كتبه: إبراهيم بن محمد بن عبدالله الخميس
في: الأول من رجب 1446هـ، الموافق الأول من يناير 2025م، (الرياض- البير)
مقدمة:
تعتبر الجزيرة العربية من أكثر المناطق جذباً لأعداد من الرحالين الأوروبيين، الذين تركوا لنا نصوصاً جغرافية وتاريخية وسياسية رائعة، ولكن مما يدعو إلى العجب أن هذا التراث برغم أهميته لم ينشر منه بالعربية إلا أقل القليل.
وقد بدأت وجهة الرحالة الأوروبيين إلى بلاد الحرمين الشريفين “مكة والمدينة النبوية” وكان هدف بعضهم من أجل أداء فريضة الحج أو التجارة أو الاستطلاع أو الجاسوسية أو المغامرة أو حب الشهرة، وقد يجدون من بعض ممن لهم النفوذ من يحقق لهم ما يطمحون إليه رغم أنهم ممن يحضر عليهم دخول البقاع الطاهرة.
وسبب شغف الغربيين بشبه الجزيرة العربية يرجع إلى ثلاثة أمور:
الأول: عندما بدأ البرتغاليون بسيطرتهم على ساحل الخليج ومنافذه، مما أدى إلى التنافس بين الدول الأوروبية ودخولها في صراع سياسي واقتصادي فيما بينها لزحزحة النفوذ البرتغالي، ولذا جاءت رغبة الأوروبيين في معرفة بلاد الجزيرة العربية لخدمة مصالحهم الاستعمارية، فكانت الرحلات لا تخلوا من مهام استطلاعية وعوامل سياسية واقتصادية.
الثاني: ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب (رحمه الله) وانتشارها وقيام الدولة السعودية الأولى وما ترتب على ذلك من تطورات سياسية واقتصادية أصبحت تهدد كثير من الأوضاع السياسية، لذا كانت مهمة بعض الرحالة التحقق من التهديد الذي تحمله هذه الدعوة والدولة على المصالح الأوروبية في المنطقة.
الثالث: اندفاع نابليون بونابرت الفرنسي إلى الشرق وتهديده للمصالح البريطانية عام 1213هـ وقطع الطريق الذي يوصل للهند تاج المستعمرات البريطانية، الأمر الذي أدى إلى اهتمام البريطانيين بالجزيرة العربية لأهميتها لنجاح خططهم الاستعمارية.
وليس من المعروف على الدقة تاريخ بداية وصول الرحالة الغربيين إلى الجزيرة العربية، ولكن هناك إشارات مقتضبة أنه في مطلع القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي) بدأت بوصول القبطان والرحالة كابوت، الذي يقال إنه زار مكة المكرمة بين سنتي 881 – 896هـ / 1476 – 1490م.
وكذلك الرحالة «لود فيكودي فارتيما»، الإيطالي ففي عام 908هـ الموافق 1503م، توجه فارتيما إلى مكة ودخلها متظاهراً بالإسلام لخدمة البرتغاليين.
ومنذ السنوات الأولى من القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي) نشطت رحلة الأوروبيين لشبه الجزيرة العربية، وأصبحت مركزة بالدرجة الأولى على وسط وغرب شبه الجزيرة، التي أصحبت تحظى بالاهتمام من قبل الغربيين وعلى الأخص فيما يتعلق بالتنافس الاستعماري الذي كان قائماً بين بريطانيا وفرنسا.
ويذكر الدكتور منير العجلاني في حديثه عن أول الرحلات إلى نجد قائلاً:
“وكان يظن أن سعود الكبير كان أول حاكم سعودي يستقبل أوروبيا، ولكن المستشرق سيتزن نشر عام1219هـ 1805م بحثا في مجلة المراسلة الشهرية – التي كانت تصدر باللغة الألمانية، أثبت فيه أن الأمير عبدالعزيز بن محمد سبق ابنه سعود إلى الاجتماع بسياسي غربي في الدرعية، وهذا السياسي الغربي هو الضابط البحري “رينو”.
وقال عنه “رينتس” في دائرة المعارف الإسلامية:
“إن رينود هولندي الأصل، ويعمل مساعد الوكيل البريطاني في البصرة، ويتكلم اللغة العربية، وقد أرسله “صموئيل مانيستي” مندوب الشركة البريطانية للهند الشرقية في البصرة عام 1214هـ الموافق 1799م إلى الدرعية رئيسًا للبعثة البريطانية الرسمية لإجراء محادثات مع الإمام عبدالعزيز بن محمد لإيجاد نوع من العلاقات الودية وحُسن المعاملة بين الدولتَين، بعد ما اعترى هذه العلاقات من الخلافات، كان مردّها اشتراك عدد من حراس الوكالة الإنجليزية في الكويت مع القوات الكويتية في ردّ هجوم سعودي ضد الكويت، وقد استقبل في الدرعية استقبالا حسنا من قبل الإمام عبدالعزيز وأجرى رينود محادثات مستفيضة مع الإمام، تركزت في جلها على تأمين سلامة بريد الشركة الذي يمر من البصرة إلى حلب عبر الطريق الصحراوي الذي تقطنه قبائل سعودية”.
وقال السير هارفرد جونز بريدجز “عندما كان السيد لاتوش (Latouche) يشغل منصب المقيم في البصرة من سنة 1192هـ الموافق 1778م إلى 1198هـ قد واصلت أنا والسيد مانستي (Manesty) هذه العادة ولذلك نادرا ما كانت تعترض إرسالياتنا. وحتى عندما يتم احتجاز حاملي البريد من وقت لآخر فإن الإرساليات كانت تصل إلينا دائما في نهاية الأمر دون أن تفض أختامها. وهكذا تم الحفاظ منذ ذلك الوقت على تفاهم جيد بين طائفة الوهابية والوكالة. وقد علمت فيما بعد ولأسباب جيدة أن ابن سعود كان تواقا إلى استمرار هذا الوضع”.
وكان الأوروبي المعروف جورج فورستر سادلير، قام برحلة في صيف عام 1234هـ الموافق 1819م بدأها من القطيف في الشرق إلى وسط نجد، مروراً بنجد حتى وصل رماح ومنفوحة والدرعية وعنيزة إلى ينبع في الغرب. ومن الواضح أنه جاء لمقابلة إبراهيم باشا وتهنئته على نجاحه في إسقاط الدولة السعودية الأولى، وتأكيد التعاون مع حكومة بريطانيا للتخفيف من الخطر السعودي على مراكز نفوذهم في الخليج العربي، والذي يختارون له مصطلح القرصنة، ولكن سادلير فشل في الحصول على اتفاقية مع إبراهيم باشا.
وقال: “جاء في منتخبات حكومة بونباي أن رسالة وصلت إلى حاكم بونباي في منتصف سنة 1246هـ الموافق 1831م، من الإمام تركي بواسطة شيخ عجمان، وفيها يعرب تركي عن رغبته في تجديد المعاهدة التي كانت عقدت بين الإمام سعود بن عبدالعزيز وبين البريطانيين”.
وقالت الدكتورة مديحة أحمد درويش: “… وقد انهت العلاقات بين الإمام فيصل وانجلترا سنة (1865م – 1271هـ) بالتعاون على أن يكبح فيصل جماح القبائل التي تقوم بالسلب في منطقة الخليج، وذلك تنفيذا لما كان قد وعد به أجداده بخصوص سلامة التجار والمسافرين في البحر لمدة مائة عام”.
