ملاحظة: المترجم له هو من كتب وثيقة وقف عامر.
محمد بن ربيعة بن محمد بن عبدالله العوسجي البدراني الدوسري نسباً، النجدي مسكناً، الحنبلي مذهباً، ولد سنة 1065هـ، في بلدة ثادق عا صمة بلدان المحمل.
المترجم له صا حب همة عالية في جمع الكتب، وجمع مكتبة كبيرة من خلال:
قال ابن حميد : “وكتب بخطه الحسن جملة، ومهر في الفقه”.
قال ابن بشر في تاريخه: “الشيخ العالم كان فقيهاً، وحصل كتباً كثيرة بخطه”.
وبقي ينسخ الكتب بخطه الحسن، ويصدر سجلات الخصوم، ويفتي الناس إلى أن توفي (رحمه الله)، ومما نسخه بيده:
وكذلك قد أوقف عدداً من الكتب، وهي محفوظة حالياً بالمكتبة المحمودية بمكتبة الملك عبدالعزيز بالمدينة المنورة، ومنها :
وكذلك يظهر حجم مكتبته من المراجع التي رجع إليها في هذه المسألة في رده على ابن منقور، حيث بلغ عدد الكتب التي رجع إليها أربعة عشر كتاباً جلها من أمهات كتب الفقه الحنبلي واللغة العربية، وهي:
ارتحل ابن ربيعة ثلاث مرات، وهي:
تولى قضاء ثادق حتى وفاته ستة 1158هـ. وكان ابتداء توليه سنة 1140هـ، قال ابن ربيعة في تاريخه في سنة 1140هـ: “تحولت في ثادق”.
قال ابن حميد في السحب الوابلة: “ومهر في الفقه، وكان قاضي بلد ثادق”.
قال ابن بشر في تاريخه: “الشخ العالم كان فقيهاً” .
بل قد كان يأتيه الخصوم من خارج بلدة ثادق كما يظهر جلياً في الوثائق التي حكم بها، ومنها هذه الرسالة.
حرص على تعليم الناس والإجابة عن أسئلتهم، فمن النماذج التي اطلعت عليها من ضمن مجموعة السلمان المودعة في الدارة المحفوظة باسم ورقم (السلمان/٦) الورقة ٧/ب والورقة ٨/أ تحت عنوان: مسائل فقهية أجاب عليها في بلد البير، وهذا نصها:
“الحمد الله متحقه، بعد إبلاغ السلام التام والتحية والإكرام إلى من نور جنابه ونطق بحكم الشرع لانه الفاضل شيخنا المكرم الأفخم محمد بن ربيعة العوسجي أدام الله طلعته، وبعد: ما شممنا من عرفك منذ سنة، وهو ربيع قلوبنا، فنسألك أدام الله بقاءك:
عن إنسان طلق ثلاثاً لعمر، وليقضينه حقه عند رأس الشهر، فلما وصل الأجل تواطأ هو وعمر وعلي أن يقرضه قدر ما هو عنده على أن يطلق له ثانياً إلى انسلاخ الشهر الثاني، فقال: أطلق لك، فلما أقرضه، وقضاه ما هو عليه أبى أن يطلق فيما أقرضه، رفع الأمر إلينا لم نوجب عليه طلاقا؛ لأنه وعد وهو فى بعض ما استدللنا به، فأوجبها بعض فقهائنا خصوصاً في من هذه ورقته، واستدل في باب التاويل قي الإقناع، ولا يجوز التحيل لإسقاط اليمين، فهل هي منها في شيء أو يبرأ هذا الحالف من حين الوفاء؟
نقلت هذا السؤال من خط السائل، وهو لم يسم نفسه، ومن خط المجيب محمد بن ربيعة العوسجى — رحمه الله تعالى — أعرفه يقيناً لكثرة رؤيتي لخطه، والسؤال المذكور مكتوب في طيه يصل هذا الرقيم إلىالشيخ محمد بن ربيعة العوسجي في بلد البير المحروسة”.
