alomran alomran alomran
أخر الإضافات:
الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن حمود السميط رحمه الله أختام علماء ومشايخ وشخصيات نجدية مهرت بها بعض وثائق أسرة العمران تراجم قضاة نجد المعروفين منذ القرن العاشر حتى النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري معجم مصطلحات البناء النجدية صور قديمة لمباني في نجد من دراسة بعنوان: العمارة المدنية في نجد لجيفري كينغ (1982م) رسالة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله إلى أهل سدير الزخارف النجدية : مثال بيت العم عبدالرحمن بن إبراهيم العمران في عودة سدير شما بنت عبدالله بن عمران بن محمد بن عامر المجمعة في قاموس الأعلام رسالة من أبناء حمد بن عمران إلى أبناء عبدالله بن عمران موقف الملك عبدالعزيز من اعتذار أمراء سدير وجباة زكاتها عن دفع زكاة العروض ودفع ما تيسر حديث ولد سبأ العشرة: تخريجاً ودراسة حديثية محمد بن ناصر الصبيح (راعي زاهبة) أول أسطول بحري للإمام فيصل بن تركي آل سعود التاريخ في نجد حتى القرن العاشر كان غامضاً لماذا لا ينبغي الانطلاق من المصادر الثانوية في دراسة القضايا التاريخية؟ مدارس البنات في نجد سنوات الرخاء والقحط التي مر بها النجديون العمل الخيري المؤسسي علاقة نجد بالشام من 1157هـــ إلى 1225هــ أمراء العيينة من عام 850 - 1173هـ محطات في توحيد المملكة العربية السعودية شياع في النسب لا يعرف أصله من نوادر وثائق بلد الغاط عام 1224هـ/1809م‏ وقفية نجدية نادرة: تعود إلى القرن الحادي عشر الهجري منصور بن عبدالله بن محمد بن حماد في رحلة مع وثيقة عمرها 258 عامًا مسجد الدواسر بالدرعية عبداللطيف باشا المنديل قبيلة بني ياس ونسبة آل بو فلاح للدواسر حادثة قتل أهل عودة سدير لآل شقير سنة 1111هـ التحصينات الدفاعية السعودية حوامي عودة سدير مرقب عودة سدير قصيدة رثاء الأمير رميزان بن غشام في الأمير محمد بن عامر إمارة بني خالد في الأحساء
إسهامات قبيلة الدواسر الاجتماعية في البحرين حتى عام 1928م
قبيلة الدواسر

إسهامات قبيلة الدواسر الاجتماعية في البحرين حتى عام 1928م

 أ. د. شاكر حسين دمدوم: كلية الآداب، جامعة ذي قار، العراق

م. م. ياسر ماضي كاظم: كلية الآداب، جامعة ذي قار، العراق

الملخص:

تتميّز منطقة الخليج العربيّ بكونها ذات مجتمعات قبليّة بالدرجة الأولى، وعليه فقد هدفت الدراسة إلى التعرّف على الدور الاجتماعي الذي قامت به قبيلة الدواسر في البحرين، بداية من علاقات القبيلة بحكّام البحرين من آل خليفة، فضلًا عن إسهاماتهم الاجتماعيّة الأخرى في البحرين حتّى عام 1928م. واعتمدت الدراسة على مجموعة من المصادر المتنوّعة وتأتي في مقدمتها بعض الوثائق البريطانيّة التي تناولت تلك المرحلة المهمّة من تاريخ البحرين بشكلٍ عام وقبيلة الدواسر بشكلٍ خاص. علاوة على بعض الدراسات الأكاديميّة المهمّة التي تناولت هذه المرحلة المهمّة من تاريخ البحرين، فضلًا عن المصادر العربيّة المهمّة من الكتب العربيّة والبحوث العلميّة المنشورة في الدوريّات العربيّة. وتوصّلت الدراسة إلى العديد من النتائج أبرزها: كان العديد من أبناء نجد يبحثون عن مصدر رزق لهم وذلك لضمان حياة كريمة بعد أنْ أخذت مناطقهم تُعاني من قلّة الموارد الاقتصاديّة، ووجد الكثير منهم في البحرين مصدرًا للرزق الوفير، وذلك لأنّها تُعد من أكبر المغاصات لصيد اللؤلؤ في العالم، فمن وصل منهم إلى البحرين أولًا وحقّقوا أرباحًا في تجارة صيد اللؤلؤ شكّلوا دافعًا قويًا لغيرهم من أبناء المنطقة في القدوم إلى البحرين والعمل مع أبناء جلدتهم. وبالتّالي شجّعت الأرباح الكبيرة بعض النجديين من الإقامة والانخراط في المجتمع البحرينيّ وبذلك أصبحوا ضمن التركيبة السكانيّة للبحرين.

