الفرضية التاريخية هي تفسير مقترح لحدث تاريخي أو سلسلة من الأحداث التاريخية، وتستند على البحوث والأدلة والوثائق المتاحة، وقد تتطور الفرضيات التاريخية مع ظهور أدلة ووثائق جديدة، ويمكن أن تُدعم أو تُنفى عن طريق الأدلة والوثائق الإضافية.
والمؤرخون عندما يتعاملون مع المرويات التاريخية، فإنهم يحاولون تقييم صحتها ومصداقيتها من خلال دراسة الأدلة والوثائق المتاحة والتحليل النقدي، وقد تكون هناك عدة مرويات متناقضة حول حدث ما، وقد يختلف المؤرخون في تقدير أوزان المرويات المختلفة استنادًا إلى الأدلة والوثائق التي يجدونها أقوى وأكثر اقناعاً.
وضحنا فيما سبق الفرضية التاريخية، ولكن ما هو ابتداع التاريخ؟
ابتداع التاريخ يقصد به بناء سلسلة من الأحداث والوقائع التاريخية التي لا أساس لها، ولا تقوم على دليل لا عقلي ولا منطقي، وإنما هي من نسيج خيال الكاتب لها، وعلى سبيل المثال للتوضيح:
عندما تذكر قصة بتفاصيل دقيقة لأحداث مرت عليها مئات السنين، ولا تجد أن الكاتب المعاصر أشار إلى مصدر أو مرجع تاريخي أو وثيقة!
وهؤلاء عادة ما ينسبون ما يقولون إلى الموروث، ويدعمونها بأبيات شعر ربما ابتدعها من رواها أو من ابتدعها منذ البداية، أو ابتدعها من سمع القصة.
وبعضهم ربما يكون صادقاً، وقد سمع هذه القصة، ولكن تفاصيلها لا تخلو من المبالغة من طرفه أو طرف من نقلها، بل من الممكن أن يكون أصل القصة غير صحيح، فربما ابتدعها من ذكرها أول مرة، أو من نقلها.
والمتتبع لكثير من المرويات التاريخية التي يتناقلها الناس، يجد كثيراً من الإضافات التي تحدث مع النقل، والتي لا تخلو منها طبيعة البشر عند نقل القصص والروايات التاريخية لإضافة الإثارة والحماسة، فهذه الطبيعة البشرية كانت سائدة فيما مضى، كون الناس في السابق لا يجدون ما يشغل وقت فراغهم ويسليهم سوى مثل هذه الروايات، وهي ما يطلق عليه أهل نجد (السْبَاحِين).
يقول فهد بن جليد في مقال له في جريدة الجزيرة بعنوان: (سْبَاحِين فضائية!) نشرت في العدد رقم 17018، يوم الجمعة 28 شعبان 1440هـ الموافق 3 مايو 2019م، ما نصه: “مُفردها (سَبْحُونة) وجمعها (سْبَاحِين) وهي قصص الأوَّلين التي تُروَى على لسان (الجدات خصوصاً) تحت ضوء القمر، إمَّا للتسلية والمتعة قبل النوم، وإشغال وقت الأحفاد في ليالي رمضان حتى يحين وقت السحور، أو في غيرها من ليالي العام حتى يحين موعد النوم، ما كان يُميِّز هذه السْبَاحِين أنَّها تعتمد على قُدرَة (الجدَّة) على إضافة عناصر تشويقية للقصة بحبكة درامية، باختلاق أحداث غير موجودة حسب حال المُستمعين للعِظَة والعِبْرَة والفائدة، وربطها بتفسيرات لزيادة الانبهار والتعلُّق في كل مرَّة ومع كل رواية وقصة”
الفرضية والمرويات التاريخية
حسب المنهج العلمي، لا نكذبها ولا نصدقها، إلا بعد تمحيصها وتحقيقها ومقابلتها بما يثبت من الأدلة والوثائق، وهي على ثلاثة أنواع:
– رواية مختلقة من أساسها، ولا صحة لها، بل هي تخالف الحقيقة، وهذه ترفض جملة وتفصيلاً.
– رواية لها أساس من الواقع، ولكن حرفت تفاصيلها، وهذه تحقق ويقبل منها ما وافق الواقع والوثائق والأدلة والتحليل النقدي، وترفض الإضافات.
– رواية حقيقية ومدعمة بالأدلة والوثائق، وتوافق الواقع والحال في ذلك الزمان، وتقبل عقلاً ومنطقاً حسب التحليل النقدي، فهذه تقبل.