لقد كان له (رحمه الله) ممتلكات كثيرة، ويظهر ذلك من وصيته، وما ذكره في تاريخه:
وثقها عدد من العلماء وحكام الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، ونصها:
وله ما فى السموات والأرض وهو السميع، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه النبي الكريم، وبعد: فالسبب الداعي لذكر هذه الوثيقة والحاث على سلوك هذه الطريقة هو أني أنا ياكاتبه الفقير إلى رحمة ربه الوسيعة محمد بن ربيعة عوسجي النسب حنبلي المذهب رأيت أن الوقف من أحسن القرب المندوب إليها والمستحبة التي حث عليها الشارع وفعله الصحابة فلم يكن أحد منهم ذو مقدرة وميسرة إلا وقف على عيال ولده فحينئذا تحننت على عيال ولدي وخفت عليهم العيلة وذكرت قوله تعالى: ﴿وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾ [النساء: 4]، وقوله: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77]، وقوله صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له”، ورأيت أن وقفي على ذريتي عيال ولدي صدقة عليهم أفضل من وقفي على غيرهم؛ لأن عليهم صدقة وصلة ولي إن شاء الله صدقة جارية لا ينقطع ثوابها بالموت كما في الحديث المذكور، فلذلك حبب إلي توقيف جميع عقاراتي التي في ملكي وتحت تصرفي لا منازع لي فيها ولا مشارك الكائنات في بلد ثادق وحريملاء والبير من قرى نجد حرسهن الله تعالى وحماهن من شر نوازل الأقدار وبغي الفجار وهوى نفوس الأشرار على عيالي وعقبهم وذريتهم تقرباً إلى الله تعالى بنية إن شاء الله تعالى صالحة صافية صادقة لما يحب الله ورسوله، مرافقة عارية من المقاصد المكروهة والمحرمة، سالمة من شوائب الحرمات والتلجأة ومنع مستحق ما أوجبه له الشرع وألزمه، طالبا من فضل الله العميم وكرمه الجسيم أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن يبلغني به إلى جنات النعيم إنه كريم رحيم.
عقاراتى المذكورة منها الأرض البيضاء التى أحاطت على جميعها من كل الجهات الأربع بحائط منيع وغرست نصفها الشمالي الكائنة في أعلى بلد ثادق جنوباً عن خيس الماجد وقف على عيال ابنى عبدالرحمن صدقة جارية عليهم وصلة وكتبت عليه وثيقة فيها ترتيب الوقف وشروطه المعتبرة شرعاً .
ومنها العقار الكائن فى وسط حوطة ثادق القديمة وهي قطعة النخل جنوباً عن عقار آل عيسى مشتراي منهم وهو حينئذا معلوم محدود من كل الجهات الأربع وقفت أرضه ونخله على طالب علم الحنابلة من ذكور ذريتي، فإن لم يكن منهم طالب علم فعلى ذكور ذريتي ترتيبه عليهم وشروطه كترتيب وشروط الوقف المذكور أعلاه عليهم وأثبت في غلته ثمن ضحيتين من أوسط الأضاحي لجدي محمد بن ربيعة ضحية ولجدتي ضحية أم أبي، أجهل اسمها يذبحن كل سنة لهما دائماً أبداً وثلاثين وزنة تمر خضري للمفطرين في المسجد مسجد ثادق الجامع في شهر رمضان مقدما ذلك في غلة الوقف.
ثم إني وقفت ما هو في ملكي وتحت تصرفي العقار المسمى فيد السلامة الذي اشتريت منهم والأرض البيضاء التي جنوب عنه الفارق بينهما السوق والكل منهما معلوم محدود من كل الجهات الأربع على طالب العلم الحنابلة من ذكور ذريتي، فإن لم يكن فيهم طالب علم فعلى ذكور ذريتي، ترتيبه وشروطه عليهم كشروط وترتيب الوقف المذكور أعلاه، أما بقية العقارات المذكورة فمنها سمحة في حريملا مشهورة الاسم معلومة المكان والحد والرسم خارج من حوطة حريملاء القديمة من جهة المشرق مما يلي باب الجريع.
والعقار الثاني المسماة التميمية في قرية البير الذي اشتريته من آل ابن سليمان بن عمران ومن علي وعثمان بني محمد بن صبيح ومن محمد بن إبراهيم بن عبدالله وهو حينئذا معلوم محدود من كل الجهات الأربع.
