بقلم: زكريا محمد علي
العلاقة بين الذكاء والتحيز الأيديولوجي
يبدو أن شقاء المجتمعات يأتي من أذكيائها أكثر من أغبيائها؛ لأن الذكاء يجعل صاحبه أكثر عرضة للتحيز، جذر المشكلة هنا أن التفكير نشاط ذهني لا يسعى غالباً لحقيقة موضوعية، بل يهدف لتبرير شيء نرغب بتصديقه، الأذكياء أقدر على ذلك من الأغبياء، الوعي بهذه الفجوة المعرفية يحمي الذكي من الغرور.
العلاقة بين الذكاء والتحيز الأيديولوجي قوية، حيث لوحظت في تجارب متعددة منها على سبيل المثال:
Taber & Lodge (2006), Stanovich et al. (2012), Joslyn et al. (2014), and Manwaring et al. (2018).
ما تظهره هذه الدراسات هو أنه: يوجد تحيز أكبر لدى الأشخاص الأذكياء من جميع الأطياف الأيدولوجية، وبما أن هذه التحيزات لا يمكن أن تكون كلها مبررة.
لكي نفهم، يجب أن نفكر في ماهية الذكاء في الواقع؟
وجد في أبحاث الذكاء الاصطناعي مفهوم يسمى: (أطروحة التعامد)، فالشخص الذكي لا يمكن أن يكون ذكياً فحسب، بل يجب أن يكون ذكياً في شيء ما، لأن الذكاء ليس أكثر من الفعالية التي يسعى بها صاحبها إلى تحقيق هدف ما.
أما العقلانية: هي الذكاء في السعي وراء الحقيقة الموضوعية، ولكن الذكاء يمكن استخدامه لمتابعة أي عدد من الأهداف الأخرى.
وبما أن الوسائل التي يتم من خلالها اختيار الهدف تختلف عن الوسائل التي يتم من خلالها متابعة الهدف؛ فالذكاء الذي يُوظف لتحقيق هدف ما لا يضمن عقلانية الهدف ذاته، لذا عادة ما يُستثمر الذكاء في تبرير الأوهام وليس في تفنيدها.
تعليق عبدالله بن عبدالعزيز الغزي:
من الجيد ملاحظة هذا؛ ومنه ستفسر مراوغة عدد ممن يوصفون بالذكاء عن مواجهة الحقائق الموضوعية التي تفرضها المصادر التاريخية، وكيف أنهم يلجؤون إلى ممارسة أنواع من المغالطات؛ للتمويه على القارئ، فذكاؤهم – غير العقلاني- يقودهم إلى تسويغ المتخيلات لا إلى تبديدها.