الباحثان:
أ.د. شاکر حسین دمدوم
م.م. ياسر ماضي كاظم
قسم التاريخ، كلية الآداب، جامعة ذي قار
الملخص:
عالج هذا البحث قضية عودة قبيلة الدواسر من الأراضي النجديّة إلى البحرين عام 1928م. وموقف بريطانيا وشيخ البحرين “حمد بن عيسى” منها، وأبرز المسائل التي تعلّقت بقضيّة العودة، واحتوى البحث على ثلاثة محاور. أمّا المحاور الثلاث فقد مثّل كل محور مسألة من المسائل الثلاث، إذ نشأت العديد من المسائل والتي كانت مثار خلاف وجدل ما بين بريطانيا من جهة، وشيخ البحرين “حمد بن عيسى آل خليفة” من جهة أخرى، فعلى الرغم من اتفاق الطرفين عندما تم ترحيل القبيلة إلّا أن آراؤهم تباينت بقضية العودة. اعتمد البحث على مجموعة من المصادر المتنوعة وتأتي في مقدّمتها بعض الوثائق البريطانيّة التي تناولت تلك المرحلة المهمة من تاريخ البحرين بشكلٍ عام وقبيلة الدواسر بشكلٍ خاص، علاوة على بعض المصادر العربيّة المهمة من الكتب العربيّة والبحوث العلميّة المنشورة في الدوريّات العربية.
المقدمة:
عادةً ما تنشأ العديد من القضايا العالقة بين الأطراف المتنازعة، ففي حالة اندلاع الحروب مثلًا فأن تبعات تلك الحروب لا تنتهي بمجرد الاتفاق بين طرفيْ الحرب وعقد معاهدات الصلح بينهما، بل ستنتج عن تلك الحرب قضايا تبقى بحاجةٍ إلى وضع الحلول لها منها: قضية الأسرى بين الطرفين أو قضية سيطرة إحدى طرفيْ النزاع على أراضي أو أسلحة تعود للطرف الآخر، لذا فإنّ مثل تلك القضايا ستنتج عنها مواقف متباينة تحتاج إلى تقريب وجهات النظر للوصول إلى حل نهائيّ لها.
أنّ ما تم ذكره أعلاه ينطبق تمامًا على عنوان بحثنا هذا (المسائل التي تعلّقت بعودة قبيلة الدواسر إلى البحرين عام ١٩٢٨م وموقف بريطانيا وشيخ البحرين حمد بن عيسى منها)، إذ نتجت عن قضية عودة القبيلة إلى البحرين العديد من المسائل العالقة وتباينت مواقف الأطراف المعنيّة إزاء كل مسألةٍ من هذه المسائل.
احتوى البحث على مقدمة وثلاثة محاور وخاتمة النتائج التي توصّل إليها البحث. أمّا المحاور الثلاث فقد مثّل كل محور مسألة من المسائل الثلاث، فالمحور الأول تضمّن دراسة مسألة مصادرة أملاك القبيلة وموقف بريطانيا وشيخ البحرين منها، أمّا المحور الثاني فقد تناولنا فيه موقف بريطانيا والشيخ “حمد بن عيسى” من مسألة بدل الإيجارات الخاصّة بالقبيلة، واختتمنا الدراسة بالمحور الثالث وهو موقف بريطانيا والشيخ “حمد بن عيسى” من مسألة (الغوّاصين) العاملين لدى القبيلة.
اعتمد البحث على مجموعة من المصادر المتنوعة وتأتي في مقدمتها بعض الوثائق البريطانيّة التي تناولت تلك المرحلة المهمة من تاريخ البحرين بشكلٍ عام وقبيلة الدواسر بشكلٍ خاص، علاوة على بعض المصادر العربية المهمة من الكتب العربيّة والبحوث العلميّة المنشورة في الدوريّات العربيّة.
