تتلخص هذه النظرية بأن جميع القبائل العربية التي أدركت ظهور الإسلام تنحدر من رجلين (عدنان وقحطان أو ثلاثة) باعتبار أن قضاعة جذم مستقل، في ظل شبكة من السلاسل النسبية المتصلة بدقة.
ولو طبقنا قانون النسابين في حساب الأجيال على سلاسل النسب لبعض مشاهير عصر النبوة من أجل تحديد زمن وجود هذه الأجذام الثلاثة – سيظهر لنا أن كلا من عدنان وقضاعة عاشا في القرن الثالث قبل الميلاد، وأن قحطان عاش في القرن السادس قبل الميلاد.
هذه النظرية “الساذجة”، التي تسعى لعمل حصر مشجري تام ودقيق للعرب لا يكاد يخرج عنه أحد، وجهت لها عدة انتقادات من باحثين عرب وأجانب، من أهمها: أن المصادر اليونانية والرومانية القديمة – وبالمناسبة فبعض هذه المصادر كتبت في وقت مقارب لزمن وجود هذه الاجذام الثلاثة تحتوي على ذكر أسماء لقبائل تقطن الجزيرة العربية لا يوجد لها أي إشارة في المصادر الإسلامية المبكرة مما يقطع بأن التدوين ناقص، وأن الجزيرة مأهولة بأقوام من غير الأجذام الثلاثة، أو أن ثمة فجوات كبيرة في تدوينات النسابة الإسلاميين ومن ثم فسلاسل النسب غير دقيقة. وقد قامت دارة الملك عبد العزيز – مشكورة – بترجمة بعض هذه المصادر القديمة ضمن سلسلة بعنوان: الجزيرة العربية في المصادر الكلاسيكية، وبلغت (17) إصداراً.
وقد نقل أ. د. سعد بن عبد الله الصويان في كتابه: (الصحراء العربية) عن روبرتصون سميث قوله أن معظم القبائل العربية التي ذكرها بطليموس (Ptolemy) وغيره من الرحالة الأجانب الذين زاروا الجزيرة في القرن الثاني الميلادي، قبل أن تهجر الطرق التجارية بين جنوب الجزيرة وشمالها كانت قد اندثرت زمن البعثة النبوية وحلت محلها قبائل لم يسمع بها من قبل. كما نبه الصويان أن الأنساب كائن متحرك يخضع لظروف الزمان والمكان ومتطلبات العيش الإنساني.