وفي دليل الخليج الفارسي أن المقيم البريطاني في الخليج بعث رسالة جوابية إلى الإمام تركي، جاء فيها: (إن رسالتكم المؤرخة في 25 جمادى الأولى، والتي تبلغنا عن الوقائع التي انتهت إلى توليكم الرئاسة قد وصلت إلينا وأحدثت في نفوسنا الأثر الجميل الذي تحدثه أخبار تصل من الأصدقاء. إن استعدادكم لتفاهم ودي بيننا نقابله بمثل شعور الصداقة التي كانت قائمة بين هذه الحكومة وبين سلفكم الإمام سعود، وستبقى قائمة بكل قوتها ولن تتصدع أبدا أو تضعف”.
لويس بيلي: نشأته وحياته
السير لويس جون هيند بيلي. ولد في ١٤ نوفمبر 1825م الموافق 9 ربيع الآخر 1241هـ في مدينة (هايد هاوس) جنوب غرب بريطانيا من عائلة كبيرة تعرف باسم (لوكاس بيلي)، ودرس في إنجلترا وأظهر رغبته في الالتحاق بالمدرسة العسكرية، وفي عمر السادسة عشر وبعد أن أتم تعليمه غادر لويس بيلي مدينته (هايد) متجهًا إلى كلية التدريب في شركة الهند الشرقية البريطانية في بومباي. وبدأ التدريب فيها عام 1841م وتخرج منها عام 1843م برتبة ملازم ثاني، ثم ترقى في الرتب العسكرية حتى وصل إلى رتبة فريق عام 1887م.
قضى بيلي المرحلة الأولى من حياته المهنية يخدم الامبراطورية البريطانية في الهند. وكلف بكثير من المهام السياسية، حيث عمل سكرتيراً في المفوضية البريطانية في طهران، ولما انتهى عمله فيها عام 1861م غادرها إلى زنجبار ليعمل مقيماً سياسياً فيها فترة قصيرة وبعدها أرسل إلى الخليج العربي ليكون المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي في بوشهر بين عامي 1862-1873م الموافق 1278هـ – 1289هـ.
وقد شغل بيلي عدداً من المناصب والمسئوليات الإدارية حتى عام 1878م الموافق 1295هـ.، حيث عاد بيلي إلى المملكة المتحدة بعد بلوغه سن الثالثة والخمسين وتزوج من السيدة (إيمي بيلي) متأخراً نوعاً ما، حيث كرس حياته للخدمة العسكرية في الهند والخليج.
وفي عام 1883م عرض عليه العاهل البلجيكي أن يكون مديراً للكنغو ولكن بيلي فضل أن يكون عضواً في البرلمان البريطاني. واستمر كعضو حتى وفاته. ومن الجدير بالذكر أن بيلي في عام 1886م كان له نشاط اجتماعي في مجلس العموم حيث ساعد في حملة من أجل مشروع حق المرأة في التصويت، وحضر اجتماع الجمعية الوطنية لحق المرأة في التصويت، كما أن له دور بارز في مسائل تتعلق بتعليم المرأة وعملها وآفاق الزواج.
وبالإضافة إلى ذلك فإن لبيلي ميولاً أدبية، فقد نشر مسرحية “معجزة الحسن والحسين” التي جمعها من التاريخ الشفهي وصدرت في 1879م في مجلدين.
ويوجد عدد كبير من السجلات التي قيدها بيلي في حياته العملية ضمن المكتبة البريطانية، وتوفر هذه السجلات معلومات هامة حول مسؤول حكومي بريطاني في الخليج، والتي توضح دوره الحقيقي وكيف كانت حياته والتحالفات التي طورها. وتمثل اليوم مادة وثائقية كبيرة للمهتمين بتاريخ الخليج وبلاد فارس.
وقام بعدة رحلات خلال مدة عمله في الخليج العربي، ومن أهم تلك الرحلات رحلته إلى الرياض في 17 فبراير 1865م الموافق 21رمضان 1281هـ، والتي هي مجال بحثنا، وترك لنا كثيراً من الإحصائيات عن منطقة الخليج العربي مثل: عدد السكان والسفن، واحصائيات عن النخيل والبيوت والقبائل وغيرها.
وفاته:
أصيب بيلي بالذبحة الصدرية وقام معه ذلك المرض خمسة أسابيع وبعدها توفي في 22 أبريل 1892م الموافق 34 رمضان 1309هـ وعمره 67 سنة، ولم يكن لديه أطفال، ويوصف بأنه قصير القامة ذو مظهر مميز.
دوافع لويس بيلي للقيام بالرحلة:
في بداية سنة 1864م الموافق منتصف 1280هـ عقدت الجمعية الجغرافية الملكية في لندن مناقشتين حول المناطق الداخلية من الجزيرة العربية، والتي أدت إلى طرح مجموعة من الأسئلة حول الموضوع ونظرًا لخبرة بيلي (المقيم السياسي في الخليج العربي). بشؤون المنطقة تم إرسالها إليه، فكان الشخص الأنسب للإجابة عن الأسئلة. ودفعت هذه الأسئلة بيلي إلى اتخاذ قرار بزيارة المنطقة. فعقب الرد على أسئلة الجمعية الجغرافية الملكية أرسل بيلي خطابًا للحكومة البريطانية يطلب الإذن بإجراء زيارة رسمية إلى الرياض.
عندما أراد بيلي القيام برحلته إلى الرياض كان الدافع لها أن يثبت خطأ وجهة نظر الجمعية الجغرافية الملكية والتي تقول: “إن من العسير على أي أوروبي التوجه إلى الرياض دون أن يلاقي حتفه حيث كان أغلب الرحالة يلقون حتفهم، وكانوا يدخلون متنكرين إلى الجزيرة العربية خوفاً على حياتهم”.
كما أراد بيلي أن يثبت قدرة الإنجليزي على السفر دون التعرض لأذى ودون خوف من الإصابة في منطقة نجد.
بالإضافة إلى ما لدى لويس بيلي نفسه من روح التحدي والمغامرة التي لازمته منذ تجواله وحيداً في مناطق الأفغان إلى أن قرر زيارة الرياض دون تعهد بالأمان حتى لا يحظى أحد ممن سبقه بهذه المكانة،
ويحدد رويمر ” أن هدف بيلي من الرحلة هو القضاء على العداوة التي سببتها أعمال البريطانيين في قمع تجارة الرقيق، وإحباط السياسة الوهابية على الساحل العربي، وإثبات أن وسط جزيرة العرب ليس منطقة يصعب اقتحامها على ضابط بريطاني يؤدي وظيفته”.
ومن أبرز أهداف لويس بيلي من الرحلة:
1. يتمثل في إبعاد أية مشاعر عدائية يحملها الإمام فيصل بن تركي والتي ترسمت في عقله إزاء إجراءات بريطانيا ضد الرق في الساحل الشرقي لأفريقيا وهجماتنا على الساحل البحري بعد ضرب ميناء الدمام والعقير عام 1277هـ الموافق 1861م واستبدالها بالعلاقات الودية بين الإمام فيصل والحكومة البريطانية ومطالبة الإمام بعدم الإضرار بالمصالح البريطانية وضبط القبائل الموالية له على ساحل الخليج العربي.
