صورة أو ربما رسمة من صورة التقطت في الزبير عام 1916 أمام قصر المنديل لجلالة الملك عبدالعزيز آل سعود مع عبداللطيف باشا المنديل وكيل جلالته في البصرة وأول وزير تجارة عراقي في أول حكومة ملكية سنة 1920م
ولادته:
عبداللطيف باشا المنديل ولد سنة 1868م في مدينة الزبير التي نزح والده إليها من نجد سنة 1837م، وحصلت العائلة على مكانة رفيعة في البصرة، ينتمي إلى قبيلة الدواسر (من البدارين من جلاجل) القاطنة في نجد.
نسب عبد اللطيف باشا المنديل
عبداللطيف بن إبراهيم بن فوزان بن منديل بن فوزان بن محمد (أمير جلاجل من 1123هـ إلى 1158هـ) بن عبدالله (أمير جلاجل من 1117هـ إلى 1123هـ) بن إبراهيم (أمير جلاجل من 1078هـ إلى 1084هـ) بن سليمان بن حماد بن عامر آل بن خميس البدارين الدواسر
نشأته وأبرز أعماله:
قدم والده إلى البصرة سنة 1837م فزاول التجارة فيها، أعطته الدولة العثمانية رتبة الباشوية سنة 1913م، وعين وزيراً للتجارة في أول حكومة عراقية تشكلت برئاسة السيد عبدالرحمن النقيب، ووزيراً للأوقاف في وزارة عبدالمحسن السعدون، كما انتخب عضواً في المجلس التأسيسي، ثم عضواً في مجلس النواب، فعضواً في مجلس الأعيان. ثم اعتزل السياسة لأسباب صحية، واقتصر على الاهتمام بأشغاله التجارية والزراعية حتى وفاته سنة 1940م.
يذكر أمين الريحاني في كتابه: (تاريخ نجد الحديث وملحقاته) أن الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- احتاج مبلغاً من المال فحاول أن يستدين من أهل الكويت، فاعتذروا خوفاً من مبارك (الشيخ مبارك آل صباح)، ثم أرسل إلى نسيبه ووكيله في البصرة عبداللطيف باشا المنديل يطلب منه ألفين ليرة – ألفين فقط – ويقول له أن يقبض القيمة مما تبقى عند الدولة من معاش الإمام والده” ص 189
كما ذكر أن الملك عبدالعزيز عندما دخل الأحساء كتب إلى مندوبه في العراق عبداللطيف باشا المنديل: “وإذا سألك الترك هل أنت مندوب ابن سعود فقل لهم: إني عثماني، وقد اشار بذلك خشية أن يلحق به ضرر بعد الهجوم على الحساء. ولكن عبد اللطيف باشا المنديل لم يعمل بإشارة موكله، فلم ينكر أنه نجدي أو وكيل ابن سعود، وقد قال للأتراك: وقد جهلتم قدر هذا الرجل، وها هو الأن يعرفكم بنفسه”. ص 208
كما قال عنه أمين الريحاني في كتابه: (ملوك العرب، ج 2) ما نصه: “وهو حر الكلمة، سديد الرأي، مخلص الودّ لآل سعود، وخصوصاً للسلطان عبدالعزيز”، ووصفه في صفحة أخرى بأنه” “صديق السلطان الحميم ووكيله في العراق، وهو نجدي الأصل عراقي الإقامة، ولا يزال للبداوة أثر في حديثه وفي سلوكه الحر”.
ومما يذكر عن كرمه، أنه كان يرعى شاعر العراق معروف الرصافي، والذي مدحه بقصائد قال في إحداها:
أبا ماجد إني عهدتك مبصراً | خفايا أمور أعجزت كل مبصر |
إذا خفيت يوماً عليك حقيقةٌ | نظرت إليها من ذكاءٍ بمجهر |
وإن ليلةُ الخطب ادلهمّت كشفتها | بأوضاح صبحٍ من فعالك مسفر |
وتلك مزايا فيك أعلمت الورى | بأن بني (المنديل) أكرم معشر |
ذكر يعقوب الإبراهيم في جريدة (الشرق الأوسط، العدد 1292، سنة 2005م) مقالاً وصف فيه قصر عبداللطيف باشا المنديل الشهير بـبيت الباشا على شط العرب في البصرة، وهو القصر الذي بناه عبداللطيف المنديل سنة 1925م وتوفي فيه، ذاكراً أنه تحفة معمارية نفيسة، وواصفاً أدق التفاصيل التي جعلته يقف عبر العقود شاهداً على طابع التراث العمراني لمنازل البصرة آنذاك؛ حيث يمتزج فيها الفن الهندي، والفارسي، والتركي (متمثّلاً بالشناشل الخارجية، والطارمات)، والأوروبي من الداخل (بالكاشان، والبورسلان، والزجاج المعشّق).
وفاته:
في منتصف الثلاثينيات ساءت أحواله الصحية، وانتقل إلى جوار ربه في 2 ديسمبر سنة 1940م في البصرة، ودفن في مقبرة الحسن البصري بالزبير.
رثاه شاعر العراق معروف الرصافي بقصيدة قال فيها:
عبداللطيف بفضله جعل الورى | أسرى مكارم أسرة المنديل |
ورث المكارم عن أبيه وجدّه | فبنى أثيل المجد فوق أثيل |
في الوجه منه ملامح عربية | يدعو توسّمها إلى التبجيل |
في البصرة الفيحاء مد لبيته | طنبين من بأس ومن تنويل |
فطريده فيها أذل مطرد | ونزيله فيها أعز نزيل |
حر الضمير مؤيد بفطانة | يرى برأي في الأمور أصيل |
إن قال حقاً قاله بصراحة | لم يخش لومة لائم وعذول |