المسائل التي تعلّقت بعودة قبيلة الدواسر إلى البحرين عام ١٩٢٨م وموقف بريطانيا وشيخ البحرين حمد بن عيسى منها
قبل الخوض في موقفي بريطانيا وشيخ البحرين من المسائل التي تعلّقت بأمر عودة قبيلة الدواسر، نرى من الضرورة التنويه إلى أمرٍ هام وهو أنّ قضية قبيلة الدواسر من ترحيلهم حتّى عودتهم لم تقتصر على موقفيْ بريطانيا وشيخ البحرين، بل إنّ ابن سعود سلطان نجد كان طرفًا في القضيّة أيضًا. لكن تدخّله لم يكن ذا تأثير كبير مقارنة مع موقفي بريطانيا وشيخ البحرين، إذ رأيناه (ابن سعود) يمسك العصا من المنتصف ولا يتشدّد في كل قضيّة تتعلّق بالدواسر ، سواء كان ذلك الموقف عند ترحيلهم إذ رأيناه يُبدي تجاوبًا فيما يخص موافقته على استقرار الدواسر في الأراضي التابعة له، وهذا ما كان يطلبه منه الطرفان الآخران (بريطانيا والشيخ حمد)، كما تجدد نفس الموقف فيما يتعلق بأمر عودة قبيلة الدواسر إلى البحرين، إذ رأيناه يتوافق مع الشيخ حمد في أمر عودتهم، بل يرغب بذلك ولكن بشرط أن يكون موقفه هذا يحظى بموافقة بريطانيا التي يلتزم معها بمعاهدة تُجبره على عدم الإخلال ببنودها.
أمّا بالنسبة لموقفي كلّا من بريطانيا وشيخ البحرين من قضية عودة قبيلة الدواسر فقد كان هذا الموقف مُتباينًا فيما بين قضية ترحيل الدواسر وقضية عودتهم، ففي قضية ترحيل الدواسر عن البحرين كان موقفهما موحدًا، إذ أنهما توافقا على ضرورة ترحيل القبيلة خارج البحرين، بينما اختلف الموقف بقضيّة عودتهم، فبينما رأينا بريطانيا كانت مُتشدّدة من قضيّة العودة، فأن موقف الشيخ حمد العكس تمامًا إذ رأيناه يتعاطف بشكلٍ كبير جدًا معهم، ولقد تجسّد موقفهما المتباين بصورةٍ أكثر وضوحًا عندما تمّت مناقشة القضايا والمسائل التي تعلّقت بأمر عودة الدواسر، إذ كان اختلاف المواقف بينهما واضحًا في كل قضيّة من القضايا الرئيسة الثلاث، التي تعلّقت بعودة الدواسر (كما سنُبين في المبحث قيد الدراسة).
لقد نشأت بعد عودة الدواسر العديد من الأوضاع والمسائل يمكن حصرها فيما يلي:
جدير بالذكر أن بريطانيا كانت قد حذرت الدواسر وبالاتفاق مع الشيخ حمد بأنّه ستتم معاقبتهم في حال مغادرتهم البحرين من خلال العديد من الإجراءات تضمّنت معظم المسائل الثلاث أعلاه، وقد بيّنت مذكرة أرسلها الوكيل السياسي في البحرين إلى المقسم السياسي في بوشهر ذلك التحذير، وجاء في المذكرة ما يلي “عندما كان الدواسر يهدّدون بمغادرة البحرين، قام المقيم بتبليغ الشيخ حمد بأنّ الإجراء الذي سيتم اتخاذه لمعاقبتهم في حالة قيامهم بهذا السلوك العدواني سيتألف من:
نتجت العديد من الآراء المتضاربة حول المسائل الثلاث ما بين بريطانيا وشيخ البحرين فكلًا منهما كانت لهُ وجهة نظرٍ مختلفة عن الطرف الآخر إزاء كُل مسألةٍ من هذه المسائل، لذا سوف نُبيّن موقفيهما إزاء كل قضيّة من القضايا الثلاث:
أولًا: موقف بريطانيا والشيخ حمد بن عيسى من مسألة مصادرة أملاك القبيلة:
بالنسبة للموقف من مصادرة أملاك قبيلة الدواسر فقد رأى البريطانيون بأنّ شيخ البحرين حين أعاد لهم ممتلكاتهم بعد أن صادرها بنفسه سابقًا (وإن لم يتم التنفيذ)، قد ناقض نفسه بنفسه. أمّا الشيخ “حمد بن عيسى” فقد أكّد بهذا الخصوص بأنه من المُخالف للأعراف العربيّة أن يُصادر الحاكم ممتلكات القبيلة التي غادرت الأراضي الخاضعة لهُ كلها.
وبذلك تمّت إعادة ممتلكات الدواسر إليهم وأُعيد شراء المنازل التي باعتها الحكومة ودفع التعويضات لمن اشتراها بدلًا عن الترميمات التي قام بها هؤلاء المشترين أثناء مدة إقامتهم، أمّا إيجارات البساتين التي أجرتها الحكومة في سنوات غياب الدواسر عن البحرين، فقد أعيدت إلى أصحابها الأصليين وكلّف هذا الأمر الحكومة حوالي (40,000) روبية.
