بقلم: حمد الجاسر
الأخيضريون في اليمامة
قُلتُم عن الأُخيضريين في كتاب: (مدينة الرياض عبْرَ أطوار التاريخ، من منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر، ص 76) وَجّرَتْ وقعة بينهم – القرامطة – وبين الأُخيضريين في اليمامة سنة 317هـ من أعنف الوقعات، قُتِل فيها عدد من مشاهير الأُخَيضريين، ولهذا فكثير من المؤرخين يحددون زمن هذه المعركة أو قريباً منه – زوالاً لبني الأخيضر من حكْم اليمامة، إلَّا أن هناك من النصوص التاريخية ما يثبت امتداد زمن حكمهم إلى منتصف القرن الخامس. انتهى.
الأخيضريون في اليمامة
ولكن الأستاذ عبد الله بن يوسف الشبل. المدرس في (كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية) نشر في مجلة تلك الكلمة – ج 6 ص 459 سنة 1396هـ بحثاً مطولاً عن (الدولة الأخيضرية) خلص منه إلى القول بعدم استيلاء القرامطة على اليمامة، وها هو نص كلامه:
” ولعلنا نستطيع تعليل عدم سيطرة القرامطة على منطقة نفوذ بني الأخَيْضِر، بما يأتي:
– الأخيضريون والقرامطة يلتقون – معاً – في المذهب العقائدي وهو التشيع، وفي الكره لآل العباس واعتبارهم معتدين على الخلافة.
– الأخيضريون يتفقون مع القرامطة في الأهداف وهي الخروج على العباسيين وإقامة دويلات مستقلة عن خلافتهم، ومن هنا كانت العلاقة الودية بين زعيمي الحركتين التي سبقت الإشارة إليها.
– أن القرامطة لو حاربوا الأخيضريين لفتحوا على أنفسهم جبهة ثانية على حين أن الخطر مأمون من هذه الجبهة بل ربما رأى القرامطة في بقاء هذه الدويلة مصلحة لهم باعتبارها درعاً يقيها خطر العباسيين الآتي من الحجاز فيما لو فكر بنو العباس بغزوهم من طريق الحجاز”. انتهى كلام محمد بن حسين آل حسين
كما أورد نصوصا عن عدد من المؤرخين، وكلها تشير إلى استمرار حكم الأخيضريين في اليمامة، أثناء استمرار حكم القرامطة في الأحساء، ولا شكَّ أنكم اطلعتم على تلك النصوص، كما اطلعتم على قول المسعودي في (مروج الذهب)، في كلامه على بلاد اليمامة حيث قال: “وهذا البلد في هذا الوقت وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة بيد ولد الأُخيْضر الْعَلَويّ، وهو من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب” انتهى.
والمقصود ذكر النَّصّ الذي أشرتم إليه عن حرب الأخيضريين مع القرامطة.
استوضحت الأُستاذ الكريم عبد الله بن يوسف الشبل، عما يراه في الموضوع، فأفضل بكتابة هذا الكتاب الذي أٌثبته بنصه، بعد استئذانه بحذف ما أضفى عليَّ – فَضْلاً منه وحُسْنَ ظنّ – من صِفَاتٍ حميدةٍ، وهكذا ذوو الفضل يصفون غيرهم بما هم أحقُّ به من نُبْلٍ وفَضل وأخلاق كريمة.
وأود أن أشير إلى لقائي بفضيلتكم أثناء انعقاد المؤتمر الجغرافي الإسلامي الأول الذي تنظمه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتفضلكم باطلاعي على صفحات من مخطوطة كتاب (عمدة الطالب في نسب آل طالب) التي سبق أن أهديتموها لمكتبة الرياض السعودية، ورغبة فضيلتكم إبداء وجهة نظري فيما أورده صاحب المخطوطة من أن الأخيضرين قد هزموا في حربهم مع القرامطة سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة للهجرة، مما قد يوحى بقضاء القرامطة على الأخيضرين على أساس أن هذا يتعارض مع ما أُبْدَيْتَهُ من رَأي في مقالتي التي نشرتها مجلة كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية في عددها (السادس) 1396ه عن الدولة الأخيضرية، من أن حكم الأخيضرين قد استمر حتى بعد منتصف القرن الخامس الهجري، وخلاصة رَأيي فيما كتبه صاحب المخطوطة، مايأتي:
ذكر أن الأمير اسماعيل بن يوسف بن محمد الأخيضر كان من بين من قُتِلوا في حرب الأخيضرين مع القرامطة سنة 313م وهذا يتعارض ما ذكره السعودي (التقبيه والاشراف) ص ۳۳۰، ۳۳۱ من أن اسماعيل بن يوسف كان حياً عام 315هـ، وقد ربط ذلك بواقعة تاريخية وهي هجوم القرامطة على الكوفة واستيلائهم عليها حيث كان يرافق أبا طاهر سليمان بن حسن الخبابي، وأنه عندما أراد أن يعود إلى قاعدة حكمه في الأحساء عهد بإمرة الكوفة إليه، وتؤيد (دائرة المعارف الإسلامية ) ج ٢، ص 465 ذلك وتضيف أنه عينه عاملًا من قبله على الكوفة، مما يؤكد عدم قتله في المعركة المشار إليها.
أضافت المخطوطة اسم أميرين من الأخيضرين هما: محمد بن أحمد بن الحسن بن يوسف بن محمد – الأخيضري، ومحمد بن جعفر بن أحمد بن الحسن بن يوسف .. الخ، مما يدل على استمرار حكم الأخيضرين بعد حربهم مع القرامطة.
لذا فإني في ضوء المصادر والمراجع المتوفرة بأيدينا الآن، لا أزال أرى استمرار بقاء حكم الأخيضرين لليمامة حتى بعد منتصف القرن الخامس الهجري – كما أوضحته في المقالة المشار إليها – ولعله يمكننا الجمع بين النصوص التي ظاهرها التعارض، والتي يدل بعضها على أن المنطقة دخلت تحت حكم القرامطة (كابن الجوزي في المنتظم ج 6 ، ص ۲۸۸، وابن خلدون: العبر طبعة بولاق جـ 4، ص ۹۸) في أن الأخيضرين مروا بفترة ضعف نتيجة لعنف هجمات القرامطة عليهم فأخضعوهم لحكمهم؛ إلا أنهم ظلوا أمراء على المنطقة من قبل القرامطة، فلما هزمت دولة القرامطة في القرن الخامس الهجري استطاع الأخيضريون أن يستقلوا عنهم وأن يَسْتعيدوا قُوَّتَهُم كما يؤيد ذلك النص الذي أورده ناصر خسرو في كتابه (سفرنامه) ص ١٤١، ١٤٢- عندما زار منطقة اليمامة. انتهى ماردت إيراده من كتاب الأستاذ الكريم عبد الله بن يوسف الشبل.
أما يوسف الأمير بن محمد بن يوسف الأخيضر بن إبراهيم بن موسى الجون فأعقب من ثلاثة رجال إسماعيل قتيل القرامطة ويكنى أبو ابراهيم، وأبو محمد الحسن، وأبو عبد الله محمد يدعى زغيباً أما أبو عبد الله محمد زغيب ابن يوسف بن محمد فعقبه كثير منتشر.
وأما أبو محمد الحسن بن يوسف بن محمد فأعقب من رجلين وهما أبو جعفر أحمد أمير اليمامة وعبد الله الملقب فروخا.
الأخيضريون في اليمامة
ويحسن أيضاً إيراد أوفي نَصٍ اطلعت عليه عن الأُخيضريين، وفيه تصريح بحروبهم مع القرامطة، من كتاب (عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب) تأليف أحمد بن علي ابن الحسن بن مُهَنَّا المعروف بابن عِنَبَة، والكتاب مطبوع؛ إلا أنني رجعت إلى مخطوطة كنت أهديتها للمكتبة السعودية العامة في الرياض – وهي رديئة الخط، كثيرة التحريف، ورقمها في تلك المكتبة (٥3 / ٨٦). قال ابن عِنَبَةَ: في كتاب (عمدة الطالب في نسب آل أبي طالب):
“وأعقب يوسف الأخيضرين ابراهيم بن موسى الجون من ثلاثة الأمير أبو عبدالله محمد صاحب اليمامة يعرف بالأخيصر الصغير وأبو الحسن إبراهيم وأبو جعفر أحمد وكان له أولاد آخر منهم الحسن بن يوسف ظهر بالحجاز فقتله بنو العباس بمكة، ومنهم اسماعيل بن يوسف ظهر بالحجاز وغلب على مكة أيام المستعين وغوّر العيون واعترض الحجاج فقتل منهم جمعاً كثيراً ونهبهم ونال الناس بسببه بالحجاز جهد كثير ثم مات على فراشه فجأة في ربيع الأول سنة اثنين وخمسين ومأتين ولا عقب له. وقام أخوه محمد بن يوسف بعد وفاته وأزرى على فعله في السفك والنهب والفساد فأرسل المعتز أبا السّاج الأشروس في عسكر ضخم فهرب محمد منه وسار إلى اليمامة فملكها، وملكها أولاده بعده هناك يقال لهم الأخيضريون وبنو يوسف أيضاً وولد الأمير أبو عبد الله محمد بن يوسف صاحب اليمامة اثنى عشر ابنا أعقب منهم ثلاثة وهم يوسف الأمير، وفيه البيت والعدد، وابراهيم وأبو عبد الله محمد بن محمد قتيل القرامطة قتل هو وبنو اخيه إسماعيل وإبراهيم وإدريس الأكبر والحسن بنو يوسف بن محمد بن يوسف الأخيضر سنه ثلاث عشرة وثلاث مئة في موضع واحد حَامَى بعضهم عن بعض وقد كان صالح بن يوسف أعقب وانتشر عقبه ولكنه انقرض.
أعقب أبو جعفر أحمد أمير اليمامة من رجلين وهما أبو عبد الله محمد الأمير وأبو المقلد جعفر بلقب عبريه (؟) له عقب كثير.
أما أبو عبد الله محمد الأمير ابن أبي جعفر احمد ابن الحسن بن يوسف فأعقب من ولديه أحمد وعبد الله لكل منهما ولد.
وأما أبو المقلد جعفر بن أبي جعفر أحمد ابن الحسن بن يوسف فأعقب من خمسة رجال محمد الأمير وعلي والحسن ومقلد وجعفر بن جعفر.
وأعقب عبد الله الملقب فروخاً من إبراهيم الملقب بعيثار وعيسى لهما أولاد وأولاد وأولاد.
فمن ولد إبراهيم ابن عبد الله فروخ عيثار بن الثقفية وهو ابن الحسن ابن ابراهيم ابن فروخ.
ونقل الشيخ أبو الحسن العمري عن أبي الحسن الإشناني النسابة في الحسن ابن إبراهيم غَمْزٌ والله أعلم سبحانه.
وأما أبو إبراهيم إسماعيل قتيل القرامطة ابن يوسف بن محمد بن يوسف الأخيضر وقد ولي إسماعيل أمر اليمامة.
قال الشيخ أبو الحسن العُمَرَيُّ: ووجوه الأخيضريين اليوم من ولد إسماعيل وأعقب من رجلين صالح أمير اليمامة وأحمد الملقب حميدان يكنى أبا جعفر وقال ابن طُبَاطُبا أبا (؟) الضحاك: أما صالح بن إسماعيل فله محمد بن صالح ولمحمد بن صالح عبد الله يعرف بالجوهرة وله ولد وأخوه (؟).
وأما أبو جعفر احمد الملقب حُميدان فله عقب كثير يقال لهم بنو حُميدان ومنهم بنو الإكين، وهو أبو الفضل بن حميدان وبنوا الألف (؟) وهو أبو العسكر بن حميدان، ومنهم الحسن بن حميدان من ولده معبد ابن الحسن، وذو الزنار الفقيه العالم المتكلم الضرير المكنى بأبي الصَّمْصام في قول مَنْ يُصحُّ نسبة بن محمد ابن معبد هذا والله أعلم.
ومنهم محمد بن حميدان له بقية بالعراق، آخر ولد يوسف الأمير ابن محمد ابن يوسف الأخيضر ابن إبراهيم ابن موسى الجونا بن عبد الله ابن الحسن بن الحسن ابن على ابن أبي طالب عليه السلام.
وأما ابراهيم بن محمد بن يوسف الأخيضر فأعقب على ما قال ابن طُبَاطُبَا: أربعة رجال وهم صالح أعقب من رجلين محمد له أولاد وأولاد أولاد. وإبراهيم له ولدان محمد وأحمد ولهما أولاد وحميدان اسمه أحمد، ومحمد. فمن أحمد حميدان صالح الدنداني القصير بن نعمة بن محمد بن أحمد المذكور لقبه أبو نصر البخاريُّ ولآه العمريُّ سنة خمس وثلاثين وأربع مائة.
ومنهم سليمان ويُسَمّى سالماً ابن إسماعيل ابن أحمد المذكور أولد، وأنكر ولده بنوا الأخَيْضِر.
وأما أبو عبد الله محمداً بن محمد بن يوسف قتيل القرامطة فأعقب من ولديه يوسف ورحمة أبو يوسف لهما أولاد.
وأما رحمة بن محمد فولده أحمد ابن رحمه له أولاد باليمامة، وخرج إلى خراسان وأما أبو الحسن ابن يوسف الأخيضر بن إبراهيم فأعقب من رجل واحد وهو رحمة أمه فاطمة بنت إسحاق ابن سليمان بن عبد الله الجون. وأعقب رحمة من أحمد بن رحمه؟ لهما أولاد وانتشار.
ومن الحسين ابن رحمه له أولاد ولأولاده أولاد.
ومن إسماعيل بن رحمه له أولاد ولأولاده. أولاد.
وأما أبو جعفر أحمد بن يوسف الأخيضر بن إبراهيم فأعقب من رجلين يوسف وأبو عبد الله (؟) أما عبد الله فعقبه في الحجاز وأعقب من رجل واحد هو محمد ابن عبد الله.
وعَقب يوسف باليمامة، وكان له إبراهيم ومحمد وهو الذي يقال له الغرقاني نودي عليه ببغداد وتبرأ من النسب فَوَجَّهَ إليه أخوه إبراهيم ابن يوسف رسولاً قاصداً فحمله إلى اليمامة.
قال الشيخ العُمريُّ: وهذا يدل على صحة نسبة وله عقب هناك.
وقال الشيخ أبو عبد الله ابن طباطبا الحسني سألتُ أهل اليمامة من العلويين عن هذا البيت فلم يعرف رفه أحَداً منهم ولا ذكروا بقية لهم حدثني الشيخ المولى السيد العلامة الفقيه تاج الدين أبو عبد الله بن مُعَيَّةَ الحسني أنَّ إبراهيم ابن شُعيب اليوسفي حدثه أن بني يوسف الأخيضر عامر وعامد. نحو من ألف فارس يحفظون شرفهم، ولا يدخلون، فيهم غيرهم ولكنهم يجهلوا أنسابهم ويقال لهم بنو يوسف.
آخر ولد يوسف الأخيضر، وهم آخر ولد ابراهيم ابن الجون والله أعلم. انتهى
الأخيضريون في اليمامة
المصدر: الأخيضريون في اليمامة/ حمد الجاسر. الرياض: مجلة العرب، دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر. مجلد 14، عدد يوليو – شعبان 1979م، 1399هـ. ص ص 102 – 108.