2. مناقشة القضية السياسية المتعلقة بمنع تجارة الرقيق وشرح وجهة النظر البريطانية إلى الإمام فيصل بذلك الخصوص. وإقناعه بأهداف بريطانيا ونواياها لمنع تجارة الرقيق.
3. رغبة بريطانيا في الحد من الأطماع والنفوذ الفرنسي في المنطقة. والتي سببها الإشاعات عن اتصال الفرنسيين بالإمام فيصل وقد أشار لويس بيلي أن الإمام فيصل أكد له تلك الاتصالات.
4. محاولة من بريطانيا لإيجاد قاعدة لها في أحد الموانئ التابعة للدولة السعودية حتى يتسنى لها العمل على تنفيذ مخططاتها الاستعمارية بكل حرية وأمان ليكون منطلقاً للتوسع في المنطقة ولتركيز نفوذها من أجل حماية السواحل الخليجية من أي قادم أجنبي قد يعكر عليها صفو هيمنتها وسيطرتها على مشيخات الساحل وقبائله.
5. مناقشة خطوط التلغراف الذي كان يتسع نطاقها في منطقة الخليج. التفاوض بشأن المعاهدات مع الحكام المحليين لإتاحة الفرصة لوضع الكابلات، وإنشاء محطات التلغراف داخل أراضيهم.
6. والغرض النهائي من الزيارة سياسي بحت إلى جانب كونه استطلاعي حيث أن بيلي حدد موقع الرياض من الناحية الجغرافية ودون أسماء المناطق وآبار المياه وعدد أفراد القبائل والمدن والواحات والمنتجات وعدد المواشي وما شابه ذلك من معلومات هامة فيما لو قرر الإنجليز يوماً ما استخدام القوة ضد الدولة السعودية في نجد.
الاستعداد للرحلة:
كانت أولى الخطوات التي اتخذها بيلي للقيام بالرحلة إلى الرياض إرسال خطاب طلب الحصول على موافقة من الأمام فيصل بن تركي على زيارته للرياض، وكان الإمام فيصل على علم بذلك، فرفض الرد على طلب لويس بيلي في رسالته الأولى.
وفي يناير 1865م الموافق شهر شعبان 1281هـ سافر إلى الكويت لاتخاذ الترتيبات اللازمة لقطع رحلة طويلة عبر منطقة نجد إلى الرياض.
وفور وصوله إلى الكويت، أبلغ بيلي مُضيِّفيه من شيوخ الكويت بنيته السفر إلى الرياض. وكتب خطابًا آخر في الكويت إلى الأمير فيصل يبلغه أنه في طريقه إلى العاصمة وأنه واثق “أن التعارف الشخصي بينهما سيكون مُرضيًا لكلا الطرفين”، وأخبرته مصادره أن الأمير فيصل بدأ يميل تدريجيًا إلى الفكرة فقرر بيلي عدم انتظار رد على خطابه الثاني ووضع الإمام فيصل أمام الأمر الواقع، وأبلغه أنه في الطريق إليه. ثم بقي في الكويت إلى أن أتاه رد الأمير في 7 فبراير فغادر إلى الرياض في 17 فبراير الموافق 21 رمضان 1281هـ.
وقد استغل بيلي المدة التي قضاها في الكويت قبل السفر للحصول على معلوماتٍ حول الطبيعة الجغرافية والمناظر الطبيعية للمنطقة الداخلية التي كان سيجتازها، وذلك لترتيب الجِمال والمرشد، إلى جانب معرفة المزيد عن الحياة في الكويت. وقام بتوثيق كل هذه المعلومات بالتفصيل في يومياته وتقاريره.
وقد تزود بيلي للرحلة بالحساء المعلب واللحوم وبعض التمور والأرز، وأخذ معه ثلاثة الآف ريال وصندوقين مملوئين بالهدايا مع عدد من الألات المستعملة في القياسات لمعرفة خطوط الطول والعرض والارتفاع وغير ذلك، وسافر بيلي في قافلة تضم حوالي ثلاثين بعيراً مصحوباً بثلاثة حرس من الجنود الهنود، وكان بصحبته طبيب المقيمية في بوشهر (ويليام هنري) الذي كُلِّف بجمع عينات من الأحياء النباتية والحيوانية التي تصادفها البعثة في الطريق. وكذلك معه الملازم (إدوين دوز) وكان مسؤولاً عن الحصول على البيانات الفلكية لتحديد خطي الطول والعرض والارتفاع عن سطح البحر للعديد من المناطق التي قطعوها. كما كان ضمن الوفد مترجم المقيمية (جورج لوكاس) وهو مسيحي من أهل الموصل ادعى الإسلام وتسمى باسم عبدالله، وخادمان مسلمان وآخر فارسي وطباخ برتغالي. ومجموع من معه نحو ثلاثة وثلاثون رجلا.
طريق الرحلة:
سافر بيلي من الكويت مع عدد من مرافقيه، إلى الرياض في يوم السبت 21 رمضان 1281هـ الموافق 17 فبراير 1865م وقد ارتدى الجميع الزي الخليجي فوق ملابسهم خوفاً من المضايقات أو التعرض للسطو، وفي 5 مارس 1865 الموافق يوم الأحد 7 شوال 1281هـ وصلت البعثة إلى الرياض وفي يوم الإثنين والثلاثاء قابل لويس بيلي الإمام فيصل بن تركي وفي يوم الأربعاء 10 شوال 1281هـ الموافق 8 مارس 1865م غادر لويس بيلي ومن معه الرياض متوجهاً إلى بوشهر من الأحساء ثم العقير بعد أن أمضى في الرياض أربعة أيام، واستغرقت الرحلة من الكويت وحتى مغادرة الرياض ستة عشر يومًا.
وكان طريق الرحلة حسب ما رسمه بيلي يمر بالوفرة، ثم وبرة، ثم الرمحية، ومنها إلى سدوس حيث كان الهبوط في وادي حنيفة ثم الرياض.
وصف بيلي لشخصية الإمام فيصل ولقائه معه:
قابل بيلي الإمام فيصل بن تركي قبل وفاته بأشهر مرتين، وقد كف بصره، وفي المرة الأولى شاهد بجواره ابنه الصغير الإمام عبدالرحمن الفيصل. وقال في وصف لقائه الأول بالإمام فيصل، “وعندما اقتربت من الإمام نهض بصعوبة وصافحني وتحسس كلا يدي ببطء، ثم طلب مني الجلوس بالقرب منه على السجادة، كان استقبالاً مهذباً، ولكن بادي البرود لقد كان رجلاً عظيم الحضور شديد المهابة رغم سنواته السبعين، وكان كفيف البصر تماما، لكن ملامح وجهه كانت عادية، تمثل الهدوء والصرامة ورباطة الجأش والطمأنينة، وصوته منغم قوي النبرات، وكلماته هادئة ومحسوبة. بادي الكبرياء واللطف في وقت واحد وكان يرتدي ملابس فاخرة تنم عن ذوق، إذ كان يلبس فوق الكوفية العربية عصابة “عمامة” مطوية من الكشمير الأخضر. لقد كان صوته ينساب انسيابا حسنا، كما كانت عباراته هادئة وموزونة. لقد كان جليلا إلى درجة قريبة من الوداعة، ومع هذا تشعر أنه يمكن أن يكون قاسيا عديم الرحمة”. ثم أخذ بيلي في سرد النقاش الذي دار بينهما.
