع تسيطر على خط أفق القرية، يطلق عليها في بعض مناطق السراة لفظ «الحصون» أو «القصاب» تُستغل لخزن الحبوب، وللجوء إليها في أوقات الحروب، كذلك تستخدم في معرفة البرج المناسب للزراعة من خلال الرصد من أعلى قمته.

مربعة أو مستديرة، متسعة من الأسفل، لتضيق كلما زاد ارتفاعها، فتأخذ شكل الهرم الناقص، وهي صغيرة عمومًا، باستثناء بعضها التي يمكن عدها حصونًا بالنظر إلى حجمها وتصميمها ووظائفها، كالرقيطاء.

هناك ثلاثة طرازات القلاع المراقبة:

1. الطراز الأول هو القلعة ذات السطح البارز من الأعلى، ينتشر في أقصى شمال عسير.
2. الطراز الثاني هو حصن النحر، والنحر فتحة تخترق الواجهة عموديًا، تستخدم لإسقاط القذائف من أعلى الحصن نحو مدخله، كما أنه يسهم في دعم الجدار الأمامي في الاتجاهين العمودي والأفقي، وينتشر هذا النوع من القلاع في القطاع الأوسط والجنوبي من عسير.
3. الطراز الثالث هو الحصن ذو العتبة الإنشائية في الأسفل، وينتشر في الجزء الأوسط من عسير.

مراقب نجد:

مرقب رغبة: مدينة رغبة بمحافظة نادق، تعد أكثر المدن النجدية غنى بالأبراج، التي أقيمت فيها للتمكين من إشراف شامل على كل النواحي والمسالك، ضمانًا لأمن سكانها وحمايةً لمصالحهم، وثرواتهم الحيوانية، ومزارعهم وتجاراتهم، وحرصًا على ضمان الاستقرار والسلم والتعايش، لأجل ذلك تم توزيع المراقب في المدينة بطريقة ذكية ومدروسة، تضمن تغطية وافية.

أهم وأشهر أبراجها هو «المرقب» الذي يقع في الجهة الجنوبية بمحاذاة خط البادية والخط البري الموصل بين طريق الحجاز ومدينة ثادق، يعود لأوائل القرن الثالث عشر الهجري، أدى دورًا هامًا في مراقبة التحركات العسكرية والتجارية بالجوار، وحراسة الرعاة وقطعانهم.

بني على طراز العديد من المباني في وسط نجد، فتصميمه على شكل مخروط ناقص، قاعدته مرتفعة عن منسوب الأرض، يبلغ قطرها من الخارج 4.6 متر، مدخله يوجد على جهة اليمين ويلتف إلى اليسار، وارتفاعه يصل إلى 30 مترًا، ويتألف من ست قصبات ذات شكل أسطواني، يقل حجمها كلما زاد الارتفاع، بنيت من طين، وبين كل صف مدماك من بلاطات حجرية بسمك 8 ملم لتوزيع الأحمال.

الوصول إلى البرج عن طريق عشر درجات منشأة من الطين، مقاس الدرجة الواحدة 25/26 سم بعرض 70 سم، والدرج مُغطى بطبقة من الحديد بمقاس 1,70م وعرض 75 سم، ويتم الصعود إلى أعلى البرج عن طريق سلم حلزوني من بلاطات حجرية مرتكزة على الجدار من الخارج ومن الداخل على مركز البرج المبني من الحجر والطين، على شكل مخروط مغطى بطبقةٍ من الطين، عدد درجات السلم 3 درجات، بداخل المرقب توجد سارية صخرية مكونة من مجموعة من القطع الصخرية تسمى «الخرز»، تعمل على سند الدرج وتدعم البناء.

يوجد في أعلى البرج فتحات (شنايش أو قراغل) معظمها في الجزء الأوسط من البرج، لكشف المحيط الخارجي للبرج، مقاس الفتحة على وجه التقريب (20/20 سم) مع وجود بعض الفتحات على شكل مثلث (30/15 سم) تسمى «مزاغير» عددها إحدى عشر فتحة للسماح لضوء الشمس والهواء بالتسلل داخل البرج لإنارته وتهويته، كما تستخدم الفتحات لغرض تصويب البنادق نحو الأعداء.

التحصينات الدفاعية السعودية

مراقب سدير: مدينة نجدية، أيضًا تزخر بالمراقب، فموقعها الاستراتيجي شجع سكانها على إقامة هذه التحصينات العسكرية في سائر نواحي المدينة، والعناية بها، بعضها قديم مثل «قلعة المرقب» أو «حصن منيخ» التي شيدها مؤسس بلد المجمعة عبدالله بن سيف الويباري الشمري سنة 830هـ على جبل منيخ في إقليم سدير.