ثانيًا: موقف بريطانيا والشيخ حمد بن عيسى من مسألة بدل الإيجارات الخاصة بالقبيلة:
أمّا مسألة بدل الإيجارات فأن وساطة ابن سعود لدى شيخ البحرين تضمّنت إعادة ممتلكات الدواسر إليهم بما فيها (بدل الإيجارات)، ومن جانبه أبدى الشيخ حمد قبولًا بهذا الأمر، إلّا أنّ المعتمد السياسي البريطاني اعترض على هذه المسألة ووافقهُ الرأي كلًا من المقيم السياسي في بوشهر ومستشار حكومة البحرين “تشارلز بلجريف” وقد بُنيت هذه الاعتراضات على العديد من النقاط منها:
بينما كانت وجهة نظر الشيخ حمد مختلفة تمامًا عن وجهة النظر البريطانيّة ويرى ضرورة إعطاء الدواسر (بدل الإيجارات) التي يطالبون فيها، وكانت وجهة نظره هذه مبنيّة على ما يلي:
أمّا قبيلة الدواسر فأنها عللت سبب مطالبتها بالحصول على بدل الإيجارات لخروجهم من البحرين بدافع الخوف، وأنّ ما سيحصلون عليه من بدل الإيجارات سيتم انفاقه في إصلاح ممتلكاتهم التي أصابها الضرر والتلف أثناء مدة غيابهم.
وأمام صلابة موقف الشيخ حمد والدواسر على حدٍ سواء، قام البريطانيون بتغيير موقفهم لكي لا يصبحوا بمثابة (حجر عثرة) في طريق حل هذه المشكلة، لذلك طرحوا بعض الحلول من أجل التوصل إلى صيغة يمكن من خلالها التوافق حول قضية (بدل الإيجارات) وأبرز تلك الحلول المقترحة ما يلي:
٢- يرى المعتمد السياسي البريطاني أن تبدأ الحكومة البحرينيّة بإعطاء قبيلة الدواسر (رأسمال قليل) في البداية وذلك لأنّ ثروتهم التي يمتلكونها قد استنفذت إلى حدٍ كبير أثناء اقامتهم في البر، ومن المفترض أنهم اضطروا إلى شراء منازل لهم، فضلًا عن قيامهم بدفع الضرائب الباهظة إلى ابن سعود وغيرها من النفقات التي ترتبت على عملية نقل بضائعهم من مكانٍ إلى آخر، لذا فمن الضروري إعطاؤهم مبلغًا بمثابة مساعدة لهم مقداره ثلث دخل أملاكهم، أي ثلث بدل الإيجارات عن السنوات التي قضوها في الدمام والتي كانت تبلغ حوالي (64,000) روبية وهذا يعني أنّ المبلغ المُقترح إعطاؤه للدواسر هو (21,000) روبية.
۳- اقترحت بريطانيا إعطاء مبلغ لقبيلة الدواسر بشرط أن لا يزيد عن (10,000) روبية من أجل إعادة إعمار بيوتهم التي وقع عليها التخريب أثناء فترة غيابهم عن البحرين.
وافق المقيم السياسي البريطاني في بوشهر على مقترح المعتمد السياسي الخاص بإعطاء الدواسر ثلث بدل الإيجارات، إلّا أنّ المقيم يرى أن دفع هذا المبلغ لن يتم دون أن يتحقق أمران مهمان هما:
ثالثًا: موقف بريطانيا والشيخ حمد بن عيسى من مسألة (الغواصين) العاملين لدى القبيلة:
أمّا المسألة الثالثة وهي (قضية الغواصين) فإنها تتلخّص في مطالبة نواخذة الدواسر لمجموعة من الغواصين بإرجاع السلف النقدية التي أخذوها منهم قبل نزوحهم من البحرين، وعندما عاد الدواسر طالبوهم إمّا بإرجاعها أو العمل لديهم لمدّة معيّنة لحين استيفاء مبلغ السلفة التي حصلوا عليها سابقًا.
