ولد الشيخ سعد بن عبدالله بن سعد بن إبراهيم بن عامر العامر البدراني الدوسري في قرية وثيلان في منطقة السر عام 1368هـ / 1949م، وقد توفيت والدته (هيا بنت ذاكر بن عايض الدعجاني العتيبي) وهو بعمر ثلاث (3) سنوات تقريباً، فكان يتيم الأم في سن مبكر وحيث كانت زوجة أبيه كبيرة في السن ومريضة ولا تستطيع رعايته فقام برعياته في البداية جده وجدته لأمه (ذاكر العتيبي ونورة بنت فطحان المطيري) رحمهم الله جميعاً.
ولكن في سن الخمس (5) سنوات (أي عام 1373هـ / 1954م تقريباً) طلب أخوه الأكبر محمد الذي كان يعمل عسكرياً في المدينة المنورة من والده أن يصطحب معه أخاه سعد حيث كان قد تزوج هناك ولكن لم يرزق الذرية، فإنتقل مع أخيه محمد إلى المدينة المنورة الذي أكمل تربيته هناك، وقامت برعايته وأحسنت تربيته زوجة أخيه (منيرة بنت إبراهيم العديلي “من شمر” – وهم من عائلات عنيزة المعروفة التي كانت تسكن المدينة المنورة). وكانت هذه نقطة تحول كبيرة في حياته ليعيش وينشأ في مدينة حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وفي منزل على بعد خطوات من الحرم النبوي الشريف، فنشأ محبا لسنة نبيه عاشقا لطيبة الطيبة، وكان ومن سن صغيرة ينهل العلم الشرعي من خلال حضور الكثير من حلقات تحفيظ القرآن وحلقات الذكر وحلقات العلوم الشرعية التي تتم في المسجد النبوي من قبل نخبة من علماء ذلك الوقت سواء من أئمة الحرم أو من علماء الجامعة الإسلامية بالمدينة أمثال الشيخ العلامة أبن باز والشيخ محمد المختار الشنقيطي والشيخ الألباني والشيخ ابن زاحم والشيخ ابن صالح وغيرهم، رحم الله الجميع.
وقد درس الشيخ سعد بن عبدالله بن سعد العامر رحمه الله الإبتدائية وأكملها بالمدينة المنورة ثم التحق بالمعهد العلمي بالمدينة أيضاً وتخرج منه سنة 1386هـ / 1966م. وفي سنة تخرجه شد الرحال للعاصمة الرياض حزينا على فراق المدينة المنورة ليلتحق رحمه الله بكلية الشريعة في العاصمة الرياض في نفس العام 1386هـ، وحصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة عام 1390هـ /1970م.
وبعد حصول الشيخ سعد بن عبدالله على درجة البكالوريوس بدأ البحث عن بداية حياته العملية، وكان رحمه الله طامحاً لحمل رسالة الأنبياء ونشر العلم من خلال امتهان مهنة التعليم وأن يكون معلماً للشريعة والدين، ولكن تم ترشيحه للتصدر لمهنة القضاء. وقد تردد قليلاً لمعرفته بحجم المسئولية والأمانة الملقاة على عاتق القضاة ومكانة القضاء في الإسلام، فاستخار الله واستعان به وتوكل عليه واحتسب الأجر وقبل بالعمل في القضاء وكم كانت فرحته حين تم تعيينه في محكمة المدينة المنورة كقاض مستجد في نهاية العام 1390هـ فها هو يعود إلى أنسه طيبة الطيبة (وكان رئيس المحاكم الشرعية في المدينة ذلك الحين هو الشيخ العلامة ابن صالح رحمه الله إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف).
في عام 1391هـ / 1971م، وفي أثناء السنة الأولى للقضاء التي لازم وتدرب بها على يد الشيخ ابن صالح، تزوج الشيخ سعد العامر من كريمة ناصر الهزاع المطلق (من عنزة) أحد عائلات عنيزة المعروفة التي كانت تسكن المدينة المنورة ومن أقرباء زوجة أخيه محمد التي كانت بمثابة أمه التي ربته منذ صغره.
