alomran alomran alomran
أخر الإضافات:
الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن حمود السميط رحمه الله أختام علماء ومشايخ وشخصيات نجدية مهرت بها بعض وثائق أسرة العمران تراجم قضاة نجد المعروفين منذ القرن العاشر حتى النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري معجم مصطلحات البناء النجدية صور قديمة لمباني في نجد من دراسة بعنوان: العمارة المدنية في نجد لجيفري كينغ (1982م) رسالة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله إلى أهل سدير الزخارف النجدية : مثال بيت العم عبدالرحمن بن إبراهيم العمران في عودة سدير شما بنت عبدالله بن عمران بن محمد بن عامر المجمعة في قاموس الأعلام رسالة من أبناء حمد بن عمران إلى أبناء عبدالله بن عمران موقف الملك عبدالعزيز من اعتذار أمراء سدير وجباة زكاتها عن دفع زكاة العروض ودفع ما تيسر حديث ولد سبأ العشرة: تخريجاً ودراسة حديثية محمد بن ناصر الصبيح (راعي زاهبة) أول أسطول بحري للإمام فيصل بن تركي آل سعود التاريخ في نجد حتى القرن العاشر كان غامضاً لماذا لا ينبغي الانطلاق من المصادر الثانوية في دراسة القضايا التاريخية؟ مدارس البنات في نجد سنوات الرخاء والقحط التي مر بها النجديون العمل الخيري المؤسسي علاقة نجد بالشام من 1157هـــ إلى 1225هــ أمراء العيينة من عام 850 - 1173هـ محطات في توحيد المملكة العربية السعودية شياع في النسب لا يعرف أصله من نوادر وثائق بلد الغاط عام 1224هـ/1809م‏ وقفية نجدية نادرة: تعود إلى القرن الحادي عشر الهجري منصور بن عبدالله بن محمد بن حماد في رحلة مع وثيقة عمرها 258 عامًا مسجد الدواسر بالدرعية عبداللطيف باشا المنديل قبيلة بني ياس ونسبة آل بو فلاح للدواسر حادثة قتل أهل عودة سدير لآل شقير سنة 1111هـ التحصينات الدفاعية السعودية حوامي عودة سدير مرقب عودة سدير قصيدة رثاء الأمير رميزان بن غشام في الأمير محمد بن عامر إمارة بني خالد في الأحساء
الحبال الحجرية على متون الجبال (ومثال لها في عودة سدير)
الحبال الحجرية

الحبال الحجرية على متون الجبال (ومثال لها في عودة سدير)

هذا النمط من الشواهد الأثرية التي نتكلم عنها عبارة عن خط من الحجارة مرصوف من قمة الجبل إلى السفح، يرى من بعد كالحبل الممدود على صفحة الجبل. وترى هذه الحبال من مسافة بعيدة، وتزداد وضوحاً كلما ابتعد الناظر عنها.

ويبدو لي أن هذه التسمية محلية؛ وقد ورد فى الخرائط الجغرافية اسم (جبال أم حبل) أو جبل (أبوحبال).

كان أول حبل رأيته على صفحة جبل مما يلي مورد ماء (المحدث) يراه السائر على الطريق السريع بين الرياض و الطائف، وذلك بعد اجتياز بلدة (الخاصرة) ونفود الثمامية؛ أي في الطرف الغربي من الجبال المسماة في وقتنا الحاضر (جبال رغبا)، وعندما رأيته أول مرة حسبته من طبيعة الجبل؛ ولكن بعد الوقوف عليه اتضح أنه من صنع الإنسان.

وقد حصرت عدداً من هذه الحبال في مناطق مختلفة، ولعل أكثر وجود لها على جبال (الربانية) وجبال (الحمرانية) الواقعة شمال غرب (وادي الدواسر).

وعندما اصدرت دارة الملك عبدالعزيز كتاب (رحلة استكشافية في وسط الجزيرة العربية) تأليف (فيليب ليبنز)، وهو أحد أعضاء الفريق العلمي الذي قام بالرحلة برئاسة (فيلبي) وجدته يتكلم عن شواهد أثرية غريبة مروا بها عندما وصلوا جبال (الريانية) وجبال (حويتان) في عالية نجد الجنوبية؛ حيث قال:

“وفي العودة اجتزنا من جديد المنحنى الغربي لجبال الربانية فلاحظنا وجود آثار أعمال كبيرة وغريبة، ترجع إلى مرحلة ما قبل التاريخ، وهي عبارة عن كيلومترات من الأسوار تلتقي بمرتفعات وذروات الجبال، تأخذ أحياناً شكل المذراة ذات أسنان ثلاث، يصل طولها أحياناً إلى كيلومترات لينتهي مضيقها بأشكال كروية من الجثوات، هذه الأعمال تنتشر في جميع جبال ا لمنطقة، وهي ليست مسورة، وليس بها أي نقش، يمكن أن يكون لها طابع ديني أو مأتمي، ولا شيء يدل على أنها ذات توجه عسكري أو رعوي أو مخصصة للصيد” إلى أن قال “وبذلك وصلنا إلى قمة معتمة ومليئة بأحجار البازلت اسمها حويتان، حيث كنا أنا وجاك نعاين باستغراب دائرة و اسعة من الحجر على شكل حظيرة للمواشى يصل قطرها إلى 35 متراً، محاطة بسور سميك يصل طوله قامة الرجل، وليس لها مدخل، ولم يكن ذلك إلا واحداً من مئات الأعمال التي تشبهه، وقد هالتنا هذه الأعمال الضخمة، وهنا تأتي الفرضية الإجبارية التي تقول: كانت المنطقة كثيرة السكان، وقد كانت شعاب الطيري التي نجتازها مستوية وسهلة للمشي فوقها، مع كثرة وجود أشجار الطلح بها، ولكن مشهدها أصبح موحشاً بفعل تآكل قممها.

وفي المساء حين كنا نحيط بالنار كنا نتناقش حول هذا السؤال: أليس الاستكشاف نوعاً من التهديم؟ أي تهديم المجهول: فالمجهول أيضاً يعد شيئاً، فمنذ الآن سيظهر اسم هذه المنطقة على الخرائط، وستكون هذه المناطق تابعة للرجال الذين سيضعون عليها أصابعهم، وينطقونها بالمقاطع نفسها، أما قبل هذا الوقت فيمكننا القول: أنها كانت توجد ولا شيء أكثر من ذلك”. انتهى كلامه.

أقول: عندما مر هذا الفريق العلمي المكون من:

-هاري سنت جون فيلبي، رئيس الفريق.

-الأستاذ كونزاك ريكمان، أستاذ اللغات السامية في جامعة لوفان.

-السيد فيليب ليبنز ، الخبير في تخطيط الرسوم، وتصوير الآثار القديمة والنقوش، مؤلف الكتاب.

-الدكتور جاك ريكمان، مساعد الأستاذ كونزاك ريكمان في الفيلوجيا والتاريخ الحميري والسبئي.

وعندما وقفوا على تلك الشواهد الغريبة المحيرة، عادوا وهم في حيرة من أمرها، فراحوا يفترضون الافتراضات، وكانت محل نقاشهم عندما تحلقوا حول النار عند مبيتهم قرب بئر (رغوة).

عندما قرأت وصف ليبنز لهذه المشاهد التي مضى على مرورهم بها قرابة تسعة وخمسين عاماً من الآن 1430هـ، قررت القيام برحلة إلى تلك الجبال ذات المشاهد الغريبة، وقد صحبني قي هذه الرحلة كل من:

– الأستاذ عبد العز يز بن صالح الشايع.

– الأستاذ سعد بن عبدالعزيز اليحيان.

– الأستاذ صالح بن عثمان المقري.

– الأستاذ سعد بن علي الشعيلان.

وجميعهم من رجال التعليم، وعندما وصلنا جبال الربانية، شاهدنا في جانبها الغربي تلك الحبال الممتدة بكثافة على متون الجبال، كما وقفنا على ما بقربها من مشاهد أثرية أخرى كالصوى الكبيرة فوق قمم الجبال أو تلك التي في السفوح والتي شبه ليبنز بعضها بالمذراة. انها بالفعل مشاهد محيرة لا يتصور وضعها الا من وقف بها وتفحصها.

في أثناء تجوالنا بين تلك المشاهد كنت حريصاً على مقابلة أحد القاطنين في المكان لمعرفة ما لديهم من معلومات عن هذه الشواهد، ومع أننا لم نشاهد في أثنا ء سيرنا أحدأ؛ لأن الأرض ممحلة، ولكن صادف أن قابلنا رجلأ مسناً على سيارة ومعه سائقه فاستوقفناه، وبعد السلام أمطرته بأسئلتي، ومنها سؤاله عن هذه الحبال الحجرية الممتدة على الجبال، فابتسم الرجل ابتسامة توحي بأن لديه المعرفة التامة عن سرها الذي لم ينكشف لأحد بعد، فقال: “إن الجن الذين يعملون عند النبي سليمان بن داود اشتكوا اليه من الفراغ؛ قائلين: إنه لا يستقيم أمرنا إلا بعمل نعمله. فقال لهم: عليكم بهذه الجبال فابنوا عليها علامات يستدل بها الناس على موارد المياه”.

واسم هذا الرجل الذي قابلناه هو: (محمد بن فهاد الرجباني الدوسري) ومثل هذا التعليل لم يقل به أحد قبل هذا الشيخ الرجباني، ومع أن قوله هذا أقرب – عندي – إلى حقيقة تلك الأعمال الجبارة، فلم أقتنع بما قاله لأمرين:

الأول: عدم ورود نص في كتب التراث يعضد مثل هذا القول.

والأمر الثاني: أن الناس اعتادوا نسبة آثار المتقدمين التي لم يجدوا لها تفسيرا الى جن سليمان بن داود عليه السلام، أو إلى بني هلال.

وهي تفسيرات خيالية أوحاها العجز عن إدراك حقائق تلك الظواهر الغريبة هنا وهناك.

والشيء اللافت للنظر هو أن بعض هذه التفسيرات الخيالية يستدل بها أهل كل ناحية على أبرز الأشياء المحيرة عندهم، وأقدم مثالاً على هذا:

حكاية النسر العجوز الذي دل على مكان (تدمر)، ومعروف أن (تدمر) من أبرز آثار المدن القديمة التي عفا عليها الزمن فاصبحت أثراً من الآثار بآعمدتها السامقة في السما ء حتى الآن، وهي من أبرز المعالم السياحية في سورية فهذه (الليدي آن تورد) في كتابها (رحلة إلى نجد) قصة رواها لها مرافقها محمد بن عبدالله العروج، تتعلق برغبة الملكة بلقيس عندما تزوجها النبي سليمان بن داود، بأن تمتلك بيتاً بين دمشق والعراق بابل لنقاء هواء الصحراء، وهي قصة قالت عنها المؤلفة بانها مزيج من الخرافة والمرويات التاريخية، قال محمد العروج وهو من مواليد تدمر:

“لم يستطع أحد العثور على بيت كهذا، فما كان من النبي سليمان، الذي كان ملكاً للبشر و الطيور معاً، إلا أن أرسل إلى كل الطيور ليخبروه عن المكان الذي ترغب فيه بلقيس، فنفذ الجميع أوامره عدا نسراً و احداً لم يحضر، ولما سألهم الملك عن بقعة بين دمشق والعراق حيث الهواء النقي لم يجد أحد جوابه، فأحصاهم فعلم بتخلف النسر، فأرسل في طلبه فأحضر إليه، ولما سأله النبي سليمان عن سبب عدم تلبية أمره، أجاب أنه يعتني بوالده، وهو نسر عجوز فقد ريشه، فلا يستطيع الطيران أو الأكل إلا إذا أطعمه ابنه. عندها سأل الملك النسر إن كان لديه علم بمكان كالذي تريده بلقيس، فأخبره بأن والده يعلم كل مكان في العالم بعد أن عاش أربعة آلاف سنة.

وهنا أمر بإحضار النسر في صندوق؛ لأنه لا يستطيع الطيران، إلا أن أحداً لم يستطع حمله.‘ لأنه كان ثقيلاً جداً، فأعطاهم الملك سليمان مرهماً، وطلب أن يدلك الطائر به، ثم يربت عليه هكذا وهكذا، وسيعود شاباً.

ففعلت الطيور ما أمرها به، فنما الريش على ظهر النسر وجناحيه، وطار إلى النبي سليمان، وحط أمام العرش. سأله الملك.

أين يقع المكان الذي تطلبه السيدة بلقيس، بين دمشق والعراق، في قلب الصحراء، حيث الهواء النقي؟

أجاب النسر: تراه بتدمر، المدينة التي تقع تحت الرمال. ثم دلهم على المكان، فأمر الملك الجن بإزالة الرمال، حيث ظهرت الأطلال والأعمدة الجميلة لمدينة تدمر”. انتهى، وللقصة بقية مشوقة!

أقول: لم أورد هذه القصة الخيالية لمجرد التسلية، وإنما قصدت بذلك أن حقائقنا التاريخية أفسدتها تلك الروايات الخرافية، التي هي من نسج القصاص والحكاوية، ومما يدعو إلى الاستغراب أن قصة هذا النسر العجوز، يرددها سكان  (الربع الخالي) حيث سمعتها من أكثر من واحد، ولكن ليس لإزاحة الرمال عن مدينة (تدمر) التي ليس بقربها رمال، وإنما لإزاحة الرمال عن جنة (شداد بن عاد) المطمورة تحت رمال الربع الخالي.

وكل يغني على بلقيسه؛ فيا ترى أى من المدينتين دل هذ ا النسر العجوز سليمان بن داود عليه السلام أولاً أهي تدمر، أم الجنة الوهمية المطمورة تحت رمال الربع الخالي؟

لن يستطيع أحد الإجابة عن هذا السؤال، إلا أولئك القصاص الذين لا يصعب عليهم اختلاق الأقوال التي شوهت حقائقنا التاريخية.

أما بالنسبة إلي فلم أستسلم لليأس، وأكتفي بتلك الافتراضات التي كانت محل نقاشنا عندما نصبنا خيمتنا بجوار سور مدرسة(رغوة) لتحمينا من الريح الباردة التي هبت تلك الليلة، ومن المصادفات العجيبة أن الليل أدركنا قرب المكان الذي تناقش فيه ليبنز ومن معه حول تلك الظواهر الأثرية المحيرة؛ فقد قمت برحلتين إلى تلك الناحية لربط هذه الشواهد مع ما قبلها وما بعدها فتكشفت لي امتداداتها حتى في الأرض المنبسطة. علماً بأن السائر مع جواد الطرق القديمة سيلحظ في بعض الأماكن تكثف الشواهد الأثرية، خاصة بالقرب من المساكن الموغلة في القدم؛ حيث تختلط المدافن مع الشواهد الأخرى المتمثلة بآثار المنازل ودلالات الطرق، فلا يكاد الباحث يفرق بين هذه وتلك. ومثل هذه الأمور تحتاج لمزيد من الدراسة – في رأيي- يتم من خلالها فرز تلك الشواهد وتصنيفها وخضاعها للبحث الآثري الجاد حتى يتم التوصل إلى معرفة الفرض من كل نوع من تلك الشواهد المكثفة المتداخلة.

فعندما زرت الأراضي اليمنية في الرحلة التي نظمتها دارة الملك عبدالعزيز  في شهر شوال من هذا العام 1428هـ الموافق شهر أكتوبر 2007م؛ وقفت على المدافن الموجودة بكثافة فوق جبل (رويك) وجبلي (العلمين الأسود والأبيض).

وعندما شاهدت تلك (الصوى) و (الأبراج) المكثفة عرفت أنني بين مدافن موغلة في القدم، ولكن الشيء المحير. ماهو موجود بالقرب من هذه المدافن، سواء فوق متون الجبال أم في الأرض المنبسطة حولها من حبال حجرية متفرقة هنا وهناك بشكل لافت للنظر.

إنها بالفعل – في رأيي – أعمال عبثية لا لزوم لتنفيذها. وقد يكون منفذوها من الأمم الماضية لهم اعتقاداتهم الخاصة بشأنها، ولعلها من الأمور التي لام النبي (هود) عليه السلام عليها قومه؛ حيث قال لهم:

﴿أَتَبۡنُونَ بِكُلِّ رِیعٍ ءَایَةࣰ تَعۡبَثُونَ ۝١٢٨ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمۡ تَخۡلُدُونَ ۝١٢٩ وَإِذَا بَطَشۡتُم بَطَشۡتُمۡ جَبَّارِینَ ۝١٣٠ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَطِیعُونِ ۝١٣١﴾ الشعراء

أقول: إن ما شاهدته هناك عبث لا تدعو الحاجة إليه، ومعروف أن معنى الآية الواردة في قوله تعالى: ﴿بِكُلِّ رِیعٍ ءَایَةࣰ﴾

لا أحب ان أتكلم بأكثر من هذا حول تلك الحبال المكثفة، وأترك القارئ ليشاهد صورها رقم (50) ورقم (51) ورقم (52) مع ما قبلها من صور الحبال على متون الجبال. ولهذا أقول: إن رواية العم (محمد بن فهاد الرجباني) مع ما يشوبها من خيال هي أقرب إلى الحقيقة – في رأيي – حتى يثبت البحث الأثري ما يناقضها.

الحبال الحجرية على متون الجبال (ومثال لها في عودة سدير)

وفيما يلي نماذج من هذه الحبال الموضوعة على متون الجبال:

الحبال الحجرية
صور الحبال الحجرية التي أشار لها المؤلف

الحبال الحجرية على متون الجبال (ومثال لها في عودة سدير)

المقال منقول نصاً من المصدر: أطلس الشواهد الأثرية على مسارات طرق القوافل القديمة في شبه الجزيرة العربية/ عبدالله بن محمد الشايع. دارة الملك عبدالعزيز، 1430هـ.

ملاحظة موقع عائلة العمران:

توجد مثل هذه الحبال الحجرية في عودة سدير، وأدناه صور لها:

الحبال الحجرية
الحبال الحجرية
الحبال الحجرية
الحبال الحجرية على متون الجبال (ومثال لها في عودة سدير)

الموقع الأول: عند مسافر (نقطة التقاء شعيب العتيقية بوادي سدير)

الموقع الثاني: في شعيب الهوامل