كان موقف شيخ البحرين مؤيدًا لقبيلة الدواسر في هذه المسألة، حتى أنّه بعث برسالة تأكيد إلى المعتمد السياسي البريطاني في الخامس من أيار 1927م يُذكره فيها برغبته إعطاء قبيلة الدواسر من صندوق الحكومة جاء فيها “إلى جناب ار جي البان باليوز(معتمد) في البحرين المحترم، تُخبر سعادتكم أننا كتبنا سابقًا إلى سعادة الميجر بيرت باليوز المحترم بخصوص ماليّة الدواسر في صندوق الحكومة منذ ثلاث سنوات، بأن يتم تسليمهم نصف المبلغ هذه السنة والنصف الآخر بعد القفال، إذ أن موسم الغوص قد وصل لهذه السنة وليس لديهم أموال كافية، ونظرًا لضعفهم نرى ضرورة المبادرة بتسليمهم المبلغ المذكور على وجه السرعة”.
إلّا أنّ سلطة الحماية البريطانيّة اعترضت على هذا الطلب وبعث المقيم السياسي بجواب للشيخ “حمد بن خليفة” على طلبه هذا من خلال رسالة بعث بها في 25 ايار 1927م، تضمّنت ما يلي: “من البان باليوز الدولة البهيّة الانكليزيّة في البحرين إلى جناب الأفخم المفخم صاحب السعادة الشيخ “حمد بن عيسى آل خليفة”، من بعد إهداء السلام بالنسبة لكتابكم في 3 ذو القعدة 1345هـ (5 آيار 1927م) بخصوص الحق المزعوم للدواسر في استرداد محصول أملاكهم التي حجزت عليها حكومة البحرين أثناء غيابهم عن البحرين، نُخبر سعادتكم أن صاحب السعادة رئيس الخليج يُبلغ سعادتكم بأنّ ليس للدواسر حقًا في هذه المادة أبدًا ولا يتم استرداد أي شيء إليهم من إيجار أملاكهم. ولكن يمكن أن يُعطى إليهم مبلغًا لا يزيد على عشرة ألاف روبية من أجل تعمير بيوت هؤلاء من الدواسر الذين وقع على بيوتهم الخراب أثناء غيابهم عن البحرين”. كما طالبت الشيخ حمد بعدم الموافقة على الاقتراح الذي يقضي بإجبار الغواصين الذين كانوا قد دخلوا الغوص سابقًا لصالح نواخذة الدواسر على العودة للخدمة تحت إمرة النواخذة وإرهاقهم بديونهم السابقة، كما طالب المقيم السياسي بعدم إجبار الغواصين على الرجوع للخدمة عند الدواسر، وذلك لأنّ حكومة البحرين قد قررت سابقًا إلغاء الديون المترتبة عليهم ولا يمكن إرجاعها مرة أخرى.
قدرت دوائر الحكومة البريطانيّة مقدار السلف والديون التي كانت لقبيلة الدواسر على الغواصين بأنّها تتراوح ما بين (200 – 300) ألف روبية.
بعد ذلك أكّدت بريطانيا موقفها من القضايا العالقة الثلاث عن طريق رسالة بعث بها المقيم السياسي في الخليج العربي (هاروث) إلى حكومة الهند البريطانيّة يوم التاسع من أيار 1927م، جاء في نصها ما يلي: “تم توجيهي للإشارة إلى رسالتكم رقم 53-C. بتاريخ 24 نيسان 1927م، بمرفق مؤرخ في 20 شوال 1345هـ، البحرين، حول موضوع عودة قبيلة الدواسر.
يرى المقيم السياسي الموقّر أنه عندما تم معاقبة القبيلة بالطرد لمدة ثلاث سنوات، بسبب الجرائم التي ارتكبوها، فإنه ينبغي بالتأكيد على عدم منحهم الإيجارات التي تراكمت على حكومة البحرين أثناء غيابهم، لأن هذا الأمر يُعد بمثابة التراجع عن نتيجة العقوبة الممنوحة. في الواقع سيكون اعترافًا من جانبنا بأنّنا تصرفنا بقسوة. فيما يتعلق باقتراحك بضرورة إعادة ثلث الإيجارات بسبب الإصلاحات اللازمة للممتلكات المتدهورة وفقر القبيلة، يرى المقيم السياسي أنّه إذا وجد أي مبلغ ضروري لهذا الغرض، فيجب أن يكون هذا المبلغ لا علاقة لها بالإيجارات المصادرة. بدلاً من ذلك، يجب أن يأخذ التخصيص شكل إجراء حكومي من جانب البحرين، التي بعد أن عاقب القبيلة بشكلٍ عادل، تغفر لهم الآن على وعد بسلوك أفضل للمستقبل ويسمح لهم بمجموع إعادة تأهيل ممتلكاتهم، ونوافق على توصيتك بعدم إجبار أي غواص على العودة إلى الدواسر مع ديونه السابقة المستحقة عليه. بعد أن ألغيت هذه الديون مرة واحدة لا يمكن إعادة وضعها على المدينين، الذين ربما يكونون قد أخذوا أعمالًا أخرى”.
