أسمه ونسبه ونشأته:
هو محمد بن ناصر بن عثمان بن ناصر الصبيح من البدارين من قبيلة الدواسر،
ولد في تمير عام 1323هـ وترعرع فيها، ويعتبر من أعيان أهل تمير، وله سيرة حسنة مع جميع سكان تمير من الحاضرة والبادية، وكان كريم الأخلاق وسخيًا إلى أبعد الحدود، وكانت ديوانيته مفتوحة طوال اليوم من بعد صلاة الفجر إلى بعد صلاة العشاء، يأتيه أهل البلد والضيوف ومعروف لدى أهل البلدان المجاورة لتمير ويقصدون ديوانيته، فكانت ناره لا تنطفئ، وكان لا يأكل طعام الغداء إلا ومعه ضيف أو عابر سبيل.
أخباره وقصصه:
من كرمه أنه كان يسمى (راعي زاهبة) أي أنه يقول لضيوفه القهوة زاهبة، وكان محمد بن ناصر الصبيح من وجهاء أهل تمير وينوب عنهم في الدفاع عن مصالح أهل البلد في روضة الحقاقة وغيرها، وله مزرعة في الوسيعة تسمى (أم عيون) .
وكان المترجم له شاعراً، له شعر في النصح والحكم وفي متاعب الحياة في ذلك الزمن، وقد ذهب شعره ولم يحفظ منه إلا القليل. وله قصة طريفة مع رجل من أهل البادية دخل تمير لقضاء حوائجه من البلد فلما قضى حاجته أخذ يسأل عن (راعي زاهبة) وهو لا يعرف اسمه ولا شكله، فقابله محمد بن صبيح وسأله الأعرابي عن راعي زاهبة وهو لا يعرفه، فقال له محمد بن صبيح أترك راعي زاهبة الله يستر عليه وتعال عندي للقهوة، فذهب وإياه إلى ديوانيته فأكرمه، وعندما أراد الضيف الخروج سأله عن (راعي زاهبة) فأخبره أنه هو، فشكره الضيف و دعا له بخير وأنصرف.
ومن القصص التي تروى عن محمد بن ناصر الصبيح أنه في سنة من السنين وكانت سنة جدب، خرج إلى صلاة الجمعة حسب العادة وكان في طريقه إلى المسجد مر بصديق له فشكى صديقه سوء الحال وضيق ذات اليد فأعطاه ما معه من نقود، وكانت النقود في ذلك الوقت شبه معدومة، فلما صلى الجمعة مع الجماعة خرج من الباب الخلفي حتى لا يراه ضيف لأنه لا يوجد لديه ما يضيف به أحدًا، فلما وصل (بيته) وجد بداخل البيت كيس رز وقهوة وهيل وشاي وبعض النقود، فسأل أهله عمن أحضر هذه الأشياء، فأجابوه بعدم علمهم عمن أحضرها مع أن الباب كان مقفلًا .
ومن أشعاره عندما كان في معقلًا في الصمان يشكي على صديق له يقال (علي) وصديق آخر يقال له ربيّع عندما ضاقت عليه الدنيا :
يا علي قل للصرامي يفتهم لي | ما طرا للقلب يكتب من جوابه |
يكتب المسطور عجلن وأنت تملي | يوم صندوق الضماير هج بابـــــه |
أحمد الله طيب من طيب زملي | يوم فارقت التماهن والخرابه |
والولد لا شاف درب الضيق يجلي | ينحر المهياع والرزق يهقى به |
ما يفيد إلا الهجن والمشي عجلي | ما يفيد التتن لو يكثر شرابــــه |
يا عون إللي على الماكر يهج لي | يا ربيّع ما خذن قلبي نهابه |
سوقهم سد ولابه درب سبلي | بابهم قبله وباب دون بابـــه |
وله أيضًا عندما كان في الحج واشتهت نفسه شرب القهوة.
مل قلب مايبي شرب القهاوي | ما يريد الشعب واللي يدهلونه |
ديرتن أهلها يبيعون القهاوي | والعدس والفول فيها يحلبونه |
قيل إنه رحمه الله في مرضه الذي مات فيه، دخل عليه ضيوف وهو على فراش الموت، فقال لهم (أقلطوا)، فأغمي عليها بعدها حتى توفي محمد بن ناصر الصبيح رحمه الله تعالى في 1408/1/13هـ عن عمر يناهز 85 عامًا.
المصدر:
تمير: تاريخ وحضارة/ علي بن حمد العلي آل عثمان. تمير: المؤلف، 1434هـ.