بقلم: ساتسنا
مشاهير علماء نجد
بيّنا في المقالات السابقة أن الذي أنهض العلم والأدب في ديار نجد هو الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سلمان بن علي بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن بريد بن مشرف بن عمر بن بعضـاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب التميمي النجدي، الذي تضاف إليه الوهابية. والنسبة هي إلى الشيخ محمد لأنه هو الذي شيَّد أركان هذا المذهب دون أبيه؛ لا بل خالف أباه، فنسبت إلى عبدالوهاب لاشتهار الابن باسم والده، ولأن المسمَّين بمحمد كثيرون، ولأنه لو كان سموا بالمحمديين لوقع الالتباس بين المحمديين المسلمين، وبين المحمديين الوهابيين، فاختار الناس مايزيل الالتباس.
ولما اشتهر الشيخ محمد بعلمهِ وفضلهِ وأدبه، جاءه عدة رجال ليقرأوا العلوم عليه، فأتقنوها وامتازوا بها، وألّفوا فيها، ثم أصبحوا هم مدرسين لغيرهم من الطلبة، فانتشر نور العرفان في ربوع نجد كلها، فمنهم:
فهولاء كلهم نبغوا في أيامهم لأنهم أخذوا العلم عن محمد رأس الوهابيين، وقد طووا بساط أيامهم في عهد الأمير الذي ذكرنا اسمهُ أو ثاني الأميرين اللذين ذكرنا اسميهما، وقد قرأ عليهِ العلم غير هؤلاء من الأفاضل والأدباء ممن لم يولّوا القضاء؛ لأنهم أخذوا على أنفسهم تدريس العلم والأدب في ديارهم وسائر ديار العرب بدون أن يتقلدوا وظيفة تتعلق بالحكومة أو الإمارة، ومن علماء نجد الذين كانوا في ذلك العهد:
هؤلاء هم أشهرعلماء نجد ذلك العصر، ثم حدث ما ثبَّط عزائمهم، فتقهقر أمر العلم وأصحابه، وكان ذلك في سنة 1133ه = ۱۷۲۰م، إذ ظهر فيها سعدون بن محمد ابن عريعر الأحسائيّ على نجد، وحاصر آل كُثَيّر في العارض، وأظهر المدافع من الأحساء، ونزل في عُقْرُبا المعروفة، وحاصر بلدة العمارية، حتى هزلت مواشيهم وأصابتهم أضرار كثيرة، ثم سار إلى الدرعية، ونهب بيوتها، فقتل أهل الدرعية كثيراً من قومهِ، وفرَّ العلماء إلى بلادٍ يجدون فيها راحتهم، ولما مات سعدون المذكور سنة ۱۱۳۸هـ = ١٧٢٥م؛ عُمّرت منازل بني هلال ،ومنازل بني سعيد، وآل بني سليمان، في بلدة الروضة المعروفة في ناحية سدير، فتنفس العلماء الصعداء وعاد أغلبهم من مَقَرّهم إلى مَقَرّهم، وبعد ذلك بمدَّة ظهر آل سعود في الدرعية، واستولوا على بلاد: نجد، والأَحساء، والقطيف، وعمان، وعسير، وجبل شمَّر (جبل طَيء)، وانقادت لهم القبائل والبلاد، وحصل من أمرهم ما هو مشهور، ورجع العلم إلى دياره، وانبعث من قبره.
المصدر: مشاهير علماء نجد في النهضة الأخيرة/ ساتسنا. مصر: مجلة الزهور. العدد (5)، الصادر في 1 يوليو 1912م.