قام هاروث المقيم السياسي البريطاني في الخليج العربي بزيارة البحرين في 1 أيار 1927م، وتوجه إلى البُديع لمعرفة أوضاع قبيلة الدواسر فيها فالتقى بأحد شيوخ القبيلة ممّن عادوا منذ مدة قليلة من أراضي نجد، وقد بعث هاروث برسالة إلى حكومة الهند البريطانيّة في 16شباط ۱۹۲۸م وضّح فيها تفاصيل لقاءه بالشيخ عبد اللطيف الدوسري، وجاء في نصها: ” يشرفني أن أشير إلى المراسلات المنتهية برسالتي رقم 138 بتاريخ 1 مايو 1927م. في زيارتي الأخيرة للبحرين، قمت بزيارة قرية الدواسر وقمت بدعوة الشيخ عبداللطيف الذي عاد بشكلٍ دائم إلى البحرين. لم يكن هذا القائد ليغادر البحرين أبدًا لولا إجباره على ذلك واغتنم الفرصة الأولى للعودة برفقة ما بين (250) إلى (300) من قبيلته. أخبرني أنه يتزعّم حوالي (600) إلى (700) من قبيلته، لكن الطاولة لن تسمح بعودة تذكير قبيلته. تذكر السلطات الوهابيّة أن تقول بعد ذلك اذهب لكن يجب على النساء والأطفال البقاء في الحسا (الأحساء). كما أبلغني الشيخ عبد اللطيف أنّ هناك شيخًا مندفعًا واحدًا يوقف رغبة الآخرين في العودة. وإلّا فإن القبيلة بأكملها ستعود إذا سمح الوهابيون بذلك.
اقترحت سلطة الحماية البريطانيّة في نهاية المطاف معالجة قضيتي “بدل الإيجارات” و”سلف الغواصين” عن طريق إقرار دفع مبلغ من المال وقدره (25,000) روبية لقبيلة الدواسر، بموافقة الشيخ حمد وذلك لمساعدتهم في ترميم بيوتهم وتمويل موسم الغوص، وبالتالي عادت قبيلة الدواسر إلى البحرين عام 1928م بعد أن تم تهجيرهم منها عام 1923م.
الخاتمة:
توصّل الباحثان إلى العديد من النتائج التي تعلقت بموضوع البحث أبرزها ما يلي:
1- سجّلت عودة الدواسر إلى البحرين خيبة أمل بريطانيّة، إذ أنهم أرادوا بعملية تهجير الدواسر إعلاء كلمتهم على شيخ البحرين والدواسر، إلّا أنّهم تراجعوا في نهاية الأمر ووافقوا على عودة القبيلة إلى البحرين. بل رأيناهم يتباحثون حتّى على إعادة أملاك وحقوق الدواسر إليهم.
۲- استطاع شيخ البحرين “حمد بن عيسى آل خليفة” من أن يتعامل بدهاء مع كلّا من البريطانيين والدواسر، وذلك من خلال اتباعه دبلوماسيّة المناورة مع البريطانيين، حملت منطقًا وطنيًا صادقًا وحازمًا، إذ أظهر لهم رغبته بعودتهم نتيجة لموقفه الديني والاجتماعي، الذي أحرجه كثيرًا نتيجة لقيامه بتهجير القبيلة ومصادرة أملاكها، أمّا بالنسبة للدواسر فإنّ الشيخ حمد دعا ابن سعود للتوسّط لدى البريطانيون من أجل عودتهم.
۳- أنّ بريطانيا قد أُجبرت في تغيير موقفها من قضية الدواسر بصورة كبيرة، بل أنّها غيرت حتى من سياستها تجاه الشيخ حمد في نهاية المطاف.
المصدر:
الشطري، شاكر حسين دمدوم، و كاظم، ياسر ماضي. (2023). المسائل التي تعلقت بعودة قبيلة الدواسر إلى البحرين عام 1928 م. وموقف بريطانيا وشيخ البحرين حمد بن عيسى منها. مجلة الدراسات المستدامة، مج5, ملحق ، 2324 – 2343.