العقار الثالث في شمالي حوطة ثادق القديمة المسماة فيد دريهم الذي اشتريت من سليمان بن دريهم وهو حينئذ معلوم ومحدود من كل الجهات الأربع، وكل جميع تلك العقارات الثلاثة المذكورة أعرف جميعها وحدودها من كل الجهات الأربع المعروفة والنافية للجهالة فأقول: أنا يا كاتبه محمد بن ربيعه طوعاً واختياراً في حال صحة بدني ووفور عقلي وجواز تصرفي في أمري شرعاً أن ثلث ثلاث العقارات المذكورات أرضه ونخله مشاع وقف يصرف من غلته ثمن ثلاث أضاحي من الأضحية يذبحن كل سنة دائماً أبدأً، وماثة وعشرين وزئة تمر خضرية تصرف في كل سنة في شهر رمضان للمفطرين من صوام رمضان ستين وزنة توكل في مسجد ثادق الجامع القديم، وستين وزنة توكل في مسجد البير، وما فضل من غلة الثلث بعد ثمن الأضاحي الثلاث والمائة والعشرين يصرف إلى طالب العلم من ذكور ذريتي، فإن لم يكن فيهم طالب علم فإلى ذكور ذريتي ترتيبه وشروطه عليهم كترتيب وشروط الوقف عليهم وشروطه. والثلثان الباقيان على ذكور ذريتي من مات منهم عن ولد فنصيبه لولده للذكر مثل حظ الأنثيين، ومن مات من غير ولده فنصيبه لإخوته للذكر مثل حظ الأنثيين، ومن مات من غير ولد فنصيبه لإخوته الذكور من أهل الوقف ولا يختص به الأعلى بل من مات منهم عن ولد قام مقام أبيه ولو كان حياء فإن لم يكن له إخوة من ذكور أهل الوقف فلمن في درجته من أهل الوقف،, ثم هو جار كذلك على أعقابهم ونسالهم أبد الآبدين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، وعلى أن كل بنت ذكر ليس لها إلا مدة حياتها.
ثم إن جميع تلك العقارات والأضاحي النظر فيها للعدل الثقة الأمين من ذكور ذريتي، فإن لم يكن فيهم عدل فلكل من يستحق شيئاً من الوقف وهو رشيد فالنظر له والقاصر النظر لوليه، ثم إن جميع تلك العقارات المذكورات أعلاه وقف على الجهات المعينة والشروط المبينة على ما شرح أعلاه، وقفاً مؤبداً وحبساً دائماً سرمداً صحيحا شرعيا لازما مرضيا لا يتطرق إليه شيئا من شوائب البطلان والفساد حيث كان جاريا على قواعد الصحة والسداد مشتملاً على جميع شروطه لصحة الوقف المعتبرة شرعا لا يباع ولا يوهب ولا يبدل ولا ينقل ما لم ينقطع ريعه أو يتعطل جارياً جميعها على ذكور ذريتي وأعقابهم وأنسالهم، فمن سعى في نقض مبرم أحكامه أو نص وقفه بما يخالف إمامه بما يخالف منصوص إمامه فعليه غضب الله وسوء انتقامه وابتلاه الله بكل عاهة في جسده ومحق البركة من رزقه وماله وولده وجعل حضه من الآخرة ناراً تسعر في كبده.
وأعظم الله أجر من أجراه لوجه الله وزاده في الدنيا من بره ورفده ومن سعى في رده إلى مستحقه وأربابه فأسأل الله أن يبرد مضجعه ويؤمنه من عذابه يوم حشره وحسابه فلا يحل لمن يؤمن بالله واليو الأخر وبيا أنه إلى ربه الكريم صائر.
﴿ فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 181]
قال الفاخري في تاريخه: “وفي سنة ثمان وخمسين ومائة توفي قاضي ثادق الشيخ محمد بن ربيعة العوسجي فى صفر”، فيكون عاش 93 سنة، وكذلك في نسخة مخطوطة لابن بشر.
أما ابن بشر في (سوابقه)، وابن عيسى، وابن حميد في (السحب)، فذكروا أن وفاته سنة 1156هـ، فيكون عاش 91 سنة.
كتاب بعنوان: “رد محمد بن ربيعة على أحمد بن منقور في مسألة الحكم على المدعى عليه غيابياً سنة 1116 هـ / 1704م” للشيخ أيمن بن عبدالرحمن الحنيحن من إصدارات دارة الملك عبدالعزيز.