المقدمة:

كانت البحرين مصدر جذب سكانيّ لأبناء الجزيرة العربيّة ولاسيّما من منطقة (نجد). إذ حدثت هجرة سكانيّة من نجد إلى البحرين خلال العديد من الحُقب التاريخيّة وأنّ دوافع وأسباب هذه الهجرة والاستقرار إلى البحرين بالذّات اقتصاديّة بالدرجة الأساس، ومن أبرز القبائل التي هاجرت من نجد هي قبيلة الدواسر، والتي قامت بإسهاماتٍ عديدة في البحرين، لذا جاء عنوان بحثنا ليتناول واحدًا من أبرز الجوانب الذي قدّمته القبيلة ألا وهو الجانب الاجتماعي فكان عنوان البحث (إسهامات قبيلة الدواسر الاجتماعيّة في البحرين حتّى عام 1928)، احتوى البحث على مقدّمة ومبحثين أساسيين، إذ تناولنا في المبحث الأوّل علاقة الدواسر بآل خليفة، بينما تناولنا في المبحث الثاني المواقف الاجتماعيّة لقبيلة الدواسر وخاصّة الموقف الذي مر به “محمد بن عبد الوهاب بن ناصر الفيحاني”، وكيف ساهمت القبيلة في الوقوف معه بمحنته هذه، وكذلك دور القبيلة في شؤون التعليم، فضلًا عن دور القبيلة في الشؤون البلديّة في البحرين، وفي نهاية البحث تضمّنت الخاتمة أبرز النتائج التي أفرزتها الدراسة.

اعتمد البحث على مجموعة من المصادر المتنوّعة وتأتي في مقدّمتها بعض الوثائق البريطانيّة التي تناولت تلك المرحلة المهمّة من تاريخ البحرين بشكلٍ عام وقبيلة الدواسر بشكلٍ خاص، علاوة على بعض الدراسات الأكاديميّة المهمّة التي تناولت هذه المرحلة المهمّة من تاريخ البحرين، فضلًا عن المصادر العربيّة المهمة من الكُتب العربيّة والبحوث العلميّة المنشورة في الدوريّات العربيّة.

المبحث الأول: علاقة الدواسر بآل خليفة:

 أولاً: العلاقة التاريخيّة بين الدواسر وآل خليفة

لا يمكن الفصل بين العلاقات الاجتماعيّة بين قبيلة الدواسر وآل خليفة عن الأوضاع السياسيّة التي كانت تُؤثّر وبشكلٍ مباشر في هذه العلاقات.

مرّت علاقة الدواسر بآل خليفة بثلاث محطّات:

أولهما: عندما كانوا في نجد اذ كانت العلاقة يشوبها شيء من الخصومة، حتّى أنّ سبب هجرة آل خليفة وإخوانهم من آل الصباح من موطنهم الأصليّ من الهدار في نجد هو النزاع الذي حصل بينهم وبين بني عمهم من قبيلة عنزة ويرجعون إلى بطن (جميلة)، وفي بداية هذا النزاع استطاع آل خليفة من التغلّب على خصومهم، إلّا أنّ هؤلاء الخصوم قد لجأوا إلى قبيلة الدواسر في واديهم وتحديدًا إلى (آل حسن) الذين تحالفوا معهم وزحفوا سويّة على الهدار وبالتالي تغلّبوا على آل خليفة و آل الصباح وأخرجوهم من الهدار بمساعدةٍ من (الدواسر). (ملاحظة الموقع: معلومات غير موثقة، وهي في الغالب مرويات تاريخية غير دقيقة)

وذكر المؤرّخ الكويتي “سيف مرزوق الشملان” سبب هجرة العتوب من آل خليفة وآل الصباح من نجد إذ يقول “أنّهُ أرسل في 23 شوال 1374هـ إلى “الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة” ليطلب إفادتهُ عن سبب هجرة أسرتيْ آل الصباح وآل خليفة، فأجابه الشيخ “محمد بن خليفة” بالقول “سألتم عن نسبنا وسبب هجرتنا من نجد أيْ من الهدار نحن وإخواننا آل الصباح، وعن الدواعي لهذه الهجرة، فكما تعلمون أنّنا آل خليفة وآل الصباح نعودُ إلى عنزة من قبيلة العمارات أبناء تغلب بن وائل، أمّا سبب انحدارنا من الهدار فالذي يظهر أنّهُ سبب فتن كانت بينهم وبين  قبيلة الدواسر فآثر أجدادنا النزوح”.