التحصينات الدفاعية السعودية

وتتميز بتصميمها وشكلها ومكوناتها، ما يجعلها مختلفةً كل الاختلاف عن المراقب الكثيرة التي أُنشأت في عهد الدولة السعودية، ونذكر منها مرقب عودة سدير، وهو بناء يقع على هضبة في الجهة الغربية من البلدة، ويطل على القرية وعدد من الأودية والشعاب المحيطة بالبلدة، ويبلغ ارتفاعه ستة أمتار، وبشكل مخروطي بقطر مترين سفلي ومتر واحد علوي، ولا يوجد له مدخل أو درج، فالمراقب يستطيع تسلق المرقب من خلال حبل مثبت في الأعلى، وعند صعوده لمقر المراقبة يتم رفع الحبل لمنع الغزاة من الطلوع، وعندما يُشاهد المراقب ما يثير الشك يقوم بإطلاق نداء لتحذير الأهالي بأخذ الحذر والاستعداد للخطر القادم، ويوجد بجانبه مرقب قديم منهدم.

برج الشنانة: معلم أثري يقع في الشنانة بمنطقة القصيم، ويبعد عن محافظة الرس حوالي 7 كم تقريبًا من الجهة الجنوبية الغربية، شيّد في أوائل القرن الثاني عشر الهجري لغرض الاستطلاع والمراقبة، وقد ذُكر في الكتب عن الرس أنه بُني عام 1170هـ، فيما يرى آخرون أنه بني عام 1333هـ، يبلغ ارتفاعه 37م تقريبًا، ويأخذ البرج الشكل المخروطي، وقاعدته مستديرة الشكل يبلغ محيطها حوالي ٣١م تقريبًا، شهد البرج بعض المعارك التي خاضها الملك عبدالعزيز في الثامن والعشرين من رجب عام 1322هـ.

البرج مبني من الطين المخلوط بالتبن، اتبع في بنائه طريقة عرق الطين التي تقوم على فكرة وضع طبقة من الطين المخلوط، ويترك حتى يجف ثم توضع طبقةً أخرى، وتستمر الطريقة حتى يكتمل البناء، ويوجد في كل دور فتحةً لدخول الهواء، والمراقبة، ويستخدم في نهاية كل دور نقوش قديمة لتزيين المبنى من الخارج والداخل، كما يتكون من عشرة أدوار، وتتكون أسفل الطوابق من خشب الأثل وجريد النخيل، لا يتوفر على سلم داخله، ولكن نُقش في جداره الطيني عدة حفر لاستخدامها عند النزول والصعود من دور إلى آخر.

التحصينات الدفاعية السعودية

فنون بناء قلاع الباحة:

كانت تبنى فوق قمم الجبال أو على حدود القرى، لتشرف على منازل أهالي القرية ومزارعهم لحمايتها وحراستها، أما قلاع عسير فتبنى داخل المنازل أو بجوارها، ملتحمةً بها.

يتراوح ارتفاع القلاع بين 20 مترًا إلى 25 مترًا، وتتكون من ثلاثة طوابق إلى أربعة طوابق ومدخل رئيسي، أما السلالم فهي أشبه بالرفوف، ويصعد بها إلى أعلى الحصن.

أهالي القرية يجلبون الحجارة الكبيرة ذات الشكل المستطيل على ظهور الجمال إلى أعلى قمة الجبل لبناء القلعة، فيما كان الباني يستقبلها، ومعه أعوانه الذين يسمون بـ «الملقفة»، فمنهم المصرف الذي ينحت الحجارة ويقوم بتسويتها وتعديلها ويسلمها للباني الذي يستخدمها في البناء، ثم يأتي دور «الملزز» أو «المكحل» الذي يسد الثقوب بالحجارة الصغيرة.

أول ما يُبنى من القلعة المدماك، وهو الجدار الذي يتصل بالأرض، ويكون عريضًا، يتراوح عرضه ما بين متر ومتر ونصف، لكي يعطي متانة، ويكون قاعدة تحمُّل عالية بعد أن يرتفع الجدار ثم يردم من الداخل لتسوية الأرض، وتمكن الجدار ليرتفع بالحجارة أو الطين ويكتمل البناء، وكلما ارتفع البناء ضاق شيئًا فشيئا، حتى يصل إلى ارتفاعه النهائي.

فيما يزين أعلاه وقمته بوضع برواز أو ما يسمى «الدقون»، وهي عبارة عن أحجار مستطيلة تخرج بمسافة متر عن الحصن، وذلك لحماية الحصن من الاقتحام أو السطو عند تسلقه من الأعداء أو العابثين، فيما يبنى فوقها بعد ذلك جدار بارتفاع متر ونصف يسمى «الجون»، يتم تزيينه بأحجار المرو الأبيض كحزام من الأعلى أو على شكل مثلثات ليمثل سطح الحصن.

