بقلم: الشيخ عبد الله بن عبدالعزيز الغزي
“يفترض أن تقييم الادعاءات العلمية يكون على أساس جودة الأدلة؛ وليس على أساس مكانة الشخص الذي يقدم الادعاء. هذا الأساس الأخير يمكن الإشارة إليه باسم: (تحيز المكانة)، وقد يلعب دورا في التأثير على تصورات العلماء وتفسيراتهم للأبحاث”. المصدر: السذاجة العلمية/ لی جوسیم، شون تی. ستيفنز، ناثان هانیکت، ستيفاني إم. أنجلين، نيكولاس فوكس.
قلت (تعليق الشيخ عبدالله الغزي): هذا كلام صحيح. وتجد هذا التحيز ظاهرًا في عدد من الأبحاث العقدية؛ فمثلًا: ترى الباحث ينسب قولًا لجماعة – لا يحصيهم إلا الله – بالاستناد إلى حكاية مصدر متأخر عن تلك الجماعة! كاعتماد الباحث على ما يحكيه متكلمو الأشعرية “المتأخرون” عن السلف – وهم جماعة واسعة – في التفويض! وعندما تتأمل في سبب استسهال مثل هذا التوثيق لهذه النسبة الواسعة فستجدها تعود إلى مكانة هذا المصدر المتأخر لدى الباحث أو لدى مجتمعه العلمي، مما يؤدي بهم إلى الرضوخ والتسليم وعدم المساءلة والتفتيش؛ فهم واقعون في: (تحيز المكانة)!
تقييم الادعاءات العلمية وتحيز المكانة
وعلى أي حال؛ فيجب على الباحث، الذي يتطلع إلى الرقى المعرفي؛ أن يترفع عن الوقوع في هذا التحيز، حتى وإن كان مجتمعه العلمي منغمسًا فيه! وليحسن بناء حجته – فيما يدعيه – على نحو يجعلها مقبولة لدى عامة الأطراف المختلفة؛ فالقواعد البحثية هي قضايا مشتركة لدى المجتمعات الأكاديمية على مستوى العالم. وإن كان مجتمعك العلمي يتحيز لمصادر دون مصادر فثق أن ثمة مجتمعات علمية أخرى ليست هكذا، وستحاكمك بناء على جودة أدلتك. وعندما تكتب بحثًا فاحرص أن تكتب كتابة تلقى قبولًا لدى المجتمعات المتقدمة في البحث العلمي؛ فإن هذا سيدفعك إلى تحسين بحثك وتجويده، وهو ما سينفعك في مسيرتك العلمية بمشيئة الله.