أمّا المرحلة الثانية من العلاقات بين الدواسر وآل خليفة فقد كانت في الزبارة في قطر عندما تجاورت القبيلتين في المنطقة، إذ سبق آل خليفة الدواسر في الاستقرار بالزبارة، وبالتّالي بدأت مرحلة جديدة من العلاقات فيما بينهما تميّزت بنوع من العلاقة الجيدة والترابط القوي، إذ شاركت قبيلة الدواسر آل خليفة في تصدّيها للهجوم الذي قام به حاكم البحرين نصر آل مذكور على منطقة “الزبارة” عام 1783م. من أجل السيطرة عليها، إذ تصدّى لهُ آل خليفة بمساعدة من بعض القبائل العربيّة ومنهم الدواسر وهاجموا مؤخرة حملة “نصر آل مذكور” فتكبّدت جيوشه خسائر جسيمة انسحبوا على إثرها من ميدان المعركة، وكانت جيوش آل خليفة تحت قيادة الشيخ “أحمد بن محمد آل خليفة” (الفاتح) (1783م-1795م) الذي أناب عن أخيه بسبب مغادرته إلى مكّة لأداء مناسك الحج.

بعد ذلك الانتصار الذي حقّقه عتوب آل خليفة على آل مذكور بدأوا يتطلّعون نحو البحرين، التي دخلوها بالفعل في 15 آب/ أغسطس 1783م، وبالتالي كانت قبيلة الدواسر إحدى القبائل التي شاركت في ترجيح كفّة آل خليفة وساهمت في فتح البحرين. ويُذكر أنّ قبيلة الدواسر قد أبلوا بلاءً حسنًا خلال المعارك التي دارت من أجل فتح البحرين، الأمر الذي ساهم في جعلهم ذوي قوّة ونفوذ كبيرين في البحرين فيما بعد.

بينما كانت آخر مراحل العلاقة بين الدواسر وآل خليفة هي عندما وصلت القبيلة إلى البحرين عام 1845م. إنّ تاريخ وصولهم إلى البحرين يُؤكّد حقيقة تاريخيّة وهي أنّ الدواسر لم يستقروا في البحرين بعد أن تم فتحها من قبل آل خليفة مباشرة وإنّما تأخروا في ذلك الأمر، ولم نجد سببًا واضحًا لتأخّر الدواسر في هجرتهم إلى البحرين كل تلك المدّة، لكن لربما أنّهم أرادو أنْ يتأكدوا من مدى استقرار الأمور في البحرين تحت حكم آل خليفة، إذ أنّ الأحداث السياسيّة التي حصلت في البحرين حال وصول آل خليفة اليها ربما كانت سببًا في عدم انتقال الدواسر اليها، ولاسيّما استيلاء السيد سلطان بن أحمد حاكم مسقط على البحرين وما تبعتهُ من أحداث سياسيّة تأرجحت بين التنافس الفارسي وحكّام مسقط والنفوذ السعودي على البحرين، ربما كانت وراء تأخّر عمليّة انتقال الدواسر إلى البحرين.

من الأمور الأخرى التي أكّدت على عمق العلاقة ما بين الدواسر وآل خليفة هو ما قام به الشيخ “عبد الله بن حسن الدوسري” تجاه الشيخ “عيسى بن علي” في البديع التي كانت تقع في طريق شيوخ البحرين خلال توجّههم في رحلتهم الى بر الظهران من أجل القنص، كما أنّ الشيخ “عيسى” وأبناءه “سلمان و راشد وحمد ومحمد وعبد الله” كانوا يمرون بالبديع عند ذهابهم إلى جزر غرب البحرين، ولاسيّما بجزيرة أم النعسان، إلّا أنّه في ذات مرة قام الشيخ “عيسى” بالمرور في البديع الجنوبي وغادرها مباشرة دون المرور بالبديع الشمالي كما جرت العادة، الأمر الذي ترك أثرًا في نفوس أهالي البديع الشمالي حتّى أنّ الشاعر “محمد العماري” نظّم قصيدة صور فيها بكاء البديع لعدم مرور الشيخ “عيسى بن علي” بها وجاء في مطلع القصيدة:

بكــــــت البــــــــــــــــــــديع أدمعًا مـــــدرارا مــــــا وقــــفت في ليلـــــها ونـــــهارا

وكانت هذه القصيدة بمثابة مطالبة أهالي البديع الشمالي لحاكم البحرين بالمرور بهم عند عبورِه إلى جزيرة أم النعسان وأن لا يكتفِ بالمرور بالبديع الجنوبي، وأنّ هذا الرجاء للشيخ كان من “عبد الله بن حسن الدوسري” على لسان الشاعر فأستجاب الشيخ “عيسى” لطلب زعيم الدواسر، ولم يكتف الشيخ “عبد الله بن حسن الدوسري” بذلك فلما عَلِمَ بأنّ الشيخ “عيسى بن علي” يجد صعوبة في ركوب السفينة التي تقلهُ إلى أم النعسان أو غيرها من الجزر، وكان ذلك أهم الأسباب التي جعلت الشيخ “عيسى” لا يحبذ المرور بالبديع الشمالي، لذا سارع الشيخ “عبد الله بن حسن الدوسري” ببناء رصيف بحري في البديع من جهة الغرب خصيصًا للشيخ “عيسى” وذلك لكي تكون عمليّة صعودهِ للسفينة تتم بشكلٍ أسهل وأيسر من ذي قبل.


