من الموروث الديني لدى اليهود وتوجد أحاديث تدل على ما لديهم، لكنها لا تخلو من مقال أن جميع البشر يرجعون إلى أبناء نوح – عليه السلام، وكل رجل منهم يشكل عرقية خاصة، وهم:
وهذا التقسيم مذكور في التوراة (راجع سفر التكوين: الإصحاح العاشر) مع زيادة تفصيل في ذكر أمم هذه الأعراق الثلاثة. وقد سرى هذا التقسيم إلى الأدبيات الإسلامية الكلاسيكية، وأفردت مصنفات في القرون الوسطى، في أنساب الأمم وطبقاتها، اعتمد مؤلفوها على هذا التقسيم في تفريع البشر، ثم أتى (Samuel Morton) مؤسس المدرسة الأمريكية لوصف الأعراق البشرية في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، وأضاف قسمين آخرين، وهما: سكان جنوب شرق آسيا، وسكان امريكا الأصليين (أنظر في نقد أطروحته عن تفاضل الأعراق: التقرير الذي أعدته (Elizabeth Kolbert) بعنوان: “خرافة العرق، والمنشور في مجلة (National Geographic) أبريل 2018، المجلد 23، العدد 91)، ثم أتى بعده جرجي زيدان (ت 1914م)، في كتابه: “طبقات الأمم”، واكتفى بأربعة أقسام، الثلاثة المشهورة، والقسم الرابع هم الهنود الحمر، أو العرق الأحمر.
وبالنظر إلى مخرجات علم السلالات البشرية (DNA): فإن كل هذه التقسيمات لا تصح من الأساس، وسأبين ذلك بإيجاز، وإلا فهذا الموضوع ينبغي أن تخصص له مقالة في نقد مرويات الأمم في تقسيم البشرية، بناء على مخرجات الـ (DNA).
تذكر الرواية اليهودية أن بداية الافتراق والتمايز العرقي للبشر حصل مع أبناء نوح عليه السلام المباشرين، وكل ابن يمثل عرفاً خاصا فالمفترض بناء على هذه الرواية، أن يتكتل البشر جينيا ضمن ثلاث سلالات كبرى ذات عمر تاريخي متطابق، إلا أن الأمر في مخرجات علم النسب الجيني مختلف تماماً، وبيان ذلك:
أول افتراق جيني حصل للبشر الموجودين الآن، كان ضمن السلالة: (A00) التي تتواجد في أفريقيا، وبقية البشر ينحدرون من السلالة (ACT)، ويُقدر عمر هاتين السلالتين ب 235 الف سنة! أي أن الذي بقى من نسل الإنسان الأول هما رجلان ممثلان لهاتين السلالتين؛ علماً أن زمن الالتقاء بين هاتين السلالتين غير محدد حالياً، وهل من يمثلها أخوان؟ أو هما بقية ناجية من مجموعات سابقة منقرضة؟ وإذا ثبت علمياً الاحتمال الثاني فهذا أيضاً مما يزيد من دحض هذه الرواية الأسطورية التي تقول أن جميع البشر يرجعون ل أبناء نوح عليه السلام.
وهذا – أي اجتماع البشر الموجودين في سلالتين بمفرده ينسف الرواية اليهودية، ومما يزيد أيضاً في دحضها، أن أمم الأعراق الثلاثة بحسب الرواية اليهودية – لا تتكتل فيما بينها في سلالة واحدة، وهذا يرد تصنيف أعراق الأمم إلى القوقازيين، والمنغوليين والزنجبين، وبيان ذلك من الأمم المنسوبة إلى العرق المنغولي: (المغول، والصينيون، واليابانيون)، إلا أن بعض الأمم المصنفة بحسب رواية اليهود ضمن العرق القوقازي والزنجي تلتقي ببعض الأمم المنغولية قبل التقاء المنغوليين بعضهم ببعض!
فمثلاً، اليابانيون القدماء هم على سلالة (D)، وأقرب السلالات لهذه السلالة، السلالة (E)، وهذه السلالة تنتشر في أفريقيا، والجزيرة العربية، والشام، واليونان، فعليها أمم مصنفة بين القوقازيين والزنجيين.
وكذلك الحال مع السلالة (C)، وهذه السلالة تنتشر في شرق آسيا، ومن مشاهير من يحملها جنكيز خان المغولي، وأقرب سلالة لهذه السلالة هي (F)، وهذه السلالة عليها كثير من البشر من القوقازيين والمنغوليين والزنجيين.
وأيضاً نرى أن السلالة (O)، وهي السلالة المهيمنة على الصينيين، هي أقرب سلالة للسلالة (N)، وهذه سلالة تنتشر في شمال غرب روسيا.
فكل هذا مما يدحض هذه الرواية اليهودية الأسطورية. ويبدو أن تقسيم أعراق البشر يعتمد بالدرجة الأولى على بيئتهم، لا على جيناتهم!
علم الـ (DNA) وأبناء نوح عليه السلام الثلاثة
وفي هذا الرابط https://www.yfull.com/tree مشجرة مفصلة للسلالات البشرية بأعمارها، ولا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن أعمار السلالات موغلة في القدم كما هو موضح.