في وقت مبكر يعود إلى سنة 2500 قبل الميلاد، درس المصريون الشعوب المجاورة أثناء الحروب أو البعثات التجارية إلى إفريقيا أو آسيا الصغرى.
تظهر الأجسام المنحوتة في الصورة، والتي تم العثور عليها في مقبرة توت عنخ آمون، تمثيلات مصرية للآسيويين (أعلى اليسار) والأفارقة (في الأسفل). التمثال الذي يظهر أعلى اليمين مصري.
الأجسام المنحوتة التي عُثر عليها في مقبرة توت عنخ آمون |
كان الإغريق كذلك مهتمين بالشعوب التي تعيش حولهم، ويتحدث هيرودوتس عن معظم الشعوب المعروفين في عصره، بينما يبين هوميروس، في الإلياذة والأوديسة، عادات وتقاليد بعض حضارات البحر الأبيض المتوسط القديمة. وعزا الفيلسوف اليوناني العظيم/ أرسطو تنوع الأجناس البشرية إلى اختلافات الظروف المناخية.
إناء زيت يوناني، على شكل رأس شخص زنجي |
يحدثنا المؤرخون الرومانيون، مثل قيصر وليفي وتاسيتوس، عن مظهر وعادات وأزياء الشعوب التي احتلتها روما. وغالبًا ما رسم النحاتون الرومان هؤلاء البرابرة بالبرونز أو الرخام أو الطين.
رأس شخص زنجي عُثر عليها في مقبرة تارانتو |
في العصور الوسطى، عندما كان الأدب الكلاسيكي شبه مجهول، ضاعت هذه المعرفة الإثنولوجية. ولكن مع إعادة اكتشاف الأدب الكلاسيكي في القرن الخامس عشر والاكتشافات الجغرافية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، عاد الاهتمام مرة أخرى بدراسة الإثنولوجيا.
ومع ذلك، لسوء الحظ، لم تكن حسابات المستكشفين الأوائل موثوقة للغاية، كما يتبين من الرسم التوضيحي التالي، الذي يستند إلى معلومات ذكرها رحالة من القرن السابع عشر. ولكن المستكشفين الآخرين قدموا معلومات إثنولوجية قيمة، مثل ماركو بولو عن شعوب آسيا الأخرى، وأنطونيو بيجافيتا عن الأراضي والشعوب التي زارها في رحلته حول العالم مع ماجلان، أو تجميعات مغامرات المستكشفين التي أعدها ريتشارد هاكليوت.
كان الخبير البلجيكي، فيساليوس، أول من لاحظ كيفية وجود جماجم مختلفة الشكل لدى مُختلف الشعوب.
كان عالم الطبيعة الألماني، سيمون بالاس (من 1741 إلى 1811)، أول من تعامل مع الإثنولوجيا بصورة منتظمة ومستمرة ويستحق أن يُدعى مؤسس هذا العلم.
ولكن لم تبدأ الدراسات الإثنولوجية في إثارة الاهتمام العام حتى القرن التاسع عشر، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أسفار وكتابات المبشرين مثل ديفيد ليفينغستون. وقاد رحالة آخرون بعثات ذات طبيعة علمية أكثر من التبشير، مثل مونجو بارك، الذي اكتشف منبع نهر النيجر.
الارتفاع الهائل لسكان باتاغونيا، وفقًا لما ذكره رحالة من القرن السابع عشر |
تظل المؤسسات الإثنولوجية في جميع أنحاء العالم على تواصل مع بعضها البعض من أجل تبادل المعلومات ونتائج دراساتهم حول مختلف شعوب العالم. وفي القرن العشرين، وبفضل تحسين خدمات الاتصالات، تضاعف عدد البعثات العلمية والدراسات الفردية في هذا المجال. وقد وسعت الإثنولوجيا نطاقها، وأصبحت تشمل الدين واللغة والتنظيم الاجتماعي والقوانين، بالإضافة إلى المظهر والعادات، وقد قطعت شوطًا طويلاً بحيث تجاوزت حكايات الرحالة عن الأيام السابقة. ويتعاون الجغرافيون وعلماء الأعراق البشرية لعمل خرائط إثنوغرافية تبين توزيع الشعوب التي لها الخصائص الجسدية أو اللغوية أو الدينية ذاتها.
وفي العديد من البلدان، تشجع الدولة الدراسات الإثنولوجية بشكل رسمي، ويتم تدريس الإثنولوجيا في المدارس والجامعات في الوقت الحالي. وينشر التلفزيون والكتب والمتاحف معرفة الإثنولوجيا كعلم رائع ومدهش يأخذ المرء في رحلة رائعة إلى الشعوب البعيدة ذات العادات الغريبة.
أحد علماء الأعراق البشرية يجري قياسًا للجمجمة |
ما هو علم الأعراق؟ يبدو الأمر علميًا وصعبًا للغاية. وهو مشتق من الكلمات اليونانية “عِرْقُو”، وأمة، و ” لوغوس “، ودراسة، ويعني دراسة مختلف الأمم والأعراق (والعرق هو عبارة عن مجموعة من الأشخاص لديهم نفس الخصائص الجسدية التي يمكن نقلها بالوراثة).
إذا رأيت شخصًا يفحص جمجمة بشرية بعناية، ويقيسها وربما يقارنها بغيرها في مجموعته، فمن المحتمل أن يكون هذا الرجل عالمًا بالأعراق البشرية. ومن خلال معرفة كل شيء عن شكل الجمجمة (وهذا ما يعرف بالتشكيل القحفي) يحاول تحديد العرق البشري الذي تنتمي إليه تلك الجمجمة.
بالطبع، يقوم علماء الأعراق البشرية بأكثر من مجرد فحص الجماجم، فإنهم يدرسون الخصائص الرئيسية لجميع مختلف الشعوب في العالم وتقسيمهم إلى أعراق وأمم وقبائل؛ كما يدرسون تقاليدهم ولباسهم ولغاتهم ودياناتهم، في الواقع جميع جوانب حضاراتهم. ويتضح أن علم الأعراق البشرية يمكن اعتباره الدراسة الأكثر إثارة للاهتمام وتشويق؛ وعلى الرغم من أنه لم يتم تطويره إلا مؤخرًا بوصفه علمًا، فقد تم بالفعل اكتساب الكثير من المعرفة.
يعتمد لون البشرة على كمية اللون الموجودة في البشرة (الجلد السطحي). ويعتبر اللون مسألة متعلقة بالعرق وليس المناخ، ولكن في أفريقيا، على وجه الخصوص، يبدو أن هناك بعض الارتباط بين سواد البشرة والقرب من خط الاستواء. ولا يعد لون البشرة العنصر الرئيسي في تصنيف العرق؛ حيث أنه يوجد أشخاص ذوي بشرة فاتحة وأشخاص ذوي بشرة داكنة في القبيلة ذاتها، ويتضمن الجنس البشري كل ظل من لون البشرة من اللون الأسود الأبنوس لبعض الزنوج الأفارقة إلى اللون الوردي والأبيض لشعوب الشمال.
يُشار إلى شكل الجمجمة أو القحف من خلال “مؤشر الرأس”. ويتم قياسه بالصيغة التالية:
عرض الجمجمة × 100 | = | مؤشر الرأس |
طول الجمجمة |
يتم قياس الجمجمة في محوريها الطولي والعرضي على النحو الموضح، ويتراوح مؤشر الرأس بين 70 إلى 85.
يشير المؤشر المنخفض (الذي يتراوح بين 70 إلى 75) إلى جمجمة طويلة وضيقة أو مستطيلة الرأس | يشير المؤشر المتوسط (الذي يتراوح بين 75 إلى 80) إلى جمجمة طبيعية أو متوسطة الرأس | يشير المؤشر المرتفع (الذي يتراوح بين 80 إلى 85) إلى جمجمة مستديرة وعريضة أو قصيرة الرأس |
عادة ما يكون لدى الأوروبيين جماجم متوسطة الرأس، أما الزنوج لديهم في الأساس جماجم مستطيلة الرأس، في حين أن الكالموكس من يكون لديهم جماجم قصيرة الرأس تقليدية.
تُقاس ملامح الوجه من خلال الزاوية التي تتكون من خط يربط الفم بالأذن وخط آخر يربط الفم بالجبهة.
إذا كانت الزاوية حادة، يكون بارز الفكين
|
إذا كانت الزاوية أكثر أو أقل من الزاوية اليمنى، يكون مستقيم الفكين |
يتم تحديد اتساع الأنف من خلال “مؤشر الأنف”. عادة ما يكون لدى الزنوج أنوف واسعة/عريضة؛ والأوروبيون لديهم أنوف متوسطة، بينما الإسكيمو لديهم أنوف ضيقة. وقد يكون للمناخ بعض التأثير على ذلك؛ يبدو أن الأشخاص الذين يعيشون في مناخات رطبة حارة لديهم أنوف أوسع من الأشخاص الذين يعيشون في الأماكن الباردة والجافة.
يعد نوع الشعر هامًا كذلك. وقد يكون مجعد أو أملس، خشن أو ناعم.
الجماعات البشرية:
من خلال أخذ واحد أو أكثر من هذه العناصر المادية بعين الاعتبار، قسّم عالم الأعراق البشرية إلى خمس جماعات رئيسية.
تتواجد جماعة البيض أو القوقازيين في جميع أنحاء أوروبا وشمال إفريقيا وأمريكا الشمالية والشرق الأدنى وأجزاء من آسيا. وتسمى هذه الجماعة كذلك “الهند الأطلسية”، لأن موطنها الأصلي يمتد من الهند إلى المحيط الأطلسي. ومن الناحية الجسدية، تضم هذه الجماعة العديد من أشكال القامة والرأس. وعادة ما يكون الشعر مموجاً أو مجعداً وينمو على الوجه والجسم. ويكون مستقيم الفكين. | |
تتواجد جماعة الصفر أو المنغول في آسيا وأجزاء من أمريكا. وتميل هذه الجماعة إلى أن تكون لها جمجمة مستديرة وعريضة، مع وجه مسطح عريض وعظام خد عالية. وعادة ما تكون العيون بنية، والشعر أسود وأملس، ويوجد القليل من الشعر على الوجه أو الجسم. ويتراوح لون البشرة من الأصفر الشاحب/الباهت إلى البني المحمر. | |
تتواجد جماعة السود أو الزنوج بشكل أساسي في إفريقيا، ولكنها منتشرة على نطاق واسع، خاصة في أمريكا. وتميل هذه الجماعة إلى أن يكون لها جمجمة طويلة وضيقة مع ملامح وجه بارز الفكين. ويكون لون البشرة داكن، وأحياناً أسود؛ ومن العلامات الأخرى الشفاه السميكة والأنوف المسطحة العريضة والشعر القصير المجعد وغالبا ما ينحسر عن الجبهة. |
هذه هي الجماعات الرئيسية الثلاث، ولكن هناك جماعتان إضافيتان: جماعة الخوسيان، التي تضم البوشمِن والهوتينتوس، وجماعة الأستراليون التي تضم السكان الأصليين لأستراليا.
جماعة البيض أو القوقازيين: | ||
عرق البلطيق: فنلندا وروسيا وبروسيا وبولندا. | عرق جبال الألب: وسط فرنسا، سويسرا، شمال إيطاليا، جنوب ألمانيا، تشيكوسلوفاكيا، المجر. | العرق الشمالي: الدول الاسكندنافية، شمال فرنسا، جير ماني، بلجيكا، هولندا، بريطانيا العظمى. |
عرق الدينارية: جبال الألب الشرقية، البلقان، آسيا الصغرى. | عرق البحر الأبيض المتوسط (العرب): شمال إفريقيا، الشرق الأدنى والشرق الأوسط. | عرق البحر الأبيض المتوسط (أوروبا): شبه الجزيرة الأيبيرية، جنوب فرنسا، إيطاليا، جنوب غرب البلقان. |
العرق الإثيوبي: إثيوبيا، أرض الصومال. | العرق الهندي الإيراني: بلاد فارس، أفغانستان، غرب جبال الهيمالايا. | العرق الأرمني: القوقاز وآسيا الصغرى. |
جماعة السود أو الزنوج: | ||
عرق النيليون: السودان وأوغاندا | العرق الكونغولي (Palaeonegrida): وسط إفريقيا، وخاصة الكونغو. | العرق النيجيري السوداني (سودانيدا): وسط وغرب إفريقيا جنوب الصحراء. |
العرق الميلانيزي: جنوب شرق آسيا، ميلانيزيا. | عرق الأقزام (أو القَزَم الزِّنجانيّ الآسيويّ): الكونغو وجنوب شرق آسيا وأوقيانوسيا. | العرق الزنجي (Bantuida): شرق وجنوب شرق إفريقيا. |
جماعة الخوسيان: جنوب أفريقيا. | جماعة الأستراليون: أستراليا وآسيا. |
جماعة الصفر أو المنغول: |
||
العرق الهندي الأمريكي: أمريكا الشمالية والجنوبية (8 أعراق مميزة). | عرق المناطق القطبية الشمالية-الاسكيمو: غرينلاند والقطب الشمالي وسيبيريا وأمريكا. | العرق البولينيزي: بولينيزيا. |
عرق البري-أوين PAREOEAN (أو أسلاف الملايو الثانويين): جنوب شرق آسيا. | العرق التونغوسي: غرب سيبيريا. | العرق الصيني: الصين، اليابان. |
علم الأعراق البشرية
المصدر: مجلة المعرفة. العدد 27، 10 يوليو 1961م.
علم الأعراق البشرية
هناك نقاش قديم، وجدل علمي محتدم، حول صحة هذه التقسيمات، وأنها قائمة على مباديء التمييز العنصري، والمتمثلة في تقسيم البشر بناء على السمات السطحية الظاهرية، وعلى وجه الخصوص: لون البشرة، ولون الشعر وملمسه، ولون العينين، وحجم الرأس وشكله. لذا تجرى حالياً جهود علمية قائمة على دراسة التباين البشري بناء على نتائج الحمض النووي، وليس تجميع البشر في مجموعات إثنية شكلية بناء على لون البشرة على سبيل المثال، فيقسم البشر إلى: السود، والبيض، وبنيّي اللون، والصفر، والحمر. كما أن هناك علماء أخرون يرون أن محاولة تقسيم البشر إلى مجموعات هي فكرة غبية لا معنى لها، ولا فائدة منها، وقائمة على مبدأ التمييز العنصري.