ثانيًا: أعمال الشيخ عبد الله بن حسن الدوسري

ممّا تقدّم ذكره من أمر بخصوص قيام الشيخ “عبد الله بن حسن الدوسري” ببناء رصيف في البديع كرامة للشيخ “عيسى”، إنّما يتبيّن عمق العلاقة الحسنة التي تربط شيوخ البحرين بقبيلة الدواسر حتّى أنّهم لم يهدأ لهم بال لمجرد عدم مرور شيخ البحرين بمدينتهم، بل أنّهم أقاموا لأجل ذلك رصيفًا لتسهيل عملية المرور.

بعد أنْ استقرّت قبيلة الدواسر في البحرين تكوّنت فيما بينهم وبين آل خليفة علاقة متينة؛ وذلك لأنّ آل خليفة كانوا آخذين بنظر الاعتبار وقفة الدواسر معهم إبان قيامهم بفتح البحرين، ويدل على عمق تلك العلاقة هو ما قام به حُكّام البحرين بوقوفهم إلى جانب قبيلة الدواسر أثناء الخلاف الذي نشب بينهم وبين قبيلة آل بو فلاسه على “خور فشت” عام 1907م، إذ نشب هذا الخلاف بسبب ادعاء كُل قبيلة اسبقيّتها في استخدام الماء من عين “خور فشت”، وعندما احتدم الخلاف ووصل إلى مراحل كبيرة بين القبيلتين، فإن الشيخ “عيسى بن علي” لم يبت في أمر الخلاف وذلك لميلهِ إلى جانب قبيلة الدواسر، الأمر الذي أدركتهُ قبيلة آل بو فلاسه، وبالتّالي فضلت القبيلة الانتقال إلى شرق الجزيرة العربيّة وتحديدًا إلى القطيف.

إنّ موقف الشيخ “عيسى بن علي” يُدلل على عمق العلاقة ما بين الدواسر وآل خليفة، إذ يتجلّى ذلك الموقف دون النظر بأمر القضية والبت بها نهائيًا على الرغم من إدراكهِ بأحقيّة قبيلة آل بو فلاسه (ملاحظة الموقع: حكم لا دليل عليه) باستخدام الماء من “خور فشت”، ولم يستمع لمطالبهم حتّى عندما أبلغوه بأنّهم سيرحلون إنْ لم يتم البت في الأمر، رغم كل ذلك لم يتّخذ أي قرار بالموضوع وفضّل رحيل البو فلاسه على أنْ يقف بالضد من الدواسر ممّا يدلل على المكانة الكبيرة لقبيلة الدواسر لدى حاكم البحرين.

بعد ذلك ازدادت أواصر العلاقة بين الدواسر والشيخ “عيسى بن علي” الذي كان يعرف كيفيّة التعامل مع القبائل العربيّة في المنطقة، إذ قام بإعطاء الدواسر بعض الامتيازات بالبحرين حتّى أنّهُ قام بتعيين شيخ قبيلة الدواسر في البحرين “عبد الله بن حسن الدوسري” عضوًا في المجلس العُرفي في البحرين، إذ أنّ الشيخ “عيسى بن علي” بعث برسالة الى “ديكسون” يُخبره فيها بترشيح “عبدالله بن حسن الدوسري” كعضو في المجلس المذكور بدلًا من “الحاج احمد بن علي يتيم”. وأنّ أمر التعيين قد أوضحته وثيقة صادرة من الشيخ “عيسى بن علي آل خليفة” إلى المعتمد السياسي البريطاني بالبحرين، والمؤرّخة في 22 كانون الثاني/يناير 1920م، والتي جاء في مضمونها: “بناءً على المذاكرة التي دارت بين سعادتكم ونجلي الشيخ عبد الله بخصوص ترتيب المجلس العرفي وتعيين اعضائهِ لستة اشهر، فقد عيّنا الأعضاء المذكورة أسمائهم أدناه وكتبنا لهم بذلك وهم “الحاج عبد الله بن حسن الدوسري” و”الحاج عبد الرحمن بن محمد الزياني” و”الحاج يوسف بن عبد الرحمن فخرو” و”الحاج عبد العزيز بن حسن القصيبي” و”الحاج عبد الله بن علي رجب” – الأمل من سعادتكم أنْ تكتبون كذلك الخمسة الذين اتفقتم عليهم مع نجلي الشيخ “عبد الله”، وقد استحسنت موعد الاجتماع الأوّل في يوم الخميس الآتي الساعة الرابعة عربي من النهار في غرفة المحرق على أنْ يكون يوم الخميس من كل أسبوع موعدًا لانعقاد المجلس المذكور”.