وفي لقائه الثاني مع الإمام قدم بيلي هداياه وكانت عبارة عن بندقية وساعة ذهبية، وقطعة قماش، ومسدس مزخرف وسيف. وقد أبدى الإمام فيصل إعجابه وتقديره للهدايا التي قدمها بيلي وكان الحديث ودياً. وإن كان بعض رجال الحاشية ـ كما يقول بيلي ـ بدوا حريصين على منع قيام أية علاقة وثيقة مع دولة كافرة.
بل لقد بدا أن العلاقات تتدهور بسرعة، حتى أيقن بيلي أن من الأفضل ألا تطول إقامته فعجل بالرحيل. ووصل إلى ميناء العقير بلا أحداث تستحق الذكر.
ربما أُرُسل بيلي في مهمته تلك لِيْكفّر عن وقاحة سلفه سادلير ولتبقى علاقة بريطانيا بالمنطقة قائمة بعد أن دخلت فرنسا على خط المنافسة، ففي نهاية لقائه الثاني بالأمير فيصل نوّهَ بيلي بأنه: “لا رغبة للحكومة البريطانية بالنسبة إلى قبائل الجزيرة العربية سوى أن تراها تعيش في ازدهار في ظل حكامها”.
كان مع لويس بيلي في رحلته هذه رسام اسمه ديوز، وقد رسم صورة للإمام فيصل بن تركي، ومخططا لمدينة الرياض، إلا أنه اضطر لإحراق هاتين الصورتين قبل مغادرته الرياض، فضاعت بذلك صورة الإمام فيصل.
تقرير بيلي عن العلاقة السياسية مع الإمام فيصل:
جاء تقرير بيلي عن الرحلة في (170) فقرة، وقد أكد في إحدى الفقرات أن سوء العلاقة مع الإمام فيصل كانت بسبب ادعائه امتلاك الساحل الشرقي للجزيرة العربية من الكويت حتى رأس الحد مما أثار مخاوف حليفهم سلطان مسقط، فقطعت كل العلاقات مع الإمام فيصل.
وعندما اقترح الإمام فيصل أو وزيره (محبوب بن جوهر) عقد معاهدة عدم اعتداء بين الأسطول البريطاني وعرب عمان وصور والساحل، رفض لويس بيلي أن يرتبط بأي شكل يوحي بالسلام والمسالمة. كما أشار لويس بيلي لرفض حكومته عرض السعوديين الدخول في معاهدة مع بريطانيا عندما تعرضوا لضربات باشاوات مصر.
قضى بيلي أغلب وقته في المجلس مع الأمير فيصل وأمينه الخاص. وقد ناقشوا العديد من الموضوعات التي كان يستهدفها من زيارته، والتي ذكرناها فيما سبق، بما في ذلك خطوط التلغراف الذي كان يتسع نطاقها في منطقة الخليج والسياسات البريطانية لمكافحة الرق وحدود منطقة حكم الإمام فيصل.
ولم تطل فترة العلاقات الودية التي عمل بيلي على تعزيزها مع الإمام فيصل، فقد توفي الإمام في وقت لاحق من نفس العام، مخلّفًا وراءه خلافات داخلية بين أبنائه أدت في النهاية إلى سقوط الدولة السعودية الثانية. وخلال تلك الفترة العصيبة لم يهتم أبناء الأمام باستئناف أو الحفاظ على العلاقات الودية مع بيلي، مما أحبط المحاولات البريطانية وقتها لترسيخ التواصل مع الحُكام السعوديين.
وبعيداً أيضاً عن تبني نظرية المؤامرة، فإن المؤرخين (محليين وأجانب) تجنبوا إدراج كراهية بريطانيا وحصارها الدائم للدولة السعودية الثانية، وضرب مصالحها ضمن أكبر الأسباب التي أدت لانهيار الدولة السعودية الثانية.. بل اقتصر السبب عندهم، على شيء واحد، هو ما جرى من خلاف بين الأخوين الإمامين (عبدالله وسعود) وما لحق بذلك من تداعيات، وإن كان ثابت ومعروف في تاريخنا بالضرورة، إلا أنه بالتتبع والملاحظات الدقيقة، يدرك المحلل أن ما حصل كان في الدرجة الأولى نتيجة مؤامرات القوى الكبرى في المنطقة، وضرب مصالح الدولة السعودية الثانية، وإسقاط هيبتها.
رأي مؤرخي نجد في رحلة لويس بيلي إلى الرياض:
من الغريب أن هذه الزيارة لم يكتب عنها مؤرخو نجد في تلك الفترة شيئا، كما لم تلفت انتباههم قبلها زيارة الكابتن فورستر سادلير إلى قرى نجد ومنها الدرعية بعد سقوطها في 1234هـ وهو في رحلته من القطيف إلى ينبع لمقابلة إبراهيم باشا، وكذلك رحلة وليام بلجريف قبل رحلة بيلي بعامين 1279هـ. أو ربما أن لديهم علم بها لكنهم آثروا الصمت عن الحديث المكتوب. وكم كان مهماً لو تم ذلك، للتعرف على مدى ردود الفعل لمثل تلك الزيارات التاريخية المهمة التي تعتبر دراسة ذات قيمة تاريخية عالية.
وقد أشار المؤرخ الكويتي الشيخ عبدالعزيز الرشيد لزيارة بيلي فقد قال عنها:
“قدم لويس بيلي إلى الكويت، في إحدى المراكب التجارية، ليقوم منها بسياحة إلى الرياض، فنزل ضيفًا عند، يوسف البدر، وأظهر له عزمه على السفر، فأشار يوسف البدر عليه أن يعرض الأمر أولاً على الأمير ابن صباح، فذهب لويس بيلي للأمير، وطلب منه أن يرسل معه رجالاً يوصلونه إلى الرياض، فقال الأمير ابن صباح: أرى أن تخابر ابن سعود يعني (الإمام فيصل) وتستأذنه، فجرت المخابرة بين الاثنين، وجاءه الإذن فقام بمهمته عجلى ولكنه عندما قرب من سور الرياض هب رجال الدين هاج في وجه ابن سعود وطلبوا منه بإلحاح أن يمنعه من الدخول ونظراً إلى أنهم لهم الكلمة النافذة فقد نزل على حكمهم وأبلغ حقيقة الأمر إلى السائح الإنجليزي فرجع السائح من حيث أتى وهو في غاية من التأثر”.
ويلاحظ من سياق ختام رحلة بيلي للرياض أن علماء الرياض وقفوا ضد دخول بيلي إلى الرياض ونظراً لهذا الاعتراض استعجل بيلي في قطع الرحلة والعودة إلى بوشهر.
رأي المؤلفين الغربيين عن رحلة لويس بيلي:
1. روبن بيدويل:
نقل أ. العجمي وكذلك د. عيسى أمين في ترجمتهما للتقرير مقالة بيدويل عن رحلة بيلي حيث يرى بيدويل أن لويس بيلي كان مؤهلاً للقيام بهذه المهمة على أحسن صورة لها، وأنها بالغة الأهمية لكونها عملاً بطولياً في السفر إلى وسط نجد، واما وراءها من خلفيات سياسية.