ولكل حصن باب خشبي صغير في أسفله يغلق بشكل جيد لثلا يتمكن أحد من فتحه والدخول للحصن، ويبدو الحصن من الداخل على شكل طبقات أو أدوار تصل إلى خمس طبقات أو ست طبقات، لاحتواء أكبر عدد من الناس مع وجود فتحات مخصصة للمراقبة كأبراج تكشف جميع جهات الحصن، يتكون الدور أو الطبقة من غرفة، ويكون السلّم حلزونيًا من أغصان الأشجار يفصله مصطبة صغيرة للاستراحة أثناء التسلق.

بعض الغرف في القلاع تخصص لحفظ الحبوب، وبها عدة أرفف مستطيلة يوضع بها الحبّ، ويسهم في الحفاظ عليها نوافذ صغيرة «مواشيق» تسمح بمرور تيار هواء معتدل يعمل على حفظ المنتج لفترات طويلة وتحفظ الحبوب المخزونة في الحصن والقصبة عدة سنوات، إما بنشرها داخل غرف الحزن أو بوضعها في أكياس تصنع من القش.

وللحصون والقصبات نوافذ صغيرة للإضاءة والتهوية، حيث تُملأ بالأعشاب الشائكة حتى لا تمر منها الطيور أو الحيوانات الصغيرة، وقد يملك الحصن أو القصبة شخص أو أسرة، وقد يكون مِلكًا لأهل القرية، وفي هذه الحالة تستعمل كل جماعة طابقًا من البناء… ويحرص الأهالي عليها حرصًا كبيرًا لتكون قوية منيعة وجميلة، ويزينون أبوابها ومنافذها وأجزاء من واجهتها بأحجار المرو، كما يسمونها باسماء جميلة مثل «حصن بهجة»، وما زال أصحابها يقيمون فيها أو قربها، ويستخدمونها في أغراض أخرى كحفظ مؤتهم ومتاعهم.

التحصينات الدفاعية السعودية

التحصينات الدفاعية السعودية

خلاصة المقال:

حاول استعراض بعض أوجه العمارة الحربية والتحصينات الدفاعية السعودية، من خلال أمثلة محدودة وقليلة، يأمل أن يكون قد وُفق في ذلك، راجيًا التماس العذر للكاتب في أنه لم يستطع أن يشمل بالذكر كل المنشآت والمآثر وهي كثيرةً يصعب حصرها في مقالٍ قصير، وإنما كان الغرض التذكير ببعض المنجزات العمرانية الهامة وبأدوارها، وإحياء ذكرى الرجال الصادقي الوطنية والمواطنين والقادة الذين قامت على أكتافهم الدولة السعودية، التي أفلحت فيما لم تُفلح فيه سابقاتها من وحدة ونهضة وريادة.

إن المنشآت العمرانية الحربية السعودية من أسوار غاية في المتانة، وأبراج وهمية، ومراقب وقلاع بدون سلالم سوى حبال يتسلق بها، وغير ذلك الكثير يعكس مهارة شعب وذكاءه العسكري وخبرته الإستراتيجية، وشجاعته وإقدامه، وهي كلها عوامل ساعدت على دحر الغزاة الذين تربصوا بهذه البلاد، وضمان استقلالها منذ أقدم العصور، على الرغم من الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية لموقعها الاستراتيجي الثمين وكثرة الأطماع المحيطة بها.

المصدر:

التحصينات الدفاعية السعودية/ الزبير عبدالقادر مهداد. مجلة الدفاع، العدد 93، السنة 58، صفر 1442هـ، سبتمبر 2020م.

المراجع:

– العثيمين، عبدالله الصالح الدرعية نشأة وتطور الرياض، دارة الملك عبدالعزيز، 1434، ص 37 العثيمين. من 37 -40.

– الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض: البجيري قلب الدعوة، الرياض: 1436، ص 146.

– الزهراني، إبراهيم: الرياض توثق أضخم وأطول قلعة تاريخية تعود للإمام عبدالعزيز، جريدة الرياض، 13 مايو 2018.

– الجوهرة، هاني محمد، العلاقة بين العمارة التقليدية بمنطقة عسير بالمملكة العربية السعودية، والعمارة التقليدية للحصون السكنية في اليمن، مجلة البلقاء للبحوث والدراسات، مجلد 11، عدد سنة 2005، ص 132.

– الحسين، أحمد بن محمد، برج رغبة طراز مميز للعمارة التقليدية في نجد، جريدة الرياض، 15 أبريل 1945 https://ar.wikipedia.org/wiki/ برج الشنانة

– البيضاوي، محمد في الملد، حصنا الأخوين، مجلة ترحال، عدد (ع 201)، ص 63.

– الغامدي علي: حصون الباحة، قلاع شاهدة على 600 عام، جريدة عكاظ يوم 10 أكتوبر 2010.

– القرني، عبدالرحمن: معالم عسير التاريخية، قلاع وقصبات وآثار تتناثر بين الغري: جريدة المدينة، يوم 4 يناير 2013.