كما ورد اسم “عبدالله بن حسن الدوسري” في رسالة بعثها “ديكسون” إلى الأعضاء الخمسة الذين رشّحهم بنفسه على أنّهم يُمثّلون الحكومة البريطانيّة في المجلس العرفي، إذ جاء في مضمون تلك الرسالة ما نصّه: ” إلى جناب المحبين الأجلاء الكرام “خان صاحب محمد شريف بن الحاج قطب الدين اوزي” و”تكمداس بيت كنكلا” و”السيت بداء” و”السيت محمد علي هبة الله” وهم من البانيان و”الحاج عبد النبي بن أحمد البو شهري” المحترمين، بعد السلام والسؤال عن شريف أحوالكم نُعرفكم بأنّنا قد عيّناكم أعضاء المجلس العرفي لتنوبوا عن رعايا الدولة البهيّة القاطنين في البحرين، وسعادة الشيخ “عيسى بن علي آل خليفة” حاكم البحرين قد عيّن هؤلاء المذكورين بالنيابة عن رعاياه “الحاج عبدالله بن حسن الدوسري” و”الحاج عبد الرحمن الزياني” و”الحاج يوسف بن عبدالرحمن فخرو” و”الحاج عبد العزيز بن حسن القصيبي” و”الحاج عبد علي بن رجب”.

الجدير بالذكر أنّ ثلاثة من أعضاء المجلس العرفي ممّن رشّحهم الشيخ “عيسى بن علي” قد تغيّبوا عن حضور إحدى الاجتماعات، كان احدهم “عبدالله بن حسن الدوسري” والذي فضّل عدم الحضور للمجلس العرفي لأنّ الشيخ “عيسى” قد كلّفه للقيام بعملٍ معيّن في “البديع”، الأمر الذي يُدلّل على مدى احترامه وتقديره للشيخ “عيسى”، إذ أنّه ضحّى بعدم حضور الاجتماع لأجل القيام بمهمّة كلّفه بها الشيخ “عيسى”، على الرغم من أنّ “ديكسون” قد بعث للشيخ “عيسى” رسالة يُخبره فيها بأمر غياب أعضاء المجلس وذلك بتاريخ 8 نيسان 1920م، جاء في مضمونها: “الشيخ “عيسى” حاكم البحرين … بعد السلام أجذب التفات سعادتكم إلى أنّ ثلاثة أعضاء من أعضاء المجلس العرفي الذين انتخبهم سعادتكم غابوا أنفسهم عن المجلس وهم “عبدالرحمن الزياني” و”عبد العزيز القصيبي” و”عبدالله بن حسن الدوسري”، فبخصوص النفرين الأوليين يجب أن أقول أنّهم كتبوا يعتذرون بحجة اعتلال الصحة. أما العضو الثالث فإنّه ذكر أنّ سبب عدم حضوره لأنه كان مشغولًا في خدمةٍ لسعادتكم في البديع “.

كانت مهمة المجلس الذي عُين فيهِ “عبد الله بن حسن الدوسري” هو اتخاذ القرارات داخل البحرين من أجل تنظيم أمور الدوائر الحكوميّة، إلّا أنّ تدخّل المقيم البريطاني قد أثّر في عمل هذا المجلس ممّا أدّى إلى تعطيله بعد سنة تقريبًا بسبب عدم الأخذ بقراراته.

من الشواهد التاريخيّة الأخرى على العلاقة بين قبيلة الدواسر وآل خليفة هو قيام “عبد الله بن حسن الدوسري” بالوقوف مع الشيخ “عيسى بن علي آل خليفة” في استرجاع جزيرة “الزخنونيّة” من سيادة الدولة العثمانيّة، إذ أنّ خلافًا نشب ما بين الدولة العثمانيّة وبريطانيا حول ملكيّة الجزيرة عام 1909م.

كانت إحدى المحطات الرئيسة للدواسر في هجراتهم المتتالية حتّى أنّ علاقتهم بها لم تنتهِ عن فتح البحرين، بلْ كان شيوخ الدواسر يذهبون اليها للصيد فيها ولاسيّما في فصل الشتاء، وكان نتيجة التعاون ما بين الدواسر وآل خليفة أنْ تمكّنوا من طرد الحامية العثمانيّة التي احتلّت الجزيرة.