بعد عام كامل من ملازمة الشيخ سعد بن عبدالله العامر للشيخ ابن صالح في المدينة وفي نهاية العام 1391هـ / 1971م، اجتمع به الشيخ ابن صالح وأخبره بحاجة مدينة عنيزة إلى قاضِ شرعي (حيث تم تعيين كبير قضاة عنيزة في ذلك الوقت الشيخ ابن عقيل عضوا في هيئة التمييز) وأنه يرى فيه الرجل المناسب وأنه رشحه لذلك فما كان منه إلا أن وافق على ذلك وتم تعيينه قاضياً في المحكمة العامة في عنيزة بالقصيم، ورغم حزنه الكبير على فراق مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم لحبه الشديد لها، إلا انه توكل على الله وانتقل هو وزوجته للسكن في عنيزة، وكان عزاؤه وجود عدد من أقاربه وأقارب زوجته بها وقربها من أهله في منطقة السر. واستمر في عنيزة لمدة عامين، جاور فيها الشيخ عبدالعزيز بن علي المساعد (المعلم بالمعهد العلمي بعنيزة). وكان أثناء وجوده في عنيزة يلتقي ويحضر مجالس الشيخ علي الصالحي (من أبرز مؤسسي مكتبة عنيزة) والشيخ العلامة ابن عثيمين وغيره من مشايخ القصيم.
ولكن في نهاية العام 1393هـ / 1973م تم تعيينه قاضياً في المحكمة العامة في الجبيل بالمنطقة الشرقية لتقاعد قاضيها السابق، وهنا كان الحزن أكبر لبعد الجبيل الكبير عن المدينة المنورة وعدم معرفته بها من قبل حيث كانت مدينة صغيرة غير معروفة له، فاستعان بالله ولبى نداء الواجب وانتقل إلى الجبيل لتولي القضاء بها. وقدر الله أن تصبح الجبيل هي مدينته التي قضى فيها معظم حياته العملية حيث استمر فيها لمدة 15 عاماً، كان خلالها، إضافة لكونه قاضٍ لمحكمة الجبيل، خطيباً وإماماً للجامع الكبير بالجبيل ومأذوناً للأنكحة، ومرجعاً للفتوى فيها.
في عام 1408هـ / 1987م صدر قرار بتعيين الشيخ سعد بن عبدالله بن سعد العامر قاضياً في المحكمة الكبرى بالمبرز في الأحساء، فانتقل إليها مع عائلته وسكن بها واستمر يعمل بها لمدة ثلاثة (3) أعوام، حيث في عام 1411هـ / 1990م حصل على التقاعد المبكر.
كان الشيخ سعد بن عبدالله بن سعد العامر رحمه الله محباً للقراءة منذ سن مبكرة وبدأ ينمو ذلك خلال دراسته الجامعية ولكن وصل أوجه بعد الثلاثين من عمره، فقد كان قارئاً نهماً يعشق جمع واقتناء الكتب القيمة في شتى المجالات ومختلف بحور العلم من تفسير وعلوم القرآن المختلفة والحديث وعلومه والسيرة النبوية الشريفة والفقه بمختلف علومه وأصوله وعلى مختلف المذاهب، وكذلك كتب القضاء والعقيدة والشريعة والتوحيد وغيره. كذلك كتب التاريخ والتراجم والموسوعات المختلفة والكتب التي تعنى بعلوم اللغة العربية والنحو والأدب بمختلف أصنافه وتنوع فنونه. وغيره الكثير من الفنون والعلوم الدينية والدنيوية والثقافة العامة. وقد أخذ يجمع ويقرأ في هذه البحور حتى أصبحت مكتبته لا تتسع لمزيد من الكتب حيث يزيد تعدادها على 15.500 مجلد في مختلف المجالات. إضافة إلى المجلات العلمية والدوريات وعددها ليس بالقليل.
وكان رحمه الله حتى وفاته يحتفظ بذاكرة قوية حيث يتذكر ما في كثير من الكتب وأسماء مؤلفوها وسيرهم وطبعات الكتب ودور النشر المختلفة.
بعد تقاعده عاد الشيخ سعد بن عبدالله بن سعد العامر مع عائلته للعيش في منزله في مدينة الجبيل وتفرغ لهوايته المحببة وهي القراءة والاستزادة من العلم وجمع الكتب القيمة، واستمر في مدينة الجبيل حتى عام 1424هـ / 2003م عندما انتقل للسكن في مدينة الدمام حيث أصبحت الدمام محل عمل وسكن معظم أبنائه وليكون أيضاً قريبا من المراكز والمستشفيات الكبيرة فيها، حيث أصيب في عام 1418هـ / 1997م بفشل كلوي كامل، وأجرى عملية ناجحة لزراعة كلية بعد ذلك بعامين ولكن كان بحاجة لمتابعة مستمرة.
منذ العام 1431هـ / 2010م بدأ التدهور التدريجي في صحه الشيخ سعد بن عبدالله بن سعد العامر وتكرر المشاكل الصحية وكان يتكرر تنويمه في المستشفيات لأسباب متعددة حتى حانت وفاة الشيخ سعد بن عبدالله العامر صبيحة يوم الإثنين السادس من شهر ذي الحجة من عام ١٤٣٨هـ الموافق 28 أغسطس 2017م بعد صراع طويل مع المرض.