موقف زعماء بني خالد من التطورات السياسية في نجد (1233 – 1245هـ/ 1818 – 1830م)
المؤلف: د.عبد الله بن إبراهيم التركي
تهدف هذه الدراسة إلى رصد وتحليل الموقف الذي اتخذه زعماء قبيلة بني خالد[1] من الأوضاع التي طرأت على منطقة نجد بعد سقوط الدولة السعودية الأولى، حتى سقوط إمارتهم على يد الإمام تركي بن عبد الله بن سعود، وضمه الأحساء[2].
وتكمن أهمية هذه الفترة في أنها شهدت المحاولات الأولى لإقامة دولة جديدة في منطقة نجد، بعد سقوط الدولة السعودية الأولى على يد قوات محمد علي باشا، وعلى الرغم من تعدد هذه المحاولات فإن زعماء بني خالد في الأحساء وقفوا ضد هذه المحاولات، في محاولة منهم لوأد هذه الجهود طوال اثنتي عشرة سنة، حتى تمكن الإمام تركي بن عبد الله من تأسيس الدولة السعودية الثانية والقضاء على إمارتهم.
وتستعرض هذه الدراسة الجهود التي قام بها أولئك الزعماء، سواء أكانت سياسية أم عسكرية، من خلال الوثائق العثمانية والمصادر العربية والأجنبية المختلفة، كما أنها ستحاول الوصول إلى الدوافع، والأهداف، والنتائج التي تمخضت عنها تلك الأعمال.
منذ دخول إقليم الأحساء في تبعية الدولة السعودية الأولى، لم يأل زعماء بني خالد جهدًا في سبيل استعادة نفوذهم في ذلك الإقليم[3]، إلا أن الفرصة جاءت مواتية لهم حينما عملوا مع قوات محمد علي باشا والي مصر، التي أرسلت للقضاء على الدولة السعودية الأولى، فتعاونوا مع إبراهيم باشا لتحقيق هدف السلطان العثماني من جهة، ولاستعادة نفوذهم من جهة أخرى.
ويؤكد هذا التعاون رسالة بعثها إبراهيم باشا في 9 شوال 1233هـ/ 1818م إلى ماجد بن عريعر[4]، ضمنها المطالب التي تتعلق بالاستيلاء على الأحساء[5]، إلا أن هناك اختلافًا بين المصادر التاريخية حول بداية هذا التعاون وماهيته، فقد ذكر الفاخري أن ماجد ومحمد العريعر تمكنًا من الاستيلاء على الأحساء في 14 ذي القعدة 1233هـ/ 1818م خلال حصار إبراهيم باشا للدرعية[6]، بينما أشار ابن بشر إلى أن ابني عريعر كانا موجودين مع إبراهيم باشا خلال حصاره للدرعية، وأن سيطرتهما على الأحساء لم تحدث إلا عام 1234هـ/ 1819م، بعد أن استقر الباشا في الدرعية[7].
ويشير أحد المصادر إلى أن زعماء بني خالد برئاسة ماجد ومحمد العريعر، قدموا إلى الباشا خلال حصاره للدرعية، وزينوا له الاستيلاء على الأحساء، على أن يكونوا نوابًا عنه على تلك البلاد، فأجابهم إبراهيم باشا إلى ذلك[8].
ومهما يكن الأمر فقد سار زعماء بني خالد إلى الأحساء بعد سقوط الدرعية بأيدي القوات الغازية، فتمكن محمد وماجد العريعر من الاستيلاء على الهفوف عاصمة الإقليم دون مقاومة تذكر، لا سيما بعد هروب الأمير السعودي فهد بن سليمان بن عفيصان من الأحساء، بعد أن علم باستيلاء إبراهيم باشا على الدرعية، ولجوئه إلى البحرين. وبعد ذلك تقدم محمد العريعر إلى القطيف فاستولى عليها، وبذلك عاد إقليم الأحساء إلى زعماء بني خالد في شهر رمضان عام 1234هـ/ 1818م[9].
إلا أن استيلاء بني خالد كان مؤقتًا، إذ لم يكتف إبراهيم باشا بذلك، فقد كان عازمًا على الاستيلاء على إقليم الأحساء، ويؤكد ذلك رسالة بعثها إلى والده في التاسع من رمضان عام 1233هـ/ يوليو 1818م، قال فيها: «… وبعد فتح الدرعية بتوفيق الله تعالى يكون ضبط الحسا وميناء قذيف (القطيف)[10] وانتزاعهما من يد الخوارج من المسائل الطبيعية، كما أنه سيحصل العلم بالتمام بكل أمر من أمور الإقليم»[11].
ومن أجل تنفيذ ما كان عازمًا عليه أرسل قائده محمد الكاشف إلى الأحساء وبرفقته مائتين وأربعين رجلًا، وأمرهم بالاستيلاء على جميع ما في بيت المال، وكل ما كان لآل سعود من أموال وسلاح وخيل، ففعلوا ما أمروا به[12]، وهذا ما يؤكد أن إبراهيم باشا كان يريد استعمال زعماء بني خالد وسيلة مؤقتة لإخضاع المنطقة وتهيئتها لاستيلاء قواته عليه[13].
ولما رأى محمد وماجد العريعر تلك الأعمال الوحشية التي قامت بها قوات محمد علي باشا خافا على نفسيهما، وأدركا نوايا الغزاة، ففرا هاربين إلى العراق[14]، خوفًا من بطش هؤلاء الجنود.
هذا ما أوردته المصادر المحلية حول سقوط الأحساء بأيدي زعماء بني خالد، ثم استيلاء قوات إبراهيم باشا على الإقليم.
أما المصادر العثمانية فقد ذكرت أن أسرة آل عريعر استقرت في بغداد بعد انضمام الأحساء للدولة السعودية الأولى، إلى أن قام والي بغداد داود باشا بإرسال محمد وماجد العريعر إلى المنطقة للاستيلاء عليها، في ربيع الأول عام 1233هـ/ يناير 1818م، دعمًا منه لإبراهيم باشا الذي لم يصل بعد الدرعية. وتشير هذه المصادر إلى أن ماجد استطاع السيطرة على الأحساء، ثم أرسل أخاه محمدًا لمساعدة قوات إبراهيم باشا في حصارها للدرعية، بينما بقي هو في الأحساء للقضاء على الفارين إليها من الدرعية[15].
ومهما يكن من أمر فإنه باستعراض هذه الآراء من المصادر المختلفة تبين أن محمد وماجد العريعر كانا في العراق يحظيان برعاية والي العراق العثماني داود باشا، وعندما وصلت حملة إبراهيم باشا إلى نجد تقدما نحو الأحساء، بدعم من والي العراق العثماني ومن إبراهيم باشا، ومن هذا المنطلق أراد زعماء بني خالد المحافظة على صلاتهم القوية بوالي العراق العثماني، وفي الوقت نفسه التعاون مع إبراهيم باشا لدعم نفوذهم في المنطقة، إلا أن القائد العثماني محمد الكاشف الذي أرسله إبراهيم باشا إلى الأحساء لم يستعن بمحمد وماجد العريعر في إدارة شئون الإقليم، بل تجاهلهما، وقام ببعض أعمال البطش، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، وهذا ما دعاهما إلى مغادرة المنطقة خوفًا منه.
بعد وصول حملة محمد الكاشف إلى الأحساء قضى على كل ما له صلة بالسعوديين، ووزع قواته وولاته على بلدان الإقليم المهمة، وذكر سادلير[16] أن حاكم القطيف الذي عين في تلك الأثناء هو خليل أغا، ويعمل معه مشرف العريعر، إلا أنه ليس له من الأمر شيء، وهذا ما أدى إلى توتر العلاقة بينهما، لأن مشرفًا يرى أن استئثار خليل أغا بالسلطة دونه مخالف لتعليمات إبراهيم باشا التي تنص على تسليم السلطة لمشرف[17].
واستعان خليل أغا بأبناء البادية ليكونوا جنودًا ضمن قواته، فقد ذكر أحد المصادر أن قوات حاكم القطيف لا تتعدى ستين أعرابيًّا، وجنديين تركيين، وهذا ما أدى إلى تعرض القوات الغازية إلى عدة هجمات من أبناء المنطقة[18]، وخصوصًا من قبيلة العجمان التي كانت صاحبة اليد الطولى في المنطقة من بين قبائل البادية، ولذا لم تكن التجارة تسير آمنة بين القطيف والهفوف[19].
وعلى الرغم من استيلاء الجنود العثمانيين على إقليم الأحساء بعد سقوط الدرعية، فإن الروح المعنوية لهؤلاء الجنود كانت منهارة بسبب خدمتهم بعيدًا عن بلادهم، وبسبب الإنهاك الذي تعرضوا له نتيجة لكثرة الحروب التي خاضوها، ولذا فقد كانوا تواقين للرحيل ويتوقعون استدعاءهم في أية لحظة، وقدَّر سادلير عدد هؤلاء الجنود بمائتين وخمسين رجلً[20].
وكانت سياسة الجنود العثمانيين مع السكان وأبناء البادية في إقليم الأحساء تقوم على الشدة والتسلط والاستبداد، حيث نظروا إلى هؤلاء على أنهم عنصر متخلف وهمجي، ولذا أخذ أولئك الجنود يفرضون مطالبهم على العرب بالقوة، ومن أجل ذلك كان السكان يتطلعون إلى رحيلهم بفارغ الصبر[21].
لم يستمر وجود القوات العثمانية في إقليم الأحساء طويلًا، ذلك أن إبراهيم باشا قرر سحب قواته في رمضان عام 1234هـ/ يوليو 1819هـ، فغادرت الأحساء متجهة إلى نجد، ويعلل سادلير[22] ذلك بعجز الباشا عن مواجهة تكاليف وجود تلك القوات في صحراء ليس من ورائها دخل يذكر، إضافة إلى الهجمات التي تعرضت لها قواته في المنطقة.
والواقع أن والي العراق العثماني كان له دور كبير في هذا الأمر، ذلك أن مخاوفه من تغلغل نفوذ محمد علي باشا في شرق الجزيرة العربية والخليج قد زادت بشكل كبير، وألح على السلطان العثماني بضرورة سحب قوات محمد علي باشا من تلك المناطق، فصدرت توجيهات البابا العالي إلى والي مصر بسحب قواته من شبه الجزيرة العربية، فنفذ إبراهيم باشا توجيهات والده[23].
وبعد الانسحاب تمكن محمد وماجد العريعر من السيطرة على مقاليد الأمور في الأحساء، في رمضان عام 1234هـ/ يوليو 1819م، وتمكن سعدون بن محمد بن عريعر الملقب بالضرير من السيطرة على القطيف، وبذلك عاد بنو خالد للإمارة من جديد، وأعلنوا تبعيتهم للدولة العثمانية، ممثلة بوالي بغداد داود باش[24].
إلا أن هذا الوالي لم يلبث أن غرق في المشكلات مع بلاد فارس منذ عام 1235هـ/ 1820م، وهذا ما أدى إلى ضعفه وانشغاله عن تقديم العون لبني خالد في الأحساء، ومن هنا اتجه ولاء بني خالد إلى محمد علي باشا والي مصر، ورأوا أنه يمكن الاعتماد على قوته إذا تعرضوا للخطر، ولذلك ازدادت الصلات بينهما، لا سيما بعد أن تزايد النفوذ البريطاني في الخليج العربي، وأخذ بنو خالد يشعرون بالخطر المحدق بهم بعد الهجوم البريطاني على رأس الخيمة عام 1234هـ/ 1819م، وتدمير أسطول القواسم، وهذا ما اضطر المشيخات العربية الأخرى إلى توقيع المعاهدات العامة مع بريطانيا عام 1235هـ/ 1820م[25]. كما واجه بنو خالد خطرًا جديدًا هذه المرة تمثل في نفوذ رحمة بن جابر العتبي[26]، الذي اتخذ من الدمام ركزًا لنشاطه العسكري البحري ضد بني خالد، وضد السفن البريطانية في الخليج العربي، وهذا ما دعا أمراء بني خالد إلى التحالف مع آل خليفة حكام البحرين لمواجهته حتى قضي عليه [27].
قبيل مغادرة إبراهيم باشا نجدًا أقرَّ محمد بن مشاري بن معمر [28] أميرًا على بلدة العيينة[29]، واستفاد ابن معمر من هذا الأمر بعد رحيل قوات محمد علي من نجد، فعزم على توسيع نفوذه، وساعده في ذلك ثراؤه، وما يملكه من سلاح واستعداد، إضافة إلى خلو الساحة السياسية في نجد من المنافسين، وما كان لأسرته من مكانة سياسية في السابق، والتي كانت من أشهر الأسر النجدية، وأنه كان أميرًا على العيينة بتأييد من إبراهيم باشا. كل هذه العوامل دفعته لمحاولة ضم البلدان النجدية الأخرى إلى بلدته محاولًا بذلك إعادة الوحدة السياسية إليه[30].
وتشير بعض المصادر[31] إلى أن ابن معمر كان يمتلك بعض المدافع ويحتفظ بها مدفونة في الدرعية، وهذا ما شجعه على إعادة بناء المدينة من جديد، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، نقل أسرته إلى قرية سدوس[32]، لتكون في مأمن فيما لو أخفق في محاولاته. واتجه بعد ذلك إلى الرياض واجتمع بأهالي الدرعية اللاجئين إليها، ونجح في الحصول على دعمهم ومؤازرتهم في سعيه إلى إعادة بناء الدرعية، فاتجه هو ومؤيدوه إليها وبدؤوا بعمارتها وزراعتها، وكان ذلك في أواخر عام 1234هـ/ 1819م[33]، فانتعشت بعض أجزاء الدرعية ودبت فيها الحياة من جديد.
ولم يلبث ابن معمر أن كاتب البلدان والقرى المجاورة له، وما يليه من القبائل البدوية، وطلب منهم إرسال القوافل إلى الدرعية بقصد التخفيف من ضائقتها، كما دعاهم للاجتماع فيها، فاستجاب لدعوته بعضهم، وأعرض بعضهم الآخر عنه، ووفد إليه بعض أهل تلك البلدان، فاستقر أمره في الدرعية، ووفد إليه الأمير تركي بن عبد الله برفقة أخيه زيد، فبايعا ابن معمر وأصبحا مساعدين له، وكان ذلك في عام 1235هـ/ 1819م[34]. ولعل ذلك من أهم أسباب نجاح ابن معمر في أول أمره؛ فقد ذكرت بعض المصادر[35] أنه هو الذي أرسل في طلبهما لما يعرفه من حب الناس لهما، ولكسب بلدان جنوب نجد وهي المنطقة التي كانا يقيمان فيها بعد هروبهما من الدرعية خلال استيلاء إبراهيم باشا عليها.
وعلى الرغم من أن بعض البلدان النجدية قدَّمت ولاءها وطاعتها لابن معمر فإن بلدانًا أخرى أعلنت عصيانها ومعارضتها لإمارته، وعلى رأس هذه البلدان الرياض وحريملاء[36] والخرج، وساعد في تفاقم هذه المعارضة الأوضاع الاقتصادية السيئة نتيجة لما حلَّ في نجد من الفوضى، وهو ما انعكس على الأسعار، حيث ارتفعت بشكل كبير، الأمر الذي جعل ابن معمر يستمر في طلب المزيد من المساعدات الاقتصادية من البلدان النجدية، إضافة إلى القحط الذي شهدته المنطقة[37]، وهذا ما أدى إلى نفور الناس منه، وازدياد حدة المعارضة له.
رأت المعارضة لحكم ابن معمر في نجد -والتي تزعمها أمراء الرياض وحريملاء والخرج- في تحركاته خطرًا على نفوذهم، وأنها تتعارض مع طموحاتهم السياسية، لا سيما أن أولئك الزعماء لم يعودوا إلى إمارة بلدانهم، إلا حين قُضي على الوحدة السياسية في نجد، والتي كانت تتمثل في الدولة السعودية الأولى. ومن هنا سارعوا إلى التحرك والبحث عن قوة خارجية يمكن الاعتماد عليها في قمع محاولات ابن معمر بناء دولة جديدة، فوجدوا ذلك في آل عريعر أمراء الأحساء الذين أخذت قوتهم تتزايد منذ عودتهم إلى الحكم في الأحساء، فكتب أولئك المعارضون إلى محمد وماجد العريعر يطلبون منهما قمع تحركات ابن معمر[38].
والواقع أن هؤلاء المعارضين يعلمون جيدًا ما فعله المناوئون لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أول ظهورها، إذ حينما أرادوا القضاء عليها استعانوا بأمير الأحساء، الذي لبّى طلبهم، إضافة إلى أنهم يدركون أن زعماء بني خالد يقفون ضد أي دولة جديدة تظهر في نجد؛ لأنها قد تشكل خطرًا عليهم في المستقبل.
إلا أن هناك مصادر أخرى[39] ذكرت أن زعماء بني خالد هم الذين سارعوا بالتدخل لما سمعوا بظهور ابن معمر وتنامي قوته، وسيّروا حملة إلى نجد لإخضاعه باسم الدولة العثمانية، واستأذنوا بذلك والي بغداد، وكتبوا إلى إبراهيم باشا مُبينين له خطورة هذه الحركة وتنامي قوته[40].
ولعل ذلك راجع إلى خشية زعماء بني خالد من اتساع دائرة نفوذ ابن معمر في نجد[41]، وهو ما يتعارض مع طموحاتهم التي تتعدى حدود الأحساء إلى نجد، رغبة في توسيع دائرة نفوذهم، إضافة إلى الحصول على رضا الدولة العثمانية وولاتها، لأنهم يعملون باسمها، ويضمون نجدًا إلى تبعيته[42].
ومهما يكن الأمر فإن الزعامة الخالدية عزمت على القضاء على إمارة ابن معمر في الدرعية، فجهز ماجد بن عريعر جيشه وجمع البوادي من حوله، وأعد عدته، ثم سار إلى نجد، وقبل وصوله إلى الدرعية انضم إليه المعارضون لابن معمر من الرياض وحريملاء والخرج، فقويت شوكة بني خالد. وكانت بلدة منفوحة[43] أولى البلدان التي هاجمها ابن عريعر؛ لأنها من البلدان التي تحالفت مع ابن معمر، وهنا تبدو سياسة الزعامة الخالدية في القضاء على حلفاء ابن معمر ليكون وحيدًا في نهاية المطاف فيسهل القضاء عليه[44]، فنشبت معركة طاحنة دارت رحاها طويلًا، وانهارت مقاومة أهل البلدة بعد أن قطع المهاجمون أشجارها، الأمر الذي جعلهم يميلون إلى الصلح، فتم ذلك[45].
وقبيل مغادرة ماجد بن عريعر منفوحة أجرى بعض التغييرات الإدارية فيها، فعزل أميرها إبراهيم بن سعيد، وعين بدلًا منه محمد بن سليمان بن مزروع، لكن هذا الأخير لم يستمر في الإمارة طويلًا إذ ثار عليه آل سعيد، بدعم من قبيلة سبيع، وقتلوه مع ثمانية من أتباعه، وأخرجوا الباقين من البلدة، وعاد آل سعيد إلى إمارة البلدة[46].
ولم تلبث قوات ماجد بن عريعر أن تقدمت إلى الدرعية للقضاء على ابن معمر، وهنا تختلف المصادر في إيراد موقف ابن معمر وأهالي الدرعية من القوة الغازية؛ فالمصادر المحلية[47] تذكر أن ابن معمر لما علم بمقدم هذه القوات وعزمها على منازلته، تحاشى الاصطدام بها أو حتى مناوشتها، بل إنه عمد إلى تفادي الموقف الخطير الذي بات يهدده، وهو ما زال في بداية تكوين إمارته، فسلك مع ماجد بن عريعر وسيلة تجنبه الاحتكاك به، واتبع طريقة الملاطفة والملاينة، واستخدم الحيلة، فأرسل إليه يخبره بأنه ليس لديه أية دوافع أو مطامع من عمله هذا، وأنه لا يخفى نيات سيئة، ولم ينو مطلقًا أو يفكر في الاعتداء على منطقة الأحساء، ودعاه إلى تصديقه فيما قال، وأن لا يظن به الظنون السيئة، وأخبره بأنه يحكم باسم السلطان العثماني، وتابع له، ولمزيد من كسب الثقة بين الجانبين أرسل ابن معمر بعض الهدايا الخاصة إلى ماجد بن عريعر، وأخبره بأ،ه لن يخالف أوامره. وقد نجح هذا الأسلوب الذي اتبعه ابن معمر مع ماجد بن عريعر الذي اقتنع بما قُدم له[48].
وهناك سبب آخر أشارت إليه بعض المصادر المحلية أسهم في تراجع زعيم بني خالد عن مهاجمة ابن معمر في الدرعية، وذلك تمثل في خذلان عشائر البادية وقبائلها له، وتفاقم أمرهم وخروجهم عن طاعته[49].
بينما ذكرت الوثائق العثمانية أن ماجد بن عريعر عندما تقدم إلى الدرعية ولم يبق بينه وبينها إلا أقل من مائة ميل، توقف في أحد السهول، وكتب من هناك رسائل إلى أهل الدرعية وغيرها من البلدان والقرى النجدية المجاورة، يدعو الأهالي المطيعين للدولة العثمانية بالحضور إليه والتفاهم معه، ويطلب منهم النصر والمؤازرة، ومساندته في المهمة التي قدم من أجله[50].
إلا أن أمله لم يتحقق، لأن دعوته لم تجد استجابة من أهالي الدرعية، ولا من غيرها من البلدان النجدي الأخرى. ولذا لجأ ماجد بن عريعر إلى أسلوب آخر وهو أسلوب التهديد والوعيد لعله يظفر بما لم يظفر به في المحاولة الأولى، فأظهر غضبه عليهم، وهددهم، وأخبرهم أنه صدر أمر من السلطان العثماني بضرب الدرعية، وهدد أهلها وقال لهم: إن إبراهيم باشا، سيدكها عليهم، ويجعلها قاعًا صفصفًا، وسيعمل بها كما عمل حين غزاها في وقت سابق حينما دمرها. ثم عاد ماجد بن عريعر وقال لأهل الدرعية: إن مجيئه إليهم إنما هو من أجل مصلحتهم والمحافظة على سلامتهم، وأظهر الشفقة عليهم[51].
وجاء الرد من أهل الدرعية برسالة مصحوبة بدرعين هما هدية لماجد بن عريعر تحمل معها إشارات الحرب، وجاء في ردهم قولهم: «نحن فرقة أخرى، فلا تجيئوا عندنا، وإذا أبيتم إلا المجيء، تكون العاقبة وخيمة، ونحن لا نجيء عندكم ولا نقابلكم»[52]، وهذا يعني إصرارهم على المقاومة، أما ابن معمر فقد عزم على المقاومة وأخرج مدفعين كان قد دفنهما عند استيلاء إبراهيم باشا على الدرعية، للدفاع عن بلدته، ولذلك تقدمت قوات بني خالد نحو الدرعية’، ودارت مناوشات واشتباكات متفرقة ين الجانبين، الأمر الذي نتج عنه مقتل ما لا يزيد عن عشرة أشخاص، من أهالي الدرعية الذين يزيد عددهم عن ألف ومائتي شخص، حسب تقدير الوثائق[53]، وفشلت القوات الغازية في اقتحام البلدة، الأمر الذي اضطر زعيم بني خالد إلى عقد هدنة مع أهلها، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
وإزاء فشل تلك القوات في تحقيق نصر حاسم على خصومها في الدرعية قامت بعملية تخريبية فقطعت بعض أشجار النخيل حول الدرعية، وحصدت الزروع الموجودة حول أطراف بلدة عرقة[54]، وأطعموه جمالهم ورواحلهم، ولم تكتف بذلك، بل اقتحمت تلك البلدة وقتلت ثلاثين من أهله[55].
وعلى أي حال فقد قرر ماجد بن عريعر الانسحاب بقواته من نجد، وخلال هذا الانسحاب صادفت قواته قافلة محملة بالمؤن، كانت قادمة من الرياض، فسطت عليها، وقتلت بعض رجالها، وقتل أربعة أو خمسة من قوات بني خالد[56].
ويبدو أن تراجع قوات ماجد بن عريعر إلى الأحساء كان بسبب عدم قدرة هذه القوات على اقتحام الدرعية، بسبب المعونات والمؤن التي كانت تصل إليها من البلدان النجدية المجاورة، والقريبة منها أثناء الحصار، لا سيما من أهل الدرعية المقيمين في الرياض[57]، الذي أسهموا في هذا الموقف الشجاع لدعم موقف إخوانهم تجاه الغزاة.
يضاف إلى ذلك أن الغلاء الشديد الذي حلَّ في نجد في تلك الفترة أدى إلى نشوب نزاع بين بني خالد وقبائل البادية التي أعلنت تخليها عن مساندتهم، في وقت كانوا أحوج ما يكونون إلى دعمها، فأصبحوا في موقف لا يُحسدون عليه، لذلك سارعوا بالانسحاب من نجد، دون تحقيق الهدف الذي جاءوا من أجله[58].
بعد أن تراجعت قوات ماجد بن عريعر إلى الأحساء دون تحقيق هدفها، انعكس ذلك على أمير الدرعية محمد بن مشاري بن معمر، الذي بدأ يحصد نتائج فشلهم هذا، فازدادت قوته، وكتب إلى أمراء بلدان سدير والوشم والمحمل وغيرها من البلدان النجدية، وأمرهم بتسيير قوافل التمر والبر والأطعمة الأخرى إلى الدرعية؛ لتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية التي تعانيها، فاستجاب له هؤلاء الأمراء فحملت الأطعمة والمؤن إلى الدرعية، فبيعت هناك بأسعار مناسبة، وتغيرت أحوال البلدة من الشدة إلى الرخاء، وهذا ما زاد من قوته، وكثر المؤيدون له في نجد، ونمت الدرعية من جديد، وأصبح له في كثير من بلدان نجد من يتكلم باسمه ويدعو لتأييده[59].
كما استفاد ابن معمر من فشل حملة بني خالد وعمل في هذه الفترة على إخضاع البلدان التي تعاونت مع حملة ماجد بن عريعر، وساعده في ذلك الأمير تركي بن عبد الله وأخوه زيد، فأخضع بلدة حريملاء، ثم ما لبثت أن أعلنت بعض البلدان النجدية الأخرى دخولها في طاعته[60].
ولم يلبث ماجد بن عريعر أن واجه معارضة داخلية ممن حوله نتيجة لفشله في حملته على نجد، ولذلك بدأت جبهته الداخلية بالتصدع، إذ أعلن المحيطون به احتجاجهم على عودته إلى الأحساء دون تحقيق نتائج تذكر[61]. كما أنه واجه فشلًا آخر على المستوى الخارجي حين حاول توحيد جهود البلدان النجدية المناوئة لابن معمر، والتي تمثلت في الرياض وحريملاء والخرج، وذلك من أجل الوقوف ضد إنشاء إمارة جديدة في الدرعية إلا أن تلك البلدان لم تلبث أن تخلت عنه، وهو ما زاد في ضعف جبهته الداخلية، وفقدانه التأييد الخارجي[62].
لم يهنأ محمد بن مشاري بن معمر كثيرًا بعد انسحاب ماجد بن عريعر من نجد، حتى ظهر مشاري بن سعود الذي استطاع الفرار من حراسه قرب المدينة، وقدم إلى القصيم، ثم انتقل إلى الوشم، فوصلها في جمادى الآخرة عام 1235هـ/ 1820م، وتجمع حوله الأنصار، ثم تقدم إلى الدرعية فتنازل له محمد بن مشاري بن معمر مؤقتًا وأعلن ولاءه له، وأعلنت معظم المناطق النجدية خضوعها له، كواحد من أبناء الأسرة السعودية التي حكمت المنطقة من قبل، كما انضم إليه الأمير تركي بن عبد الله وعمه عمر، وآخرون من آل سعود[63].
إلا أن هناك مناطق أعلنت رفضها الدخول في طاعة الأمير مشاري بن سعود، وحقيقة الأمر أن هذه البلدان التي رفضت الدخول في طاعته، هي التي سبق أن تعاونت مع حملة ماجد بن عريعر، مما يؤكد أن أسباب اتخاذهم هذا الموقف هو خشيتهم من قيام دولة جديدة تضم شتات البلدان النجدية المتفرقة، وتقضي على طموحاتهم الشخصية.
ولكن هؤلاء الأمراء المعارضين للأمير مشاري بن سعود لم يجدوا مساندة من الأهالي في بلدانهم، بل لم يلبث هؤلاء الأهالي أن ثارا ضدهم مؤيدين للأمير مشاري بن سعود، الأمر الذي اضطر بعض هؤلاء المعارضين إلى الهرب إلى أمراء بني خالد في الأحساء، خوفًا من مطاردة الأهالي لهم، فوحّد الأمير مشاري بن سعود بعد ذلك بلدان نجد تحت إمرته في مدة قصيرة، وبمجهود عسكري قليل[64].
ولم يقف زعماء بني خالد مكتوفي الأيدي تجاه هذه التطورات الخطيرة في نجد، إذ بادروا بإرسال رسائل متعددة إلى محمد علي باشا، وإلى والي بغداد داود باشا، حرصوا خلال تلك الرسائل على إبراز الخطر الذي يمثله مشاري بن سعود، ليس على نجد فحسب، بل على الأحساء ذاتها، التي إن استطاع أن يستولي عليها فستكون مصدر قوة وتمكين له ولدولته[65].
وجاء في إحدى الرسائل الموجهة إلى محمد علي من قادته في الجزيرة العربية قوله: «وقد وردت تحريراتكم السنية وفي طيها الورقة المحررة بالعبارة العربية الواردة من محمد العريعر، شيخ «لحسا» إلى طرف حضرة مولانا ولي النعم، صاحب الدولة، نجلكم إبراهيم باشا، والي جدة، بشأن إفادة أن الشقي المدعو، محمد المشاري، الباقي من آل سعود قد بنى قلعة، في الدرعية من جديد، وأخذ البيعة من رؤساء القبائل في تلك الجهات، حتى كثر سواده وأخذ يفكر في الهجوم على «لحسا» وضبطها تفكيرًا فاسدًا، فاستولى الرعب والخوف، من هذه الجهة، على أهالي «لحسا». وقد حررتم في تحريراتكم السنية المذكورة، أن الشقي المذكور على تقدير ضبطه «للحسا» يكتب[66] قوة كبيرة…[67]»، ومن هذا المنطلق أعلن زعماء بني خالد استعدادهم لقتال الأمير مشاري بن سعود ومن تعاون معه[68].
ولم يمض وقت طويل على استرداد الأمير مشاري بن سعود منطقة نجد حتى عزم على ضم الأحساء؛ للقضاء على إمارة بني خالد وللاستفادة من الموارد الاقتصادية في ذلك الإقليم، ومن أجل استعادة نفوذ آبائه وأجداده. وعندما وردت هذه الأنباء إلى السلطان العثماني أصدر أمرً[69] إلى واليه على مصر محمد علي باشا يقضي بضرورة القضاء على الأمير مشاري بن سعود قبل أن يستفحل أمره، ويكوّن دولة جديدة في شبه الجزيرة العربية، ربما تشكل خطرًا على نفوذ الدولة العثمانية في المنطقة، لا سيما بعد أن أبدى زعماء بني خالد استعدادهم للتعاون في هذا المجال.
أما الأوضاع العامة في الأحساء بعد وصول أنباء عن عزم الأمير مشاري بن سعود استرداد المنطقة، فقد ذكر محمد علي باشا في رسالة منه إلى الصدر الأعظم مؤرخة في 13 جمادى الآخرة عام 1236هـ/ مارس 1821م أن السكان شعروا بخوف وهلع شديدين[70]، لا سيما أنه لم يتبين لهم الموقف الذي سيتخذه كل من حكام الأحساء، والدولة العثمانية نحو هذا الأمير، ولم يكن لديهم معرفة بنوع المساعدة التي يمكن أن تقدم له[71].
ومهما يكن الأمر فقد طلب السلطان العثماني من محمد علي باشا إرسال الرسالة التي بعثها ماجد بن عريعر حول تحركات مشاري بن سعود إلى والي بغداد، من أجل أن يطلعه على الخطر الذي تمثله تلك التحركات تجاه الحرمين الشريفين، وهو أمر لا يمكن أن قبله العثمانيون، إضافة إلى ضمان العمل الموحد بين ولاة الدولة العثمانية ضد الأمير مشاري بن سعود[72].
وعلى الرغم من كل هذه الجهود التي بذلت لبيان خطر تحركات الأمير مشاري بن سعود، فإن محمد علي باشا لم يستعجل في اتخاذ خطوات عملية للقضاء عليه، ولعل ذلك راجع إلى قناعته بأن هذه الأمير لا يمثل خطرًا حقيقيًّا على الدولة العثمانية أو على إقليم الأحساء، كما يزعم زعماء بني خالد في رسائلهم، كما أنه لن يستطيع مواجهة الدولة العثمانية أو الاستيلاء على أي إقليم يعلن زعماؤه الولاء والطاعة للسلطان العثماني، كإقليم الأحساء مثلً[73].
وإزاء ذلك التباطؤ سارع زعيمًا بني خالد ماجد ومحمد العريعر إلى بعث رسائل جديدة إلى والي بغداد وإلى السلطان العثماني، تتضمن استعدادهما للقيام بتلك المهمة، إذا قام محمد علي باشا بتقديم بعض المعونات اللازمة عن طريق محافظ المدينة المنورة، وأبدى محمد علي باشا موافقته واستعداده لدعم جهود زعماء بني خالد ضد الأمير مشاري بن سعود، إلا أنه لم يف بوعده، وأخذ يتذرع بوجوب التخطيط والتشاور قبل البدء في العمل[74]، وهذه الرسائل تدل على الدور الذي قام به زعماء بني خالد من أجل التحريض على الأمير مشاري بن سعود، للقضاء على إمارته في نجد.
وفي هذه الأثناء غدر محمد بن مشاري بن معمر بالأمير مشاري بن سعود، وانتهى الخطر الذي يُزعم أنه يهدد الأحساء، الأمر الذي نتج عنه توطيد نفوذ زعماء بني خالد في الأحساء أكثر من ذي قبل[75].
بعد أن قُتل محمد بن مشاري بن معمر تولى الإمام تركي بن عبد الله إمارة الدرعية، ولكنه لم يجد قبولًا من زعماء بني خالد الذين لا يرغبون في عودة الوحدة السياسية إلى نجد خشية أن يؤدي ذلك إلى زوال إمارتهم في الأحساء، إلا أنهم لم يقوموا بجهد مبكر في هذا الصدد ضد الإمام تركي بن عبد الله، وهذا ما دفع محمد علي باشا إلى إرسال تعزيزات عسكرية أخرى بقيادة حسين بك للقضاء على الإمارة السعودية الجديدة[76].
لم يستطع الإمام تركي مقاومة حملة حسين بك فخرج من الرياض خلسة ليتحين الفرصة المناسبة للعودة من جديد، وفي هذه الأثناء ارتكبت القوات الغازية أعمالًا إجرامية بحق السكان، ثم انسحب حسين بك تاركًا حاميات صغيرة في بعض البلدان النجدية[77].
وانتشرت الفوضى في البلدان النجدية وتجددت الاضطرابات بين الأمراء المحليين، وأصبحت نجد ميدانًا لكل صاحب قوة يعبث فيها حيث يشاء، ولذلك أرسل محمد علي باشا حملة جديدة إلى نجد بقيادة حسن بك أبو ظاهر، من أجل السيطرة على المنطقة والقضاء على كل طموح قد يؤدي إلى قيام دولة سعودية جديدة، إضافة إلى الحصول على المزيد من الأموال وفرض الضرائب الجائرة على السكان تحت مسمى الزكاة[78].
وعندما وصلت حملة حسن بك أبو ظاهر إلى عنيزة، ووفد عليه بعض أمراء البلدان النجدية؛ أبدى زعماء بني خالد دعمهم لهذه الحملة، وأظهروا استعدادهم لخدمة محمد علي باشا، نظرًا للمصالح المشتركة بين الجانبين[79]، ولعل هذا الدعم الذي لقيه حسن بك أبو ظاهر، سواء من بعض الأمراء النجديين، أو من زعماء بني خالد هو ما شجعه على انتهاج سياسة عنيفة تجاه النجديين.
ومهما يكن الأمر فقد أسهمت هذه الأوضاع المضطربة في منطقة نجد في تشجيع زعماء بني خالد على مدِّ نفوذهم خارج إقليم الأحساء ومنافسة القبائل النجدية في مناطقها، إلا أن تلك الطموحات لم يكتب لها النجاح، على الرغم من التحالف الذي شكّله بنو خالد مع بعض القبائل.
ففي رجب عام 1238هـ/ مارس 1822م عقد ماجد بن عريعر زعيم بني خالد تحالفًا بين قبيلته وفرقة من قبيلة عنزة بزعامة مغيليث بن هذال، وفرقة من قبيلة سبيع، وخرج ماجد بن عريعر بهذه الجموع إلى نجد، والتقى في منطقة العرمة[80] مع قبيلة مطير بزعامة فيصل الدويش وحلفائه من قبيلتي الظفير والعجمان في معركة حامية الوطيس، في مكان يدعى الرُضَيمية[81]، وقد استمرت المعركة عدة أيام[82] حتى اشتد القتل في الفريقين، وعبّر ابن بشر عن ذلك بقوله: «وحصل قتال شديد يشيب من هوله الوليد»[83]، وحلّت الهزيمة في نهاي المطاف ببني خالد وحلفائهم، وفروا هاربين تاركين وراءهم أموالهم وأمتعتهم ومواشيهم، فكسبتها قبيلة مطير وحلفاؤها، وسقط في المعركة كثير من القتلى، ومن أشهر من قتل مغيليث بن هذال من قبيلة عنزة، وحباب بن قحيصان رئيس البرزان من قبيلة مطير، وهو من جلساء الإمام سعود بن عبد العزيز[84].
ومما خفف من وطأة هزيمة بني خالد أن فيصلًا الدويش وحلفاءه لم يكونوا في وضع يسمح لهم بمواصلة تتبع فلول المنهزمين من بني خالد ومن معهم حتى وصلوا إلى الأحساء[85].
وعلى الرغم من أن المصادر التاريخية لا تورد لنا أسباب هذا النزاع بين قبيلتي بني خالد ومطير، فإن من الواضح أنه تنافس بين الجانبين؛ لتحقق كل منهما مكاسب سياسية في منطقة نجد، وتوسع مناطق نفوذها، لا سيما بعد فشل حملة حسن بك أبو ظاهر، ووجود فراغ يمكن الاستفادة منه، لا سيما أن هذه المعركة تزامنت مع رحيل القوات التي تركها أبو ظاهر من عنيزة، وبما أن قبيلة مطير من القبائل القوية في منطقة نجد في تلك الفترة، ولها قدرة على منافسة بني خالد، ولأن موقع المعركة في مناطق نفوذ مطير؛ فإن من الواضح أن بني خالد قد بادروا قبيلة مطير بالاعتداء عليهم، وغزوهم في مناطق وجودهم.
وعندما نجح الإمام تركي بن عبد الله في استعادة الرياض، وتمكن من طرد الحاميات العثمانية، وأعاد تأسيس الدولة السعودية من جديد، خشي زعماء بني خالد على نفوذهم في الأحساء من هذه الدولة الجديدة[86]، لا سيما أن الإمام بدأ يتطلع إلى الأحساء، والوصول إلى الخليج العربي، لذلك عمل على دعم رحمة بن جابر منذ عام 1240هـ/ 1826 ليتمكن من إضعاف إمارة بني خالد في الأحساء[87]، وقد وجد الإمام تركي تعاونًا من رحمة بن جابر، الذي كان يهدف إلى الحصول على مساعدة الإمام له من أجل تحقيق أهدافه في البحرين.
ومن هذا المنطلق رأى زعماء بني خالد ضرورة التخلص من رحمة بن جابر – حليف السعوديين في المنطقة-[88] حتى يتمكنوا من ضمان استقرار حكمهم في الأحساء، ثم التقدم في خطوة لاحقة إلى نجد لحرب الدولة السعودية الناشئة، فعقدوا حلفًا مع شيخ البحرين عام 1242هـ/ 1826م، من أجل شن هجوم قوي في البحر والبر ضد رحمة بن جابر، فحاصرته سفن شيخ البحرين بحرًا، وحاصره بنو خالد برًّا، وعلى الرغم مما أبداه رحمة من دفاع مستميت، فإن انفجار مستودع البارود في سفينته أدى إلى وفاته، وبذلك قوي موقف بني خالد في الأحساء، وتوسع نفوذ شيخ البحرين في الدمام وما حوله[89].
إن موت رحمة بن جابر كان مكسبًا لزعماء بني خالد، إذ تخلصوا من عدو لدود لهم، طالما دفعوا له الأموال من أجل عقد هدنة معه[90]؛ ولذلك يجد الباحث أن هؤلاء الزعماء سارعوا في التدخل في شؤون نجد لمؤازرة معارضي الحكم السعودي والخارجين عن طاعة الإمام تركي بن عبد الله.
وقد وجد بنو خالد الفرصة سانحة بعد أن ظهرت معارضة في نجد للإمام من بعض زعماء بلدان العارض وسدير والمحمل، فعقدوا تحالفًا مع هؤلاء المعارضين، وكان هدف هؤلاء المتحالفين القضاء على قوة الإمام تركي والحدِّ من نفوذه الذي أخذ يزداد يومًا بعد آخر، ومن أجل إحداث بلبلة في منطقة نجد، فتقدمت قوات بني خالد حتى وصلت إلى حفر العتك[91]، وانضم إليها المعارضون النجديون، وكان الإمام تركي قد أعدَّ عدته، واستعد لملاقاتهم، لأنه علم بتحالفهم قبل ذلك بمدة، لذلك أرسل إليهم قوة عسكرية كبيرة بقيادة ابن عمه الأمير مشاري بن عبد الرحمن بن حسن بن مشاري بن سعود، من أجل القضاء على هذا التحالف في مهده، فوقع بين الجانبين قتال شديد، وتمكنت قوات الأمير مشاري من هزيمة أمراء بني خالد ومن تحالف معهم، في عام 1242هـ/ 1826م[92].
إلا أن بني خالد لم يرتدعوا بما لحقهم من هزيمة قاسية في حفر العتك، ففي العام التالي أخذوا يعدون العدة من جديد لشن هجوم على الإمام تركي بن عبد الله، فبدأوا بجمع المال والسلاح والجند، فبلغت هذه الأنباء الإمام تركي الذي سارع بتدبير عمل يحول بينهم وبين ما يخططون له، أو على الأقل يثبط من هممهم، ويخفف من اندفاعهم، فطلب من أمير إقليم سدير ردم عدد من موارد المياه في حفر العتك وأم الجماجم[93]، وهي موارد ذات مياه عذبة، اعتاد بنو خالد النزول عندها خلال غزواتهم في نجد، وهذا يدل على حسن تدبير الإمام تركي في مواجهته للقوات الأحسائية، فأراد منع هذه القوات من التزود بالماء الذي يشكل عنصرًا بالغ الأهمية في الصحراء، لا سيما في أثناء الحروب، ولعله يكون عائقًا أمام بني خالد حتى لا يقدموا على ما عزموا عليه، وقد نجح الإمام في خطته هذه، فلم يستطع بنو خالد أن يهاجموا نجدًا لما علموا بذلك[94].
ولم يقف الإمام مكتوف اليدين تجاه هجمات زعماء بني خالد على مناطق نفوذه، فقد وجد في عام 1245هـ/ 1829م أن الفرصة قد حانت للأخذ بزمام المبادرة، ومهاجمة الأحساء، من أجل قلب ميزان القوى في المنطقة، فيصبح بنو خالد في موقف الدفاع بدلًا من الهجوم، ليعدلوا عن غزو منطقة نجد من جديد، إضافة إلى محاولة قطع طريق القوافل التجارية عنهم، ففي ذلك العام أرسل قائده عمر بن عفيصان على رأس قوة عسكرية توغلت في الأحساء واستولت على قافلة تجارية كانت متجهة من ميناء العقير إلى الهفوف[95].
وحقيقة الأمر أن ابن عفيصان قد شن غارة خاطفة على الأحساء، وهي أشبه ما تكون بحرب استنزافية ضد بني خالد، تقوم على هيئة غارات سريعة، قد تؤدي إلى نتائج ملموسة في كثير من الأحايين، ولا يقصد من ورائها المواجهة المباشرة مع العدو.
إلا أن بني خالد أرادوا الرد بالمثل فقاموا فورًا بإرسال أحد قادتهم وهو طلال بن حميد على رأس حملة عسكرية، تمكنت من الإغارة على بلدة حرمة[96] في إقليم سدير، وأخذ أغنام سكان البلدة وأموالهم، وحين أرادوا استردادها منه، وضع لهم كمينًا في الطريق، فقتل منهم تسعة رجال وجُرح عدد كبير منهم، وكانت هذه الحملة آخر حملة عسكرية ناجحة لبني خالد علي نجد[97].
ويلاحظ الباحث هنا أن ملة بني خالد على حرمة قد جاءت في وقت كان فيه الشريف محمد بن عون أمير مكة يقوم بحملته على الدولة السعودية في عالية نجد، ولعل مجيء هاتين القوتين إلى نجد يدل على وجود اتفاق مسبق بين بني خالد وأشراف الحجاز[98]، لا سيما أن هناك من ذكر أن بني خالد استنجدوا بأشراف الحجاز ضد الدولة السعودية الثانية، بعد أن فقدوا الدعم الذي كانوا يجدونه من والي بغداد داود باشا، الذي كان منشغلًا عنهم بالحرب مع بلاد فارس[99]. وهذا يدل على استعداد بني خالد للتحالف مع أي قوة يمكن أن تسهم معهم في القضاء على الدولة السعودية الناشئة، التي يرون أنها تشكل خطرًا على وجود إمارتهم في الأحساء.
سارع بنو خالد إلى غزو منطقة نجد من جديد للقضاء على الدولة السعودية الثانية حتى لا يزداد نفوذها، وربما تتقدم إلى الأحساء، لا سيما بعد فشل حملة الأشراف على نجد في العام نفسه 1245هـ/ 1830م. لذا عقد هؤلاء الزعماء حلفًا مع بعض قبائل البادية المناوئة للإمام تركي بن عبد الله، حتى يتسنى لهم أن يتقدموا إلى الرياض بدعم منه[100].
ففي رمضان 1245هـ/ مارس 1830م تحركت جموع بني خالد من الأحساء نحو نجد بزعامة ماجد ومحمد العريعر، وانضم إليهم في الطريق جزء من قبيلة سبيع، وعنزة، ومطير، وبني حسين، ونزلت تلك الجموع في منطقة بين الصمان والدهناء قرب آبار مياه. أما الإمام تركي فإنه لما علم بذلك التحالف الذي تمَّ بين بني خالد وبعض القبائل البدوية أعلن النفير العام في بلدان نجد وقبائلها، وعلى إثر هذا النداء اجتمعت عنده قوات من البادية؛ فانضم إليه جزء من قبيلة سبيع ومطير على الرغم من انضمام بعض فروعهما إلى قبائل بني خالد، كما انضمت إليه قوات من قبيلة السهول والعجمان وآل شامر وقحطان والدواسر، إضافة إلى قوات من البلدان النجدية، وأسند قيادة هذه القوات إلى ابنه الأمير فيصل بن تركي[101].
وضع القادة السعوديون قبيل المعركة خطة عسكرية ثبت نجاحها فيما بعد، تهدف إلى حرمان بني خالد وأتباعهم من الماء الذي ينزلون بقربه، واستطاعت قوات الأمير فيصل بن تركي النزول بين آبار الماء وجموع بني خالد، وحالوا بينهم وبين الماء الذي يشربون منه، وبدأت الحرب بين الجانبين أحيانًا على شكل مناوشات، وأحيانًا أخرى حربًا ضروسً[102] وفي ذلك قال ابن بشر، واصفًا هذه المعركة: «ووقع الطرد والقتال وتصادمت الفرسان والأبطال، ونشرت الرايات والبنود وتزاحمت الجموع والجنود، وتلاقت الفئتان وعمل السنان واشتعلت نار الحرب وصبر الفريقان وثارت نيران العزائم العدية فدارت بين الطائفتين كؤوس المنية، وعمل أهل البنادق والمتاريس بالحجارة، وتعاقبت الفرسان بينهم كأطيف الطارة (هكذا)، وأظلم الجو من سنابك الخيل ودخان البارود، وتحير الجبان وأيقن أنه اليوم الموعود»[103].
واستمرت الاشتباكات بين الجانبين عشرين يومًا، إلا أن موت ماجد بن عريعر خلال المعركة كان ذا أثر عظيم في قلب الميزان لصالح السعوديين، فبعث الأمير فيصل بن تركي إلى والده يخبره بوفاة ماجد، ويطلعه على آخر التطورات في ميدان المعركة، ويطلب منه إرسال مدد ليعزز به قواته، ولينتهز الأوضاع التي يمر بها بنو خالد وحلفاؤهم، فوصل الإمام تركي بنفسه على رأس مدد جديد[104].
وقد اختلف المؤرخون حول أسباب وفاة ماجد بن عريعر، فبينما يذكر فلبي أن ماجد قتل خلال المعركة[105]، يشير آخرون إلى أن وفاته كانت بسبب مرض ألم به في تلك الأثناء[106]، ويؤيد هذا الرأي تقارير المقيمة البريطانية في الخليج[107]، أ/ا ابن بشر فلم يذكر سببًا لموته[108].
لم يستطع محمد بن عريعر أن ينهض بأعباء قيادة المعركة، وذلك لكبر سنه ولثقل سمعه ولتأثير وفاة أخيه عليه، إضافة إلى محدودية إمكاناته، لذلك أسند القيادة إلى ابن أخيه «برغش» الذي كان شابًّا يافعًا صغير السن، قليل الخبرة في الأمور العسكرية، فوقع في أخطاء عسكرية عجّلت بهزيمة أتباعه[109].
وبعد وصول الإمام تركي إلى ميدان المعركة نقل موقع قيادة جيشه مقابل مقر قيادة خصومه، وقامت القوات السعودية بعد ذلك بهجوم كاسح بقيادة الإمام تركي من جهة، وابنه الأمير فيصل من جهة أخرى، وحلَّت الهزيمة الساحقة ببني خالد وحلفائهم، وغنم السعوديون على إثرها كثيرًا من الأسلحة والذخائر، والإبل والغنم والخيل، والخيام، والأمتعة الكثيرة[110]،و تمكن السعوديون من السيطرة الكاملة على معسكر بني خالد في 27 رمضان 1245هـ/ 22 مارس 1830م، بعد أن لاذت جموع بني خالد وأتباعهم بالفرار إلى الأحساء أمام تقدم السعوديين، الذين تعقبوا آثارهم وطاردوهم. وكان انسحاب حلفاء بني خالد من قبيلة مطير خلال المعركة من أهم العوامل التي أسهمت في هزيمتهم[111].
وأمر الإمام تركي بجمع الأموال والأمتعة من ميدان المعركة ثم وزعها على المقاتلين معه، ثم ارتحلت القوات السعودية متجهة نحو إقليم الأحساء لاستعادته، والقضاء على إمارة بني خالد هناك، وكان محمد عريعر بعد فراره من ميدان المعركة ووصوله إلى الأحساء قد التجأ إلى قصر «الكوت» في الهفوف وعمل ما بوسعه من إصلاحات و تحصينات،لأنة أدرك أن السعوديين لن يكتفوا بما حققوه من نصر، وأنهم سيهاجمون الأحساء، وهذا ما حدث، إذ زحف الإمام تركي بقواته نحو الإقليم، وفي الطريق كتب عددًا من الرسائل إلى سكان وأعيان الأحساء يدعوهم فيها إلى الدخول في طاعته والاستسلام، فأجابوه إلى ذلك. وعندما اقتربت القوات السعودية من الأحساء هرب كثير من بني خالد، أما محمد بن عريعر فقد حاصرته القوات السعودية عدة أيام ومعه بعض أتباعه داخل قلعة «الكوت» من الجهة الشمالية الغربية من مدينة الهفوف، ثم اضطر ابن عريعر للاستسلام وأعطاه الإمام تركي ما أراد من المال والإبل والخيل، فارتحل إلى العراق[112].
وقبل مغادرة الإمام تركي بن عبد الله الأحساء عمل على ترتيب الأوضاع العامة في الإقليم، سواء الإدارية أو القضائية أو العسكرية، كما استقبل فيها كثيرًا من الوفود من بلدان المنطقة وقبائلها لإعلان الولاء والخضوع[113].
وبسقوط مدينة الهفوف واستسلام زعيم بني خالد أتم السعوديون فعليًّا ضم إقليم الأحساء، وأعادوه إلى تبعيتهم من جديد، وبذلك انتهت فترة حكم بني خالد الثانية، بعد إحدى عشرة سنة من بدئها، حاولوا خلالها الوقوف ضد إقامة دولة جديد في نجد إلا أنهم فشلوا في ذلك.
كشفت هذه الدراسة عن أن بني خالد كانوا يتابعون مجريات الأحداث في نجد خلال حملات محمد علي باشا على الدولة السعودية الأولى، من أجل العودة إلى حكم الأحساء، بعد سقوط الدرعية.
اتضح أن ماجدًا ومحمدًا العريعر انتهجا سياسة آبائهما وأجدادهما التي تقوم على محاولة منع قيام دولة جديدة في نجد، والتي ربما تشكل خطرًا عليهم في المستقبل، وجاءت الفرصة مناسبة حينما استعان بهما بعض زعماء البلدان المعارضين لمحمد بن مشاري بن معمر، وهو ما أدى بزعماء بني خالد إلى إرسال حملة عسكرية على نجد عام 1235هـ/ 1819م، وعلى الرغم من الانتصار الذي حققته هذه الحملة في بادئ الأمر، إلا أنها أخفقت في تحقيق ما كان بنو خالد يؤملونه منها.
كشفت هذه الدراسة أن زعماء بني خالد بعثوا بعد ظهور الأمير مشاري بن سعود عدة رسائل إلى محمد علي باشا، وإلى والي بغداد داود باشا، حرصوا خلالها على إبراز الخطر الذي يمثله هذا الأمير ليس على نجد فحسب، بل على الأحساء ذاتها، وأعلن ماجد ومحمد العريعر استعدادهما لقتال مشاري بن سعود ومن تعاون معه.
تبين أن زعماء بني خالد حاولوا استغلال الأوضاع العامة في نجد بتحقيق بعض المكاسب وتوسيع رقعة نفوذهم، إلا أن بعض القبائل البدوية في نجد وقفت لهم بالمرصاد، وهذا ما أدى إلى هزيمتهم في معركة الرُضَيمية على يد قبيلة مطير وحلفائها عام 1238هـ/ 1822م.
وعندما استطاع الإمام تركي بن عبد الله طرد الحاميات العثمانية من نجد عظُم هذا الأمر على بني خالد، فبادروا ببعث رسائل جديدة إلى محمد علي أعلنوا فيها دعمهم لأي مجهود يتم من أجل القضاء على تحركات الإمام تركي، وتعانوا مع شيوخ البحرين من أجل القضاء على رحمة بن جابر العتبي حليف السعوديين في الخليج العربي، عام 1242هـ/ 1826م.
استغل بنو خالد قيام الشريف محمد بن عون بحملته على نجد، فقاموا بحملة مماثلة على نجد عام 1245هـ/ 1829م لعلهم يحققون شيئًا ما فشلوا في تحقيقه، وهذا يدل على استعدادهم للتحالف مع أي قوة يمكن أن تُسهم معهم في القضاء على الدولة السعودية الناشئة التي يرون أنها تشكل خطرًا على وجود إمارتهم في الأحساء.
تبين أن حملة ماجد ومحمد العريعر على نجد عام 1245هـ/ 1830م وهزيمتهم في معركة السبية على يد الأمير فيصل بن تركي كانت عاملًا حاسمًا في القضاء على قوتهم، واعتبرت هزيمتهم تلك بداية الطريق أمام القوات السعودية للاستيلاء على الأحساء، والقضاء على حكم بني خالد نهائيًّا.
وإجمالًا يمكن القول: إن زعماء بني خالد استنفدوا جميع الوسائل المتاحة لهم من أجل الحيلولة دون قيام دولة جديدة في نجد، وشنوا حملات، وعقدوا تحالفات، وكتبوا عددًا من الرسائل، إلا أن جهودهم تلك لم تفلح في الوقوف في وجه الإرادة المحلية الصلبة التي تمثلت في الإمام تركي بن عبد الله، وهي ما نتج عنها قيام الدولة السعودية الثانية، وسقط حكم بني خالد نهائيًّا.
[1] بنو خالد قبيلة عربية عدنانية انتشرت في شبه الجزيرة العربية، واستوطن بعض فروعها الأحساء، واتسع نفوذهم فيه منذ مطلع القرن الثاني عشر الهجري، وتزعموا إمارتها حتى دخلت المنطقة في تبعية الدولة السعودية الأولى. انظر: حمد بن محمد بن لعبون، تاريخ حمد بن محمد بن لعبون، ط2، مكتبة المعارف، الطائف، 1408هـ، ص38 – 39؛ محمد آل عبد القادر الأحسائي، تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء في القديم والجديد، الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة، الرياض، 1419هـ/ 1999م، 1/ 215 – 216؛ حمد بن محمد الجاسر، جمهرة أنساب الأسرة المتحضرة في نجد، ط2، دار اليمامة للبحث والنشر والترجمة، الرياض، 1409هـ/ 1988م، 1/ 169 – 170.
[2] يراد بالأحساء هنا الإقليم الذي يحده شمالًا الكويت، وشرقًا الخليج العربي، وجنوبًا قطر وحدود عمان وصحراء الجافورة، وغربًا صحراء الصم، أن، وكان هذا الإقليم يُسمى قديمًا بالبحرين، وهو عبارة عن عدة واحات زراعية. ويسمى الآن بالمنطقة الشرقية انظر: ياقوت الحموي، معجم البلدان، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1399هـ/ 1979م، 1/ 112، 347 – 348: حمد الجاسر، المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية (المنطقة الشرقية)، دار اليمامة، الرياض، 1399هـ/ 1979م، 1/ 129 – 130؛ ج، ج. ليوريمر، دليل الخليج، (القسم الجغرافي)، ترجمة ونشر ديوان أمير قطر، الدوحة، 1395هـ/ 1975م، 2/ 838.
[3] عثمان بن بشر، عنوان المجد في تاريخ نجد، تحقيق: عبد الرحمن آل الشيخ، ط3، وزارة المعارف، الرياض، 1391هـ، 1/ 141، 157.
[4] ماجد ومحمد، هما ابنا عريعر بن دجين زعيم بني خالد وأمير الأحساء الذي توفي في طريق عودته إلى الأحساء بعد أن هاجم بريدة عام 1188هـ/ 1774م. انظر: ابن بشر،مصدر سابق، 1/ 78.
[5] رسالة من إبراهيم باشا إلى ماجد بن عريمر، في 9 شوال 1233هـ، دارة الملك عبد العزيز، برقم: 2/ 1 – 29.
[6] محمد الفاخري، تاريخ الفاخري، تحقيق عبد الله الشبل، الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة، الرياض، 1419هـ/ 1999م، ص182.
[7] ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 285.
[8] محمد آل عبد القادر، مرجع سابق، 1/ 251.
[9] ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 285؛ إبراهيم بن عيسى، تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد، الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة سنة على تأسيس المملكة، الرياض، 1419هـ/ 1999م، ص109؛ محمد آل عبد القادر، مرجع سابق، 1/ 251 – 252.
[10] القطيف: ميناء على الخليج العربي مقابل جزيرة البحرين، يقع إلى الشرق من مدينة الهفوف قاعدة إقليم الأحساء. انظر: محمد آل عبد القادر، مرجع سابق، 1/ 62 – 63؛ حمد الجاسر، المعجم الجغرافي للبلاد السعودية «المختصر»، دار اليمامة، الرياض، 1397هـ/ 1977م، 2/ 840.
[11] رسالة من إبراهيم باشا إلى محمد علي مؤرخة في 9 رمضان 1233هـ، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محافظ عابدين، وثيقة رقم (94) معية سنية، بحر برًّا، نقلًا عن: محمد عرابي نخلة، تاريخ الأحساء السياسي 1818 – 1913م، مكتبة ذات السلاسل، الكويت، د. ت، ص34 – 35.
[12] كان ذلك بعد أيام من استيلاء محمد وماجد العريعر على الأحساء، انظر: ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 285 – 286.
[13] محمد حسن العيدروس، تاريخ الجزيرة العربية الحديث والمعاصر، عين للدراسات والبحوث الإنسانية، القاهرة، 1996م، ص281.
[14] محمد آل عبد القادر، مرجع سابق، 1/ 252؛ بدر الدين عباس الخصوصي، دراسات في تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر، ط2، مكتبة ذات السلاسل، الكويت، 1984م، 1/ 124.
[15] خليفة بن عبد الرحمن المسعود، موقف القوى المناوئة من الدولة السعودية الثانية 1234 – 1282هـ/ 1818 – 1866م، دارة الملك عبد العزيز، الرياض، 1426هـ/ 2005م، ص36.
[16] سادلير: مبعوث رسمي أرسلته حكومة الهند البريطانية للتنسيق لعمل عسكري مشترك ضد القواسم في رأس الخيمة، فنزل في القطيف ثم اتجه إلى الدرعية ثم القصيم، ثم المدينة، وهناك التقى بإبراهيم باشا. انظر: جورج فورستر سادلير، رحلة عبر الجزيرة العربية خلال عام 1819م، ترجمة أنس الرفاعي، طبع ونشر سعود بن غانم الجمران العجمي، الكويت، 1426هـ/ 2005، ص9؛ لوريمر، دليل الخليج (القسم التاريخي)، ترجمة ونشر ديوان أمير قطر، الدوحة، 1395هـ/ 1975م، 3/ 1425.
[17] سادلير، مصدر سابق، ص45.
[18] المصدر نفسه، ص64.
[19] المصدر نفسه، ص59، 65، 66.
[20] المصدر نفسه، ص65، 66.
[21] المصدر نفسه، ص67.
[22] المصدر نفسه، ص65.
[23] عبد العزيز نوار، داود باشا والي العراق، دار الكاتب العربي، القاهرة، د. ت، ص228 – 229؛ أمين الحلواني، خمسة وخمسون عامًا من تاريخ العراق (مختصر مطالع السعود للشيخ عثمان بن سند)، تحقيق وتعليق محب الدين الخطيب، المطبعة السلفية، القاهرة، 1371هـ، ص134.
[24] الفاخري، مصدر سابق، ص184؛ ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 293: ابن عيسى، مصدر سابق، ص109: محمد نخلة، مرجع سابق، ص35 – 36.
[25] فؤاد سعيد العابد، سياسة بريطانيا في الخليج العربي خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، مكتبة ذات السلاسل، الكويت، د. ت، ص73 – 74؛ محمد نخلة، مرجع سابق، ص43- 44.
[26] رحمة بن جابر العُتبي: قائد بحري انضوى تحت لواء الدعوة السلفية والدولة السعودية الأولى، فجعله الإمام سعود بن عبد العزيز على ناحية الدمام، والخوير في قطر، قارع الأسطول البريطاني كثيرًا حتى قتل في البحر عام 1242هـ/ 1826م في مواجهة مع آل خليفة، للتفصيل: ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 32 – 33؛ لوريمر، مصدر سابق، القسم التاريخي، 3/ 1424 – 1429.
[27] ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 32 – 33.
[28] ينتمي محمد بن مشاري بن معمر إلى أسرة آل معمر أمراء العيينة، عُزل والده عن إمارة البلدة عام 1173هـ/ 1760م، وآل معمر ينتمون إلى بني سعد من تميم، والإمام عبد العزيز بن محمد خال لأم محمد بن مشاري بن معمر، انظر: بشر، مصدر سابق، 1/ 294؛ حمد الجاسر، جمهرة، 2/ 776 – 784.
[29] العُيينة: إحدى البلدان النجدية التي تقع على وادي حنيفة، قرب الرياض، وهي بلدة قديمة، لها ذكر وشأن في التاريخ النجدي، برز من حكامها آل معمر. انظر: عبد الله بن محمد بن خميس، معجم اليمامة، مطبعة الفرزدق، الرياض، 1398هـ/ 1978م، 2/ 198 – 205.
[30] ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 294.
[31] تقرير عن أخبار منطقة نجد، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (16) بحر برا، وثيقة (57)، بدون تاريخ.
[32] سدوس بلدة صغيرة قرب مدينة الرياض، كانت تسمى قديمًا بـ«القرية» تقع أعلى وادي وتر. انظر: ابن خميس، مرجع سابق، 2/ 15 – 18.
[33] تقرير سبق ذكره، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (16) بحر برا، وثيقة (57)؛ ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 294.
[34] عبد الله بن محمد البسام، تحفة المشتاق من أخبار نجد والحجاز والعراق، مخطوط، نسخ بواسطة نور الدين شريبة عام 1375هـ، نسخة متداولة، ورقة 235؛ إبراهيم بن ضويان، تاريخ ابن ضويان، مكتبة الرشد، الرياض، 1416هـ/ 1995م، ص77؛ أحمد علي، آل سعود، دار العباد للطباعة والنشر، بيروت، 1376هـ/ 1957م، ص79.
[35] تقرير سابق، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (16) بحر برا، وثيقة (57).
[36] حريملاء: بلدة صغيرة شمال مدينة الرياض، لها ذكر في التاريخ النجدي انظر: ابن خميس، مرجع سابق، 1/ 317 – 322.
[37] الفاخري، مصدر سابق، ص185؛ سنت جون فلبي، تاريخ نجد ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، تعريب عمر الديراوي، ط2، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1418هـ/ 1997م، ص230.
[38] ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 294.
[39] تقرير سابق، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (16)، بحر برا، وثيقة (57).
[40] رسالة من ماجد بن عريعر إلى إبراهيم باشا، غير مؤرخة، دارة الملك عبد العزيز، برقم: 3/ 8 – 2.
[41] عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، محمد علي وشبه الجزيرة العربية، دار الكتاب الجامعي، القاهرة، 1401هـ/ 1981م، 2/ 25.
[42] رسالة من محمد بن عريعر إلى داود باشا، غير مؤرخة، الأرشيف العثماني، برقم: 19532 HAT.
[43] مَنْفُوحة: بلدة صغيرة تقع جنوب الرياض، وهي قديمة ينسب لها الشاعر الأعشى، وهي الآن أحد أحياء مدينة الرياض، لها ذكر في التاريخ النجدي. انظر: الحموي، مصدر سابق، 5/ 214؛ ابن خميس، مرجع سابق، 2/ 397 – 400.
[44] خليفة المسعود، مرجع سابق، ص96.
[45] ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 294؛ أحمد عبد الغفور عطار، صقر الجزيرة، ط3، مؤسسة عبد الحفيظ البساط، بيروت، 1399هـ/ 1979م، 1/ 196.
[46] تقرير سابق، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (16)، بحر برا، وثيقة (57).
[47] ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 294؛ عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، مرجع سابق، 2/ 8.
[48] ذكر فلبي أن علاقة الاحترام المتبادل بين ابن معمر وبين إبراهيم باشا أسهمت في توصل ماجد بن عريعر إلى هذه القناعة. انظر: فلبي، مرجع سابق، ص230 – 231.
[49] ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 294؛ مقبل بن عبد العزيز الذكير، العقد الممتاز في أخبار تهامة والحجاز، مخطوط، نسخة متداولة، مصورة من مكتبة الدراسات العليا بجامعة بغداد عام 1396هـ/ 1976م، ورقة رقم 57. وهناك عنوان آخر لهذه المخطوطة، وهو «طوق الحمامة في أخبار اليمامة».
[50] تقرير سابق، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (16)، بحر برا، وثيقة (57).
[51] المصدر نفسه.
[52] المصدر نفسه.
[53] رسالة من ماجد بن عريعر إلى إبراهيم باشا، غير مؤرخة، دارة الملك عبد العزيز، برقم: 2/ 4 – 4؛ تقرير سابق، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (16)، بحر برا، وثيقة (57).
[54] عرقة: بلدة صغيرة تقع بين الدرعية والرياض، على وادي حنيفة كانت تسمى قديمًا عوقة. انظر: ابن خميس، مرجع سابق، 2/ 190 – 191.
[55] تقرير سابق، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (16)، بحر برا، وثيقة (57).
[56] تقرير سابق، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (16)، بحر برا، وثيقة (57).
[57] رسالة سابقة، الأرشيف العثماني، برقم: 19532 HAT.
[58] المصدر نفسه: الفاخري، مصدر سابق، ص185 – 186؛ أحمد عطار، مرجع سابق، 1/ 196.
[59] ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 295؛
Winder, R. Bal: Saudi Arabia In The Nineteenth Century, New York, Martin, S Press, 1965, p. 50.
[60] ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 295، حافظ وهبة، جزيرة العرب في القرن العشرين، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1387هـ/ 1967م، ص231؛ عبد الرحيم عبد الرحمن، مرجع سابق، 2/ 9.
[61] محمد نخلة، مرجع سابق، ص49 – 50.
[62] رسالة سابقة، دارة الملك عبد العزيز، برقم: 2/ 4 – 4.
[63] ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 296.
[64] رسالة سابقة، دارة الملك عبد العزيز، برقم: 2/ 4 – 4 ؛ تقرير سابق، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (16)، بحر برا، وثيقة (57).
[65] رسالة من محمد علي باشا إلى قبو كتخدا، مؤرخة في 13 صفر 1236هـ، دار الوثائق القومية بالقاهرة، دفتر (7)، معية تركي، رقم الوثيقة (37)؛ رسالة من محمد علي باشا إلى الصدر الأعظم، مؤرخة في 13 جمادى الآخرة 1236هـ/ 18 مارس 1821م، دار الوثائق القومية بالقاهرة، دفتر (4)، معية تركي، رقم الوثيقة (180).
[66] هكذا وردت ويبدو أنها: يكسب.
[67] رسالة من محمد نجيب إلى محمد علي باشا، مؤرخة في 26 ربيع الأول 1236هـ/ 1 يناير 1821م، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (7)، بحر برا، رقم الوثيقة (72).
[68] عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، مرجع سابق، 2/ 13.
[69] رسالة من محمد علي إلى المعية السنية مؤرخة في 28 ربيع الأول 1236هـ، دار الوثائق القومية بالقاهرة، محفظة (7)، بحر برا، رقم الوثيقة (73)؛ رسالة من محمد علي إلى السلطان العثماني، غير مؤرخة، الأرشيف العثماني، برقم: HAT 19541.
[70] يلاحظ هنا أن الرسائل المتبادلة بين الدولة العثمانية وولاتها، وكذلك التقارير الواردة من القادة العسكريين في شبه الجزيرة العربية إلى رؤسائهم تبالغ كثيرًا في إبراز الجفاء واتساع الفجوة بين سكان الأقاليم في الجزيرة العربية وآل سعود، وهذا لا يحكي الواقع الحقيقي.
[71] رسالة سابقة، دار الوثائق القومية بالقاهرة، معية تركي، وثيقة رقم (37).
[72] رسالة سابقة، الأرشيف العثماني، برقم: HAT 19541.
[73] رسالة سابقة، دار الوثائق القومية بالقاهرة، بحر برا، وثيقة رقم (73).
[74] رسالة من محمد علي إلى الصدر الأعظم، مؤرخة في 9 محرم 1236هـ/ 17 أكتوبر 1820م، دار الوثائق القومية بالقاهرة، دفتر رقم (4)، معية تركي، رقم الوثيقة (154).
[75] عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، مرجع سابق، 2/ 26.
[76] الفاخري، مصدر سابق، ص187 – 188؛ ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 298 – 300.
[77] ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 300 – 302.
[78] رسالة من محمد علي باشا إلى محافظ المدينة، في 7 رجب 1237هـ/ 7 مارس 1822، دار الوثاق القومية بالقاهرة، دفتر رقم (10)، معية تركي، وثيقة رقم (190)؛ ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 306.
[79] رسالة من محمد علي باشا إلى مشعان بن هذال شيخ عنزة، مؤرخة في 4 ذي الحجة 1237هـ/ 22 أغسطس 1822م، دفتر رقم (10)، معينة تركي، رقم الوثيقة (352).
[80] العَرمة: سلسلة جبال قليلة الارتفاع مستطيلة من الشمال إلى الجنوب بطول ثلاثمائة كيلو متر تقريبًا، وهي تمتد من منطقة سدير إلى منطقة العارض، وأولها لا يبعد عن مدينة الرياض أكثر من 50 كيلو مترًا. انظر: ابن خميس، مرجع سابق، 2/ 145 – 146.
[81] الرُضيمية: مرتفع صغير في شمال الشوكي في منطقة العرمة. ابن خميس، مرجع سابق، 1/ 471.
[82] ذكر بعض المؤرخين النجديين هذه المعركة باسم «مناخ الرضيمية»، والمناخ هو المكان الذي تنوخ فيه الإبل، أي تربض فيه، والمناوخات مأخوذة من إناخة الإبل للحرب، وهو تعبير محلي استخدمه بعض مؤرخي نجد، انظر: البسام، مصدر سابق، الورقات، 16، 20، 22، 28، 29؛ الجاسر، جمهرة، 2/ 789.
[83] مصدر سابق، 2/ 17؛ البسام، مصدر سابق، ورقة 121.
[84] ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 17؛ صلاح الدين المختار، تاريخ الملكة العربية السعودية في ماضيها وحاضرها، مكتبة الحياة، بيروت، 1376هـ/ 1957م، 1/ 219.
[85] فلبي، مرجع سابق، ص240.
[86] عايض الروقي، حروب محمد علي في الشام، وأثرها في شبه الجزيرة العربية 1247 – 1255هـ/ 1831 – 1839م، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1414هـ، ص65.
[87] عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، علاقة ساحل عمان ببريطانيا، دارة الملك عبد العزيز، الرياض، 1402هـ/ 1982م، ص197.
[88] صلاح الدين المختار، مرجع سابق، 1/ 229.
[89] ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 32 – 33؛ محمد بن خليفة النبهاني، التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية دار إحياء العلوم، بيروت، 1406هـ/ 1986، ص 102 – 103.
[90] ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 32 – 33.
[91] حفر العتك (العتش): يقع قرب روضة التنهات على وادي الطيري، ويبعد عن الرياض 150 كيلو متر شمالًا، والآن أصبح قرية. انظر: ابن خميس، مرجع سابق، 1/ 333 – 335.
[92] ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 32؛ صلاح الدين المختار، مرجع سابق، 2/ 229، فلي، مرجع سابق، ص246.
[93] أم الجماجم: منهل مشهور، أصبح الآن قرية، شمال الأرطاوية، في الحدود الغربية من نفوذ الدهناء وكانت تسمى قديمًا «تعشار». انظر: ابن خميس، مرجع سابق، 1/ 111 – 112.
[94] ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 39؛ عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، مرجع سابق، 2/ 253؛
Winder, R: op. cit., p. 67.
[95] الفاخري، مصدر سابق، ص202؛ ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 45؛ فلبي، مرجع سابق، ص 249 إلا أن وايندر ذكر أن الهجوم قام به محمد بن عفيصان، والصواب أنه عمر كما ذكر ابن بشر.
Winder. R: Op. Cit., p. 75.
[96] حَرمة: إحدى بلدان منطقة سدير القديمة يلتقي عندها وادي الكلب والمشقر، وهي مجاورة للمجمعة. انظر: ابن خميس، مرجع سابق، 1/ 309 – 311.
[97] الفاخري، مصدر سابق، ص202؛ ابن بشر، مصدر سابق، 1/ 45؛ البسام، مصدر سابق، ورقة 128، ويذكر أن قتلى أهل حرمة ستة رجال.
[98] خليفة المسعود، مرجع سابق، ص196.
[99] عبد العزيز عبد الغني إبراهيم، نجديون وراء الحدود (العقيلات)، دار الساقي، لندن، 1991م، ص210.
[100](100) Winder R: op. cit, p. 75.
[101] الفاخري، مصدر سابق، ص202؛ ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 47 – 48.
[102] محمد نخلة، مرجع سابق، ص52.
[103] ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 48.
[104] ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 48 – 49؛ عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، مرجع سابق، 2/ 258.
[105] فلبي، مرجع سابق، ص249 – 250.
[106] محمد آل عبد القادر، مرجع سابق، 1/ 259.
[107] محمد نخلة، مرجع سابق، ص52.
[108] ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 48.
[109] لوريمر، مصدر سابق، (القسم التاريخي)، 3/ 1432؛ Winder, R.: op. cit. p. 76.
[110] علل ابن بشر سبب تسمية تلك المعركة بمعركة السبية لكثرة ما سُبي فيها من الأموال والأمتعة، انظر: ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 47؛ ولكن الفيروز آبادي ذكر أن السبي إنما يقع على النساء دون غيرهن. انظر: القاموس المحيط، ط3، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1413هـ/ 1993م، ص1668. بينما ذكر ابن عيسى أن السبية اسم للموضع الذي وقعت فيه المعركة. انظر ابن عيسى، مصدر سابق، ص116.
[111] لوريمر، مصدر سابق، (القسم التاريخي)، 3/ 1432م؛ عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم، مرجع سابق، 2/ 258.
[112] ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 49؛ محمد نخلة، مرجع سابق، ص53 – 54؛ فلبي، مرجع سابق، ص250 – 251.
[113] ابن بشر، مصدر سابق، 2/ 50؛ محمد آل عبد القادر، مرجع سابق، 1/ 260.
المصدر: التركي، عبدالله إبراهيم علي. ( 2012 ). موقف زعماء بنى خالد من التطورات السياسية فى نجد 1233 – 1245 هـ / 1818 – 1830 م. الدارة، مج 38، ع 3، ص ص 155 – 196.