ممّا تقدّم ذكرهُ يمكن القول أنّ العلاقات بين قبيلة الدواسر وآل خليفة كانت ذات وتيرة متصاعدة إيجابيًا وهذا ما لمسناه من خلال المراحل الثلاث التي مرّت بها تلك العلاقة، ففي بدايتها كانت علاقات متوترة ولاسيما في “الهدار”، ثم تدرّجت إلى علاقات إيجابيّة ذات طابع تعاونيّ ما بين الطرفين ولاسيّما في الزبارة وتحديدًا أثناء الحملة ضد “نصر آل مذكور”. أمّا في المرحلة الثالثة فقد ازدادت العلاقة تطورًا وتعاونًا، بلْ أصبح آل خليفة يدافعون عن الدواسر أحيانًا، بلْ يذهبون أكثر من ذلك من خلال تعيينهم في المناصب ذات القرارات التي تتعلّق بالشؤون الداخليّة للبحرين أحيانًا أخرى وإنّ قضيتي خور فشت والمجلس العرفي دليلًا واضحًا على ما ذكرناه.

 المبحث الثاني: المواقف الاجتماعية لقبيلة الدواسر:

أولًا: موقف أبناء القبيلة تجاه محمد بن عبد الوهاب بن ناصر الفيحاني

من المواقف الاجتماعيّة لقبيلة الدواسر والتي تنم عن السخاء والكرم التي كان يتميّز بها أبناء هذه القبيلة هو ما قاموا به تجاه “محمد بن عبد الوهاب بن ناصر الفيحاني” الذي يُعد من كبار الشخصيّات الخليجيّة في عصرِه وحاصل على لقب (باشا) من الدولة العثمانيّة وأحد كبار تجار اللؤلؤ من الطواشين، الذي تعرّض لخسارةٍ كبيرة في تجارته بعد أنْ تعرّضت مواسم اللؤلؤ للهبوط وتذبذب أسعارها منذُ القرن التاسع عشر، ممّا جعلهُ مثقلًا بالديون، وكان من ضمن الدائنين مجموعة من قبيلة الدواسر في البديع، فلما وصلت أخبار “الفيحاني” إلى البحرين تشاور أهالي الدواسر في شأن ديونهم عليه، فبادر “عبد الله بن حسن الدوسري” بالقول أنّنا يجب الذهاب إليه والاطمئنان عليه، وفعلًا أبحرت سفينة من البديع إلى “دارين” حيث كان يُقيم “الفيحاني” فيها، ولما وصلوا إلى هناك استقبلهم “الفيحاني” وبادر الدواسر إلى إسقاط ديونهم المترتّبة عليه.

إنّ هذا الموقف المشرف يُدلّل على كرم أبناء قبيلة الدواسر ونفوسهم الزكيّة وأنّ هذا نابع من سجاياهم الحسنة ومواقفهم الجليلة، ولم يكتفوا بزيارة الفيحاني وتقليل هول الصدمة عليه بلْ أنّهم سارعوا إلى إسقاط ما بذمّتهم من ديون على شخصه ودعموه معنويًا لكيْ يستطيع الخروج من أزمتهِ الحرجة التي كان يمر بها.

ثانيًا: دور قبيلة الدواسر في مجال التعليم

كان لقبيلة الدواسر دورًا في مجال التعليم أيضًا فقد أدّى رجال الدين في الكتاتيب والبيوت دور المعلمين، فالتعليم في ذلك الوقت كان تعليمًا دينيًا، يعتمد على المشايخ الذين يتولّون تدريس القرآن الكريم وتعاليم الدين الاسلامي ومن أبرز المشايخ من الدواسر هم “سعود بن يوسف بو بشيت” في البديع الجنوبي و”خالد بن يوسف بو بشيت” و”عيسى بن محمد العماري” في “فريج اللدام”، فضلًا عن الشيخ “سعيد بو بشيت” في “البديع الشمالي”، ولم يقتصر التعليم الديني على الرجال فقط، فقد برز من النساء اللواتي قمن بتعليم البنات القرآن الكريم مثل السيدة والدة الشيخ “عيسى بن أحمد بن سعد الدوسري” والسيدة “مريم بنت باز”، فضلًا عن ذلك فقد كان للمجالس في البيوت دور تعليمي وتربوي كبيران، وذلك لما لهذه المجالس من فوائد اجتماعيّة وثقافيّة عديدة، إذ كانت المجالس تتناول في أحاديثها حل النزاعات وعقد الاتفاقيّات وقراءة القرآن، فضلًا عن سرد القصص التاريخيّة وإلقاء القصائد.