ويرى بيدويل أن العلاقة مع الإمام فيصل كانت في غاية السوء، وخاصة فيما يتعلق بتجارة العبيد والتي حاولت البحرية البريطانية محاربتها بشدة مما أدى إلى عدة مجابهات بين الطرفين، وقد حاول بيلي بالاتصال بأقوى رجل في المنطقة، مما حفزه للسفر إلى نجد”.
ويرى أن سبب سرعة عودة بيلي من الرياض هو أن عدداً من أعضاء حاشية الإمام بدأوا يشعرون بالقلق من تحسن العلاقات بين حكومتهم وبين سلطة كافرة، ونتيجة لذلك بدأت العلاقات بين الطرفين بدأت تسوء، ووجد بيلي أن الوقت قد حان للمغادرة.
2. ديفيد جورج هوجرث:
أما ديفيد جورج هوجرث في كتابه (ارتياد جزيرة العرب) فإنه يرى أن هذا الاكتشاف من بيلي يعد المرة الوحيدة التي يخاطر بها ممثل رسمي لسلطة أوروبية بحكم منصبه باختراق قلب الجزيرة دون أن يخفي جنسيته أو عقيدته أو حتى طبيعة مهمته.
ويرى هوجرث أن الحكومة الهندية رحبت بغزو إبراهيم باشا، ورفضت طلباً بالعون قدمه الأمير الوهابي اعتمادً على علاقات ودية سابقة، ومنذ الجلاء النهائي للقوات المصرية لم تعد إمارة الرياض المعاد ترميمها تنظر إلى الراج البريطاني [في اللغة الهندية، كلمة “راج” تعنى “الحكم”، أي فترة الحكم البريطاني في المنطقة.] بطبيعة الحال نظرة ودية.
ويرى كذلك أن بيلي سافر إلى الرياض على عجل، وعلى ذلك لم ير من أراضي نجد ذاتها سوى أقل بكثير من الرحالين الأخرين.
الحالة السياسية في المنطقة:
قام بيلي برحلته إلى الرياض أثناء وجود صراع بريطاني روسي للسيطرة على أواسط آسيا، في الوقت الذي كان نابليون الثالث يتطلع إلى إنشاء امبراطورية عربية تابعة لفرنسا تضم مصر وشبه الجزيرة العربية وجانباً من افريقيا، وسعى لتحقيق هذا الهدف كما هو معروف عن صلته بمصر ولبنان، ويقال أنه بعث القس اليسوعي: وليم بلجريف في مهمة غير واضحة إلى مصر، حيث أجرى مباحثات سرية، ثم ذهب للرياض بمظهر طبيب سوري مسيحي ، وبعد ذلك بعامين أرسل نابليون (غوراماني) مبعوثاً سرياً إلى منطقتي جبل شمر والقصيم.
وقد ذكر بيلي أن الفرنسيين اتصلوا بالإمام فيصل أكثر من مرة، وعرضوا عليه المساعدة وبعد هذا العرض كان على الإنجليز معرفة ما أراده الفرنسيون. إضافة إلى ذلك أن الدولة السعودية الثانية بلغت في آخر عهد الإمام فيصل أقصى قوتها ونفوذها، خاصة بعد وصول الإمام عبدالله بن فيصل على رأس جيشه إلى منطقة البريمي سنة 1269هـ (1853م) وقد استطاع أن يثبت نفوذ الدولة في تلك الأماكن بإجبار حاكم مسقط وصحار على زيادة الأموال التي يدفعونها للدولة السعودية، واستطاع نائب الإمام في البريمي أحمد بن محمد السديري وابنه تركي أن يحافظا على نفوذ الدولة قوية في منطقة الساحل العماني والأحساء حتى نهاية عهد الإمام فيصل.
نتائج الرحلة وأهميتها:
حفظ لنا تقرير رحلة بيلي وصفاً دقيقاً للطريق بين الكويت والرياض، كما كانت مصدراً مهماً لجغرافية المنطقة في تلك الفترة خصوصاً أن الكتاب مليء بتفاصيل الأماكن، وآبار المياه، والمدن والقرى التي عبرها بيلي خلال رحلته، بالإضافة إلى قياس المسافات المقطوعة، وتفاصيل الناس الذين التقوا بهم في الطريق، وكانوا يأخذون القياسات العلمية ويجمعون المعلومات بصورة سرية لعدم إثارة أي شُبهات.
كما أن ملاحق الكتاب ذات فائدة وقيمة علمية فنجد أسماءً بنباتات أواسط الجزيرة العربية في ذلك الزمان وكذلك جدولاً لوصف مراحل الطريق من الكويت إلى الرياض والوقت المستغرق لقطع كل مرحلة، وقائمة بالسلائل المختلفة للخيل العربي، وجدولاً عن تعداد سكان مناطق نجد وباديتها، وغيرها من الملاحق.
ويتضح مما ورد في الرحلة من معلومات لم تكن مقصودة بحد ذاتها، إذ كانت الغاية مما تضمن التقرير من ملاحظات ذات ارتباط بالجوانب السياسية المتعلقة بالدولة السعودية في ذلك العهد.
ومما يلاحظ أن زيارة بيلي للرياض لم تحقق هدفاً للحكومة البريطانية، حيث كان طموح بيلي هو الاتفاق مع الإمام فيصل لوضع سياسة سلمية في المنطقة.
ملاحظات على تقرير بيلي:
المدقق في معلومات الرحلة يصعب عليه التسليم بمعظم ما فيها، سواءً ما يتعلق بتوثيق المعلومات التاريخية أو الاجتماعية أو وجهة النظر العقدية، وبيلي وهو يتحدث عن مراحل رحلته يستطرد في الكلام عن أمور أخرى أبعد ما تكون عن وصف الطريق.
ومن الملاحظات على تقرير بيلي:
1. في بعض فقرات الكتاب نجد أن بيلي يتعمد تشويه صورة الإسلام فيقول إن أحد الأعيان المحليين ذكر له أنه يختار شهر رمضان للسفر لكون الصيام لا يجب على المسافر والمؤمن يُعفى من الصيام حال السفر، وهذا صحيح في جانب واحد وهو أن الصيام يسقط عن المسافر وقت السفر لكن عليه قضاؤه كما أن بيلي لا يذكر إسم الرجل رغم أنه من الأعيان المعروفين كما يدعي!
2. يشير في موضع آخر إلى عدم وصول الإسلام لبعض القبائل في الجزيرة العربية قبل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب فهو يذكر على سبيل المثال أن أهل الحوطة في سدير انتقلوا من الوثنية إلى السلفية على يد الإمام فيصل خلال الأربعين سنة الأخيرة! وأنه توجد هناك حتى الأن كهوف منحوتة في جبل طويق المطل على سدير هي بمثابة معابد لدين أهل الحوطة القديم، قال هذا بعد تأكده – بزعمه – من مصادر عربية مسئولة حسنة الاطلاع!!
ومثله قوله: وقد أكدت لي المصادر نفسها وغيرها أنه بالقرب من بلدة جلاجل يوجد جبل في قمته لا تزال توجد معابد منحوتة لأماكن عبادة قديمة!!!
والواقع أن كل ما ذكره بيلي هنا لا أصل له فأهل بلدان سدير من أوائل من سارع بقبول الدعوة الإصلاحية قبل عهد الإمام فيصل بمائة عام.
ولعله يقصد أن بعض الشبهات والشركيات دخلت في سلوك القبائل وهذا هو سبب قيام دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب فالشيخ لم يدعوا الناس إلى الإسلام وانما حارب مظاهر شرك التي كانت موجودة كما يذكر المؤرخون.
وقد نقل د. احمد ايبش ما ذكره بيلي حيث قال: “وما يزال يوجد إلى يومنا الحاضر كهوف منقوبة في هضاب طويق التي تشرف على سدير، وكان بها معابد ديانة الحوطة القديمة، وقرب جلاجل شمالي الحوطة هضبة بذروتها بقايا منحوتة لهيكل وثني عتيق”. ولم يذكر مصدره في هذا الخبر.
3. من أغرب استطرادات بيلي السيئة قوله: “أن قبائل نجد خلا أربع قبائل – سبيع ومطير وعنزة وشمر- يقيمون صليباً يعلق عليه قماشاً أحمر على باب الخيمة عند اجراء عملية الختان كدلالة على الدعوة للحفل، وأنهم أخذوا هذه العادة من الصلب … الخ” والغريب أن الرحالة يأتي بملاحظات مبنية على خرافة، وهذه دسيسة.
4. ويزدري بيلي العرب في الكثير من الفقرات الكتاب ويتحدث عن الدور الإنجليزي في تحرير الناس من الرق ومحاربة الاتجار بالبشر والعدالة والمساواة، وفي ذات الوقت تظهر عجرفته بين السطور ففي الفقرة 82 يذكر ما نصه “ولو أنني أرى العقلية العربية عموماً تستعصي على الفهم وتتقلبها الأهواء فلا يمكن الركون إليها، إنها عقلية متشددة لدرجة يصعب إبرام اتفاق مع أصحابها ولو لمدة ساعة واحده”.
وهنا يناقض نفسه بنفسه ففي بداية رحلته أثنى كثيراً على يوسف البدر وأبنائه وبعض التجار وعندما قابل الإمام فيصل بن تركي نجده يذكر محاسنه وسعة اطلاعه وحنكته، وعند مغادرته للرياض يعمم تعميماً مثل هذا، ومن الإنصاف أن يذكر حوادث معينة حدثت له فالعرب كغيرهم من شعوب الأرض ليسوا منزهين عن الخطأ.
5. أن مما يدل جهل بيلي أنه زعم أن الحكومة الوهابية عند استيلائها على الرياض من دهام بن دواس أقامت عاصمتها فيها، فهدمت بلدان وادي حنيفة القديمة ومنها الدرعية لإجبار السكان على الهجرة إلى العاصمة الجديدة، وعندما هوجموا فيما بعد من قبل الأتراك تركوا الرياض مؤقتاً إلى الدرعية!!
وأخيراً: لا تخلو كتابات بيلي من الانطباعات الشخصية، ويظهر جليًا أن لخلفيته الدينية والاستعمارية، دور كبير في تشكيل آرائه غير المعتدلة، لذلك ينبغي أخذ هذه العوامل بعين الاعتبار فيما يتعلق بآرائه الدينية والسياسية. لكن رغم ذلك تبقى رحلته من أنجح الرحلات في تاريخ الاستكشافات بالقرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي.
لمحات تاريخية في تقرير بيلي:
1. يبدو من إشارات وردت في تقرير بيلي أن الدولة العثمانية تدعي بسط نفوذها على نجد في عهد الإمام فيصل حيث كان رحمه الله يقدم لشريف مكة مبلغاً من المال استرضاء للدولة العثمانية حيث قال: “وتم استرضاء الحكومة التركية بدفع إتاوة اسمية رمزية عن طريق تابعها شريف مكة”.
ويبدو أن الإمام فيصل لم يكن مرتاحاً إلى موقف هذه الدولة منه، كما يتضح مما نقل بيلي عنه أثناء اجتماعه به، وقد ذكر الشيخ أمين حسن الحلواني في مختصر كتاب “مطالع السعود” أن والده كان مبعوث الشريف ابن عون إلى فيصل لهذا الشأن.
2. أشار بيلي في تقريره إلى امتداد النفوذ السياسي للدولة السعودية الثانية في عهد الإمام فيصل، حيث بلغ بلاد عمان، فقد كان سلطان مسقط يدفع للإمام زكاة اثني عشر ألف ريال، ولكن فيصلا لم يرضى بهذا، بل طالب أن يكون المبلغ أربعين ألف ريال، ولما امتنع أمر نائبه في البريمي بغزو مسقط.
وقد ذكر بيلي أن حكومته أرسلته إلى مسقط من أجل مساعدة السلطان من خطر وشيك عليه ممثلاً في ان يقذفه السعوديون في البحر.
3. وكذلك أشار بيلي أن الإمام فيصل يسيطر على الساحل الغربي للخليج وساحل عمان، ويتلقى الزكاة سواء أكانت عينية أو نقدية من شيوخ البحرين وأبو ظبي ودبي وأم القوين وعجمان والشارقة ورأس الخيمة وهو يقيم مركزاً متقدماً في البريمي.
4. وأشار بيلي إلى أن الوهابيون وجدوا في الإمام فيصل زعيماً أكثر قدرة على بث الرعب في قلوب البدو، وأكثر قدرة على دمج المناطق التابعة تحت حكم واحد، يسوده الأمن والرخاء.
5. كما تحدث عن واردات الدولة في عهد الإمام في بيان أن ما تدفعه نجد والأحساء والقطيف مجموعه ثمان مائة ألف وستة الآف ريال فرانسي عدا ما يستوفى من الحجاج مما يقارب خمسين ألف ريال.
6. وصف بيلي لبلدة سدوس: بدأت رحلة بيلي من الكويت إلى الرياض مروراً بسدوس ذهابا، وقد وصف بيلي القرية وصفاً دقيقاً وتحدث عن عمود عظيم من حجر منحوت ووصف طوله وعرضه وشكله. وقد شاهد الكولونيل لويس بيلي بقايا القصر الذي يقال بأنه قصر نبي الله سليمان بنته الجن له، وشاهد العمود أو المنارة، ورسمها مرافقه ديوز عام 1281هـ الموافق 1865م، وهي الرسمة الوحيدة المعروفة لهذا العمود.
وقال لويس بيلي: “تقع بالقرب من حصن سدوس رابية مكونة من ركام وأنقاض، كان فيما مضى من الأيام مبان عظيمة ذات شأن، وينتصب على تلك الأنقاض عمود رائع من الحجر المنحوت. لقد كان رأسه مكسورا، ولكن أسطوانة العمود نفسه ما زالت ترتفع إلى نحو 20 قدما، وكانت الكتل الحجرية مستديرة، حيث كانت كل كتلة متناسقة في الحجم مع حجم العمود الذي ربما كان يبلغ قطره نحو ثلاثة أقدام. وكانت القاعدة والقوصرة، والأخيرة دائرية، مقطوعة أيضا من الحجر وبحجم مناسب لارتفاع العمود وقطره.
لقد كان سكان القرية يستخرجون الحجارة والتربة من الأطلال المجاورة، كما كانوا يأخذونها أيضا من قاعدة العمود نفسه. وفي الوقت الحاضر، فإن أساس العمود مهدد بالانهيار نتيجة الحفر، لدرجة أن تحريك عدد قليل من الأحجار من القاعدة سينتج عنه سقوط العمود”.
وقد قد جاء ذكر القرية “سدوس” والقصر عند عدد من البلدانيين المتقدمين منذ القرن الثالث الهجري. ومن النصوص المتقدمة عن هذا القصر:
– ما ذكره إبراهيم بن إسحاق الحربي “ت 285ه” إذ قال، “قرية بني سدوس وفيها منبر، وقصر بناه سليمان بن داود من حجر، من أوله إلى آخره”.
– قال الحسن بن أحمد الهمداني “ت 345هـ”، “قرية بني سدوس بن ذهل بن ثعلبة، وهي قرية جيدة، وفيها قصر سليمان بن داود عليه السلام، مبني بصخر منحوت عجيب خراب، وبقيت القصبة”.
– ونقل ياقوت الحموي المتوفى عام 626ه، من أشهر قرى اليمامة، لم تدخل في صلح خالد بن الوليد، رضي الله عنه يوم قتل مسيلمة الكذاب وعن السكوني قوله، “قرية بني سدوس بن شيبان بن ذهل وفيها منبر وقصر، يقال إن سليمان بن داود، عليه السلام، بناه من حجر واحد من أوله إلى آخره”.
وقفة مع ترجمات تقرير الرحلة:
صدر تقرير رحلة لويس بيلي مترجماً في أربع ترجمات حتى الأن، وسوف نستعرض هذه الترجمات مع وصف لما تضمنته كل ترجمه، وسيكون ترتيب الترجمات بالأقدم في تاريخ صدورها:
الترجمة الأولى:
ترجمة وتعليق كل من: د. عبدالرحمن بن عبدالله الشيخ و د. عويضة بن متيريك الجهني.
– صدر الكتاب في سنة 1411هـ، من مركز البحوث بكلية الآداب بجامعة الملك سعود بالرياض.
– وصفحاته (186) صفحة، تضمنت مقدمة تقع في 10 صفحات، ونص التقرير مترجم في 114 صفحة، ثم ترجمة الملحقات (19) ملحق في 46 صفحة وفي آخرها مراجع الترجمة والتحقيق في 8 صفحات ثم كشّاف شامل للأعلام والمواضع في 18 صفحة. وبلغت فقرات التقرير 117 فقرة.
وتتميز هذه الترجمة بما يلي:
1. أنها ترجمة علمية اشترك في انجاز هذا العمل اثنان من أساتذة الجامعة من الأكاديميين المتخصصين.
2. أنها أول ترجمة عربية تنشر لتقرير رحلة بيلي لويس، ولم يسبقهم أحد بهذا الجهد.
3. أن الترجمة تميزت بمقدمة تقع في 10 صفحات متضمنة ما يلي:
– نبذة تعريفية بحياة لويس بيلي ونشأته والوظائف التي تقلدها.
– ثم نقل المترجمون ما ذكره بدول (الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة كمبردج) عن أهمية الرحلة في ظل الظروف السياسية في منطقة الخليج وخاصة منطقة الساحل العماني. والظروف الدولية.
– ثم تحدثا عما تضمنه التقرير من التحليلات الخاطئة والانطباعات شخصية لدى بيلي عن الدعوة الإصلاحية والدولة السعودية وبعض المسئولين فيها، مع التعليق على ذلك.
4. كذلك تميزت بالتعليقات العلمية والشروحات التوضيحية للأعلام والبلدان وبعض الحوادث التي أوردها الرحالة في التقرير والملاحق المرفقة به. مع تصحيح بعض الأخطاء التي تتعلق بالأسماء للأشخاص أو الأماكن.
5. ومما تميزت به هذه الترجمة وجود كشاف شامل للأعلام والقبائل والبلدان والنباتات والجبال والأودية وغيرها.
وتعتبر هذه الترجمة – من وجهة نظري – أفضل ترجمة صدرت حتى الأن لتقرير بيلي عن رحلته والملاحق المرفقة بها.
الترجمة الثانية:
ترجمة د. عيسى أمين
– صدر الكتاب في عام 1996م، من مؤسسة الأيام للصحافة والطباعة والنشر في البحرين، من ضمن السلسلة التاريخية.
– وصفحاته (176 صفحة) أورد المترجم في البداية مقدمة (ر ل بيدويل) عن الرحلة في 7 صفحات، ثم التقرير في 76 صفحة. ثم صور المراسلات والوثائق والاتفاقيّات في 32 صفحة. وفي آخره المراجع الأجنبية. وبلغت فقرات التقرير 102 فقرة حيث أن المترجم لم يتم ترقيم الفقرات من 1-7 كما في ترجمة الجهني حيث دمج بعض الفقرات في فقرة واحدة.
وتتميز هذه الترجمة بما يلي:
1. نقل المترجم تقرير بيدول عن الوضع السياسي في الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر وأثر امتداد الدعوة الإصلاحية في الجزيرة وما جاورها، ثم تحدث عن الدولة السعودية الثانية وامتدادها الجغرافي في الساحل الشرقي، ثم التعريف المختصر عن لويس بيلي والوظائف التي تقلدها في الحكومة البريطانية وذكر أن زيارة بيلي للرياض ظهرت بصورة متميزة عن الزيارات الخليجية السابقة لأهميتها ودوافعها السياسية في ذلك الوقت.
ويرى بيدول أن العلاقات البريطانية السعودية في ذلك الوقت سيئة للغاية بسبب إصرار بريطانيا على محاربة تجارة الرقيق الذي أدى إلى تباعد شاسع بينها وبين العالم الإسلامي، فقد كانت نظرة المسلمين للرقيق محددة ومؤمنة بوصايا النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق وحسن المعاملة، ولذا لم يكن ما أتت به بريطانيا بشأن ما أسمته ” قرن ونصف من تجارة الرقيق” ينطبق بالفعل على هذا الجزء من العالم، وهنا كانت نقطة الخلاف آنذاك. مع وجود بعض الموضوعات الأخرى التي كانت محل خلاف بين بريطانيا والسعودية مثل تبعية السواحل الشرقية من الكويت حتى رأس الحد للإمام فيصل. والهجوم البريطاني على قلاع الدمام في عام 1860م بعد خلاف بين الإمام فيصل وحاكم البحرين.
ثم ذكر بيدويل العوامل السياسية العالمية التابعة للهدف السياسي من رحلة بيلي، ثم ختم ذلك بالطبيعة الشخصية للويس بيلي وأثرها في مساره السياسي.
2. نشر المترجم عدداً من التقارير والرسائل التي تمت بين بيلي والحكومة البريطانية حول الوضع في البحرين والعلاقة مع شيوخ البحرين، وكذلك رسائل بيلي عن الوضع السياسي بين البحرين وقطر وأبو ظبي.
ملاحظات على الترجمة:
1. أن المترجم لم يكتب مقدمة تعريفية عن لويس بيلي ورحلته إلى الرياض.
2. وأهم من ذلك أن الترجمة خلت من التعليقات والتصويبات المهمة على بعض العبارات أو المفاهيم التي طرحها لويس بيلي في تقريره عن الحالة الدينية في نجد والدعوة الإصلاحية والقبائل العربية وبعض الشخصيات التي قابلها في الرياض. فلا يوجد أي تعليق من المترجم على ماورد في التقرير. مع أنه ذكر في غلاف الكتاب ” شرح وتعليق د/ عيسى أمين”.
الترجمة الثالثة:
ترجمة وتعليق د. أحمد أيبش
– صدر الكتاب في عام 1431هـ، 2010م من هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث ضمن سلسلة (روّاد المشرق العربي).
– يقع الكتاب في 190 صفحة، وعدد الفقرات 117 فقرة.
ويتضمن: مقدمة الكتاب: في (8 صفحات) وفي آخره 17 ملحقا كل ملحق يختص بموضوع، وصور في 10 صفحات.
وتتميز هذه الترجمة بما يلي:
1. أن المترجم كتب مقدمة تاريخية عن الدعوة الإصلاحية في نجد وامتدادها الجغرافي وموقف الدولة العثمانية منها، ثم الحديث عن عودة الإمام فيصل من مصر وإقامة الدولة السعودية الثانية، وعلاقة الدولة السعودية ببريطانيا في ذلك الوقت. ثم تحدث المترجم عن حياة لويس بيلي ونشأته والمسئوليات التي قام بها. والحالة السياسية في المنطقة والصراع بين فرنسا وبريطانيا على ساحل الخليج وعمان.
ويرى المترجم أن الرحلة ذات قيمة تاريخية خاصة، وأن أهم ما فيها وقائع اللقاء النادر الذي تم بين الإمام فيصل وبيلي، الذي يلمح فيه القارئ مدى الاحترام الذي أبداه بيلي تجاه الإمام. مع أن الرحلة في جانبها السياسي لم تحقق الثمار المرجوة منها.
2. أن المترجم أبدى رأيه بالتصحيح والتعديل لبعض المعلومات عن الأعلام أو الأحداث التاريخية التي أخطأ فيها الرحالة.
ملاحظات على الترجمة:
1. من يطلع على تعليقات د. أحمد في هامش الترجمة يجد أنه نقل من تعليقات وشروحات ترجمة د. الجهني وزميله، وعددها (76) تعليق منقول من مجموع (182) أي بنسبة 42% من التعليقات. وكثيراً منها بالحرف الواحد، وهي تعليقات هامة حيث أنها تراجم لأعلام أو وصف لأحداث أو تصحيح لمعلومات تاريخية أو جغرافية أو تحديد للأماكن والمياه في طريق الرحلة.
و د. أحمد لم يشر في مقدمته للكتاب إلى أنه نقل أو استفاد من تعليقات د. الجهني وزميله الذين سبقوه في ترجمة التقرير ونشره قبل عشرين عاماً تقريباً، وهذا مما يؤخذ عليه فيما يتعلق بالأمانة العلمية والحقوق الأدبية في النقل أو الاقتباس.
الترجمة الرابعة:
حققه ونشره أ. سعود بن غانم العجمي، ترجمة أ. أنس الرفاعي.
– طبع الكتاب في سنة 1433هـ – 2012م في الكويت الطبعة الأولى
– يقع الكتاب 632 صفحة واحتوى على مقدمة للمحقق في 6 صفحات تحدث فيها المحقق عن قصة الظروف التي مر فيها مع الحصول على نسخة من التقرير باللغة الإنجليزية. ثم التقرير في 223 صفحة والملاحق بعد ذلك في 71 صفحة. ثم ملاحق المحقق في 307 صفحات.
وتتميز هذه الترجمة بما يلي:
1. أن المترجم أرفق مقدمة (ر. ل. بيدويل) عن بيلي وتقريره في 12 صفحة.
2 أ.ن المترجم لم يغفل عن التعليق والتوضيح لبعض المفاهيم الخاطئة والانطباعات الشخصية التي أوردها (بيلي) في تقريره عن الدعوة الإصلاحية أو القبائل أو أهل البلدان النجدية أو الأمراء.
ملاحظات على الترجمة:
1. استخدام المحقق الحرف الكبير في الكتاب والخط العريض مما كان سبباً في كثرة صفحات الكتاب وتضخم الكتاب بدون فائدة مرجوة. مع أن التقرير الأصلي للرحلة تبلغ 324 صفحة فقط.
2. أطال المحقق في التعليق على بعض العبارات أو المواضع الواردة في التقرير مع إمكانية الاختصار في ذلك.
3. يذكر في بعض ردوده على (بيلي) عبارات لا تتناسب مع المنهج العلمي في التعليق وتخضع غالباً للانطباعات الشخصية (ص 40- 63 -77 – 93 …) وغيرها
4. لا يوجد منهج واضح يتبعه المحقق في تعليقه على الموضوعات الواردة في التقرير، فهو أحياناً يطيل في التعريف ببعض البلدان في الهامش بالنقل عن ياقوت الحموي وغيره، وبعض البلدان خصص لها فصل في آخر الكتاب. (الأحساء، جزيرة العرب، حجر، الخرج، الدهناء، دومة الجندل، العرمة، عمان، المقدس، نجد، نجران، هجر، اليمامة، العارض، العرض).
5. كرر المحقق في آخر الكتاب الفقرات التي تتحدث عن الكويت قبل رحلة (بيلي) للرياض وهي الفقرات (18- 19-20) ولم يكن مناسباً ذلك.
6. أضاف المحقق في آخر الكتاب موضوعات متعددة زادت من صفحات الكتاب وتعادل في عدد صفحاتها نصف صفحات الكتاب وكان من الأولى إفرادها في كتاب مستقل حتى يبقى للتقرير أثره وقيمته التاريخية والسياسية ومما أضافه المحقق:
أ. مذكرات ووثائق عن تاريخ الكويت وما ورد عنها في كتب بعض المؤرخين والرحالة الأجانب، وقد بلغت 30 صفحة تقريباً.
ب. ملحق تعريفي مطول لبعض البلدان التي وردت في التقرير وكان من الأولى أن يكون هذا الشرح في هامش الكتاب عند كل موضع يذكر في التقرير، وقد بلغت 13 صفحة.
ج. نقل تقريراً كتبه كنيبهاوزن الهولندي في عام 1756م عن أسرة الصباح، وكذلك صفحات تعريفية بالكويت أو القرين، ونقل مقالة كتبها محب الدين الخطيب بعنوان الكويت وغير ذلك مما أدرجه المحقق من مقالات وموضوعات تتعلق بحكومة الكويت وأمرائها، وعلاقاتها مع الانجليز والأتراك وآل رشيد، ونجد وحكامها آل سعود وغير ذلك من الموضوعات التاريخية وقد بلغت 125 صفحة.
د. نقل المحقق عددا من القصائد التي تدعو إلى مكارم الأخلاق، بلغت 33 صفحة، وهذا النقل ليس له علاقة بالكتاب.
وكان من الأولى بالمحقق أن يكتفي بنص التقرير والملاحق المرفقة به حتى يبقى للكتاب قيمته التاريخية والسياسية.
وأخيراً:
هذا ما تيسر تقييده عن هذه الرحلة التاريخية والتي تعتبر صيداً ثميناً لدراسة أحوال الدولة السعودية الثانية وعلاقاتها السياسية مع الإمارات المجاورة أو الحكومة البريطانية.
وأسأل الله العلي القدير أن أكون قد وفقت في وضع بعض اللمحات المفيدة حول تاريخنا العظيم. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.