الكتاب: سفرنامه
المؤلف: مؤلف كتاب سفرنامه هو أبو معين حميد الدين ناصر بن خسرو قبادياني مروزي (ولادته 1003م وفاته 1088م) (481-394هـ)، وصل إلى اليمامة تقريباً سنة 1055م (442هـ)، وكانت ضمن رحلته للحج التي امتدت لمدة سبع سنوات زار فيها العديد من المدن (حسب الخريطة أدناه) من سنة 1045م (436-437هـ) إلى سنة 1052م، ووثقها في كتابه سفرنامه.
النص باللغة الفارسية:
به یمامه حصاری بود بزرگ و کهنه. از بیرون حصار شهری است و بازاری و از هرگونه صناع در آن بودند و جامعی نیک و امیران آن جا از قدیم بازار علویان بودهاند و کسی آن ناحیت از دست آنها نگرفته بود از آن که آن جا خود سلطان و ملکی قاهر نزدیک نبود و آن علویان نیز شوکتی داشند که از آن جا سیصد و چهارصد سوار برنشستی و زیدی مذهب بودند و در قامت گویند «محمد و علی خیرالبشر و حیّ علی خیر العمل» و گفتند مردم آن شهر شریفیه باشند، و بدین ناحیت آب های روان است از کاریز و نخلستان و گفتند چون خرما فراخ شود یک هزار من به یک دینار باشد و از یمامه به لحسا چهل فرسنگ میداشتند و به زمستان توان رفت که آب باران جایها باشد که بخورند و به تابستان نباشد.
وبالاختصار بلغنا اليمامة بعد مسيرة أربعة أيام بلياليها، وباليمامة حصن كبير قديم والمدينة والسوق حيث صناع من كل نوع يقعان خارج الحصن وبها مسجد جميل (هذا المسجد كشفت عنه تنقيبات البعثة السعودية الفرنسية المشتركة للتنقيب الأثري في محافظة الخرج أنظر الصورة أدناه) وأمراؤها علويون منذ القديم ولم ينتزع أحد هذه الولاية منهم إذ ليس بجوارهم سلطان أو ملك قاهر.
وهؤلاء العلويون ذوو شوكة فلديهم ثلاثمائة أو أربعمائة فارس ومذهبهم الزيدية وهم يقولون في الإقامة (محمد وعلي خير البشر وحي على خير العمل) وقيل إن سكان هذه المدينة شريفية (خاضعون للأشراف) وفيها مياه جارية في قنوات ونخيل، وقيل إنه حين يكثر التمر يباع الألف من منه بدينار، ومن اليمامة إلى الحسا أربعون فرسخا ولا يتيسر الذهاب اليها إلا في فصل الشتاء حين تتجمع مياه المطر فيشرب الناس منها ولا يكون ذلك في الصيف. (ترجمة: د. يحيى الخشاب)
اليمامة في سفرنامه لناصر خسرو
قصد المؤلف بحكام اليمامة ذلك الحين دولة الأخيضيريين (الزيدية)، والتي استمر حكمها لليمامة قرابة ٢٥٠ سنة أي من ٢٥٢هـ حتى أواخر القرن الخامس الهجري.
يقول إبراهيم بن علي زين العابدين الحفظي في كتابه: (تاريخ عسير: رؤية تاريخية خلال خمس قرون) ص 51 ما يلي:
“كان بنو جروان فالأحساء قد تمكنوا السيطرة على البحرين، وأخذوا يحاولون مدَّ نفوذهم نحو نجد بعد أن قضوا على العصفوريين، وأظهروا مذهب التشيع، وبرزت بقايا الاخيضرين والأضيفريين من جديد واستولت على الخرج وقراة، وعلى منفوحه ودلمه (الدلم)، و تمركزوا في (الخضرمة) جنوب حجر على وادي الوتر.
وجاء سدير بن عامر عام 873 هـ، وانضم إليه علي بن إبراهيم بن طاهر بمن بقي معه من أسرته آل علي إذ لم يبقى معه سوى بني الأحسن من آل علي، فسيطروا على نجد، وأخذوا في مطاردة بني جروان الذين ينتمون بالأصل إلى قبائل المحلف في بيشه، وبقيت نجد تحت سيادة سدير وآل طاهر وأحفاد سدير من البدارين الدواسر وغيرهم من الولاة الذين يرسلهم أمراء عسير على الافلاج، والوادي، وعالية نجد أو يعينونهم منها”.
“الخبر عن دوله بني الأخيضر باليمامة من بني حسن كان موسى الجون بن عبدالله بن حسن المثنى بن الحسن السبط لما اختفى أخواه محمد وإبراهيم، طالبه أبو جعفر المنصور بإحضارهما فضمن له ذلك، ثم اختفى وعثر عليه المنصور فضربه ألف سوط،فلما قتل أخوه محمد المهدي بالمدينة اختفى موسى الجون إلى أن هلك وكان من عقبه إسماعيل وأخوه محمد الأخيضر ابنا يوسف بن إبراهيم بن موسى.
فخرج إسماعيل في أعراب الحجاز وتسمى السفاك سنة إحدى وخمسين ومائتين، ثم قصد مكة فهرب عاملها جعفر بسباسات، وانتهب منزله ومنازل أصحاب السلطان، وقتل جماعة من الجند وأهل مكة، وأخذ ما كان حمل للإصلاح من المال، وما في الكعبة وخزائنها من الذهب والفضة وأخذ كسوة الكعبة وأخذ من الناس نحواً من مائتي ألف دينار، ثم نهبها وأحرق بعضها بعضاً وأقام في ذلك خمسين يوماً،
ثم سار إلى المدينة فتوارى عاملها وحاصرها حتى مات أهلها جوعاً ولم يصل أحد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصل عساكر المعتز إلى المدينة فأفرج عنها، ورجع إلى مكة وحاصرها حتى جهدها الحصار، ورحل بعد مقامه شهرين إلى جدة فأخذ أموال التجار ونهب ما في مراكبهم، ورجع إلى مكة، وقد وصل إليها محمد بن عيسى بن المنصور وعيسى بن محمد المخزومي بعثهما المعتز لقتاله فتواقعوا بعرفة، واقتتلوا وقتل من الحاج نحو ألف، وسلبوا الناس وهربوا إلى مكة، وبطل الموقف إسماعيل وأصحابه، وخطب لنفسه، ثم رجع إلى جدة، واستباحوها ثانية، ثم هلك لسنة من خروجه بالجدري آخر سنة اثنتين وخمسين أيام حرب المستعين والمعتز.
وكان يتردد بالحجاز منذ اثنتين وعشرين سنة، ومات ولم يعقب، وولي مكانه أخوه محمد الأخيضر، وكان أسن منه بعشرين سنة، ونهض إلى اليمامة فملكها واتخذ قلعة الخضرمية، وكان له من الولد محمد وإبراهيم وعبد الله ويوسف، وهلك فولي بعده ابنه يوسف، وأشرك ابنه إسماعيل معه في الأمر مدة حياته، ثم هلك وانفرد إسماعيل بملك اليمامة وكان له من الإخوة الحسن وصالح ومحمد بنو يوسف، فلما هلك إسماعيل ولي من بعده أخوه الحسن، وبعده ابنه أحمد بن الحسن، ولم يزل ملكها فيهم إلى أن غلب عليهم القرامطة، وانقرض أمرهم، والبقاء لله”. (ابن خلدون، ج ٤، ص ٩٨)