أمّا إسهاماتهم في مجال التعليم النظامي فإنّ البحرين كانت في مطلع القرن العشرين قد اقتصر التعليم فيها على الكتاتيب والمدارس الأهليّة مثل مدرسة “علي بن إبراهيم الزياني” ومدرسة “محمد بن راشد بن هندي” ومدرسة “الغتم” ومدرسة “حجي الزياني” ومدرسة الشيخ “أحمد المهزع”.. وغيرها، التي كان هدفها الأساس تعليم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم، إلّا إنهُ بعد انتهاء الحرب العالميّة الأولى حدثت تغيرات سياسيّة واجتماعيّة في البلاد، نتج عنها انبثاق الوعي الثقافي بين أفراد المجتمع البحريني، وبحكم ذلك برزت الحاجة إلى إنشاء معاهد تعليميّة حديثة تختلف عن الكتاتيب من حيث نظمها ومناهجها وأهدافها.

قرّر الشيخ “عبد الله بن عيسى آل خليفة” رئيس مجلس المعارف في البحرين عام 1918م إنشاء مدرسة نظاميّة في البحرين على غرار ما كان معمولًا بهِ في البلدان العربيّة مثل العراق وسوريا ومصر، لذلك تم الاجتماع والتشاور بين أهل الرأي وهم “خليل المؤيد” و”يوسف بن أحمد كانو”، و”عبد الله بن حسن الدوسري” واتفقوا على القيام بمشروع تأسيس مدرسة نظاميّة في البلاد، لتبدأ بعدها مرحلة جمع التبرعات وتم بالفعل جمع قرابة (مائتي ألف) روبية أي ما يعادل ( 15) ألف دينار بحريني، وكان من بين المتبرعين “عبد الله بن حسن الدوسري”، وتم وضع حجر الأساس للمدرسة في الجهة الشماليّة من مدينة المُحرق والتي سُميّت بــ (مدرسة الهداية الخليفية للبنين)، وتم افتتاحها في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1919م. كما تم تعيين “عبد الله بن حسن الدوسري” عضوًا في (مجلس الإدارة الخيريّة للتعليم) الذي تشكّل من أجل إدارة المشروع واحتياجاته من مدير للمدرسة ومعلمين، فضلًا عن دور القبيلة في تأسيس مدرسة “الهداية الخليفية”، فقد كان مجلس الشيخ “عبد الله بن حسن الدوسري” مقرًا لاستقبال الأدباء والشعراء من أجل إلقاء نتاجاتهم الشعريّة وأنشطتهم الأدبيّة، إذ أنّ الشيخ “عبد الله بن حسن الدوسري” كان محبًا للأدب والشعر حتّى أنّه كان يمتلك العديد من الكتب في بيتهِ. أمّا أبرز شعراء البديع آنذاك هم “علي بن فضل العماري” و”سلطان بن عبد الله بو هندي” والشاعر “فرج الصباح” والشاعر “سعود بن عبد العزيز الودعاني الدوسري”.

ثالثاً: إسهامات القبيلة في الشؤون البلدية

أمّا بالنسبة للشؤون البلديّة فقد كان لقبيلة الدواسر حضورًا في هذا المضمار أيضًا، فقبل عام 1919م لم يكن في البحرين ما يُسمى بـ (البلدية)، إذ أنّ الحكومة البحرينيّة استشعرت الحاجة الماسة لتأسيس بلديّة من أجل تنظيم شؤون المواطنين وتقديم الخدمات لهم وبالفعل تم تأسيس بلدية المنامة في تموز 1919م، والتي تُعد من أوائل البلديّات تأسيسًا، وتم انتخاب الشيخ “عبد الله بن حسن الدوسري” للعمل في مجلس إدارة بلديّة المنامة وذلك عام 1920م.

إنّ إسناد العديد من المهام الرسميّة للشيخ “عبد الله بن حسن الدوسري” وتعيينه في المناصب ذات الأهميّة الكبيرة مثل مجلسي الإدارة الخيريّة للتعليم ومجلس إدارة بلديّة المنامة لم يأتِ من فراغ، بلْ إنّ تلك المهام والمناصب تستلزم على القائم بها أن يكون على قدر من الخبرة والمعرفة، فضلًا عن تميّزه بالثقافة، ولاسيّما أنّ الشيخ “عبد الله بن حسن الدوسري” لم يكن موظفًا سابقًا بل لشخصيّته المرموقة وسعة معرفتهِ، فلذلك أصبح محط أنظار المسؤولين، وأنّ مصادر تلك الثقافة قد اكتسبها من خلال التربية الخاصة، إذ أنّهُ عندما بلغ سِن معينة قام والدهُ بتكليف بعض العلماء والمشايخ تعليمهُ فأكتسب بذلك العلوم الدنيويّة إلى جانب العلوم الدينيّة، فضلًا عن مصاحبتهِ لوالدهِ في العمليّات التجاريّة من بيع وشراء قد ساعدهُ في إتقان العمليّات الحسابيّة، ولا يمكن إغفال دور المجالس الأسريّة في صقل شخصيّتهُ وتعليمهُ الآداب العامّة وحسن الخلق وآداب الحوار واحترام كبار السن، لذلك فقد كان الشيخ “عبد الله بن حسن الدوسري” خير من مثّل قبيلته الدواسر في المناصب الحكوميّة.

الخاتمة:

إنّ الدواسر واحدة من القبائل العربيّة النجديّة، استقرت في جزيرة الزخنونيّة بمحاذاة ساحل الأحساء، وقد تحالف الدواسر مع آل خليفة وشاركوا مع القبائل الأخرى في فتح البحرين 29 تموز / يوليو 1783م. إثر ذلك انتقلوا من جزيرة الزخنونيّة إلى البحرين واستقرّوا بالبديع، وكان عددهم 8 آلاف نسمة. برعوا بالزراعة وفنون البحر من غوص ونواخذة وتجار، أمّا في الزلاق فكان عددهم ألف منزل. وقد أكرمهم الشيخ علي بن خليفة آل خليفة بهبات أراض وأعفاهم عن الضرائب. وقد أفرزت هذه الدراسة العديد من الحقائق فيما يتعلّق بموضوع البحث، أبرزها ما يلي:

  1. كان العديد من أبناء نجد يبحثون عن مصدر رزق لهم وذلك لضمان حياة كريمة بعد أن أخذت مناطقهم تعاني من قلّة الموارد الاقتصاديّة، إذ كانت مصادر الرزق محدودة جدًا في نجد، لذلك يضطر الكثير منهم إلى الانتقال إلى مناطق أخرى لعلّهم يجدون فيها مبتغاهم، ومن تلك المناطق التي كانت ترحّب بأبناء نجد هي (البحرين)، إذ وجد الكثير منهم في البحرين مصدرًا للرزق الوفير، وذلك لأنّها تُعدّ من أكبر المغاصات لصيد اللؤلؤ في العالم، فمن وصل منهم إلى البحرين أولًا وحققوا أرباحًا في تجارة صيد اللؤلؤ شكّلوا دافعًا قويًا لغيرهم من أبناء المنطقة في القدوم إلى البحرين والعمل مع أبناء جلدتهم، وبالتالي شجعت الأرباح الكبيرة بعض النجديين من الإقامة والانخراط في المجتمع البحريني، وبذلك أصبحوا ضمن التركيبة السكانيّة للبحرين.
  2. إنّ طبيعة المجتمع البحريني كانت دافعًا للعديد من النجديين في الاستقرار بالبحرين بعد انتهاء موسم الغوص، فالمجتمع البحريني يتميّز بطبيعته السلميّة التي تستقبل القادم من الجزيرة العربيّة، وربّما أنّ هذا الأمر نابع أساسًا من الشعور بالرابطة الدمويّة فيما بينهم وبين النجديين.
  3. كان سكان أ هالي نجد عندما يصلوا إلى البحرين يرى نفسه بأنّهُ ليس ببعيد أو غريب عن المنطقة التي يقصدها، بل أنّ النجديين الذين سبقوه إلى البحرين ولا سيّما من قبيلة الدواسر، سرعان ما يقدّموا المساعدة للقادم الجديد الذي كان يتّجه مباشرة إلى منطقة تُسمّى (الحد)، وهي المنطقة التي يستقر فيها أغلب أهالي نجد، بداية وصولهم إلى البحرين يسعون إلى مساعدة الوافدين الجدد، بلْ إنّهم يتوسطون لهم لدى النواخذة من أجل العمل لديهم في الغوص ومن لا يجدوا له عملًا في مهنة الغوص، فإنّهم يقوموا بالبحث لهُ عن عملٍ آخر وبالتالي يُساهمون في استقرار أكثر عدد من النجديين في البحرين.
  4. قدّمت قبيلة الدواسر العديد من الأعمال التي صبّت في خدمة المجتمع البحريني، سواء كانت في مجال التعليم أو البلديّة أو غيرها من المجالات.

المصدر: كاظم، ياسر ماضي؛ دمدوم، شاكر حسين (2023). إسهامات قبيلة الدواسر الاجتماعية في البحرين حتى عام 1928م. مجلة ابن خلدون للدراسات والأبحاث، المجلد